لاعبون أداروا ظهرهم للوطن "الأمّ"..بين الفشل والنّدم

بواسطة messaoud.allel , 29 مارس 2020

الكاتب: مسعود علّال

أضحى اللاعبون مزدوجو الجنسية هدفا للكثير من المنتخبات، خاصة على مستوى المغرب العربي والقارة الإفريقية، وذلك لما توفّره هذه الفئة من اللاعبين من جودة وقيمة مضافة بالنظر لتنشئتها الجيدة في مختلف المدارس الأوروبية، ومساهمتها في تصدّر منتخبات مثل الجزائر والمغرب وتونس المشهد الكروي العربي والإفريقي في السنوات الأخيرة من خلال مشاركتها في كأس العالم، بينما نالت الجزائر اللقب الإفريقي بمصر في صيف العام الماضي.

وفي غمرة محاولات الاتحادات العربية خاصة المغاربية منها، منذ مطلع الألفية لضم اللاعبين المولودين في أوروبا من أصول عربية، ورغم استجابة الكثير منهم لنداء "الوطن الأمّ"، إلا أن هناك حالات كثيرة للاعبين فضّلوا التحدّي الرياضي مع منتخبات فرنسا وهولندا وبلجيكا وألمانيا على حساب بلد الأجداد.

 وإذا كان بعض هؤلاء اللاعبين قد حقق النجاح المأمول على غرار زين الدين زيدان ذي الأصول الجزائرية مع منتخب فرنسا، وسامي خضيرة ذي الأصول التونسية مع ألمانيا حيث توجا بكأس العالم، إلا أن لاعبين آخرين فشلوا فشلا ذريعا بل ومنهم من أصبح "يعضّ" أصابع الندم على اختياره تمثيل منتخب بلد المولد على حساب منتخب بلد أجداده.

بنزيمة ونصري والخروج من "النافذة"

يبرز اللاعبون من أصول جزائرية ولدوا في أوروبا بشكل خاص، من خلال ظهور العشرات منهم خاصة بفرنسا، وإذا كان لاعبون مثل رياض محرز وسفيان فيغولي وياسين براهيمي وفوزي غلام وقبلهم عنتر يحي وكريم زياني، اختاروا الجزائر عن قناعة وحب ونجحوا إلى حد ما في مشوارهم مع الجزائر، فإن آخرين مثل كريم بنزيمة وسمير نصري وكمال مريم وربما حتى نبيل فقير، لم تكن مغامرتهم مع منتخب فرنسا في مستوى طموحاتهم وأحلامهم.

 فقد خرج نصري من المنتخب من الباب الضيق، بينما لم يلعب كمال مريم سوى 3 مباريات فقط مع "الديوك"، وبالرغم من تتويج فقير بكأس العالم مع فرنسا صيف العام 2018، إلا أنه يبقى لاعب احتياط وخيارا ثانويا للمدير الفني ديدييه ديشامب، خاصة وأنه ظل عرضة لإصابات متلاحقة، جعلت قيمته السوقية تنخفض كثيرا.

وبالنسبة لبنزيمة فقد غادر "الديوك" من الباب الضيق، بسبب الحادثة الشهيرة مع زميله السابق ماتيو فالبوينا، وهو يقوم من حين لآخر بمغازلة الجزائر ومنتخب "المحاربين" عبر تغريداته وتصريحاته ومنشوراته المثيرة للجدل، مبرزا رغبته في تغيير جنسيته الرياضية.

وهناك فئة أخرى من اللاعبين اعتذروا عن قبول اللعب للجزائر بسبب عدم إحساسهم بـ"الانتماء" في صورة بنجامين اسطمبولي ورومان حمومة، اللذين يملكان فعلا أصولا جزائرية لكن لا علاقة لهما أبدا بهذا البلد، إلا أن مشاركتهما مع فرنسا لم تتعدّ حدود منتخبات الشبان.

مشوار محبط

وفي تونس برز جيل جديد من اللاعبين مزدوجي الجنسية، الذين اختاروا اللعب لـ"نسور قرطاج" بدافع الولاء لبلد الأجداد على غرار وهبي الخزري ونعيم السليتي وإلياس السخيري، وحمزة رفيعة وجيريمي دودياك وسليم الخليفي وعمر العيوني وديلان برون، امتدادا للاعبين آخرين سبقوهم في ذلك أمثال: حسين الراقد وشوقي بن سعدة ولاري عزوني، مارك اللمطي وأنيس بن حتيرة.

Image removed.
راني خضيرة رفض تونس وفضّل ألمانيا(Getty)

وفي المقابل رفض لاعبون آخرون اللعب لتونس مثل صبري لموشي الذي حضر مرة واحدة مع "نسور قرطاج" في مباراة ودية، وبقي على دكة الاحتياط قبل أن يغيّر رأيه ويلعب لفرنسا، إلا أن تجربته كانت فاشلة فقد خاض بين عامي 1996 و2000، اثنتي عشرة مباراة فقط وسجل هدفا ولم يتوج بأي لقب، وحاتم بن عرفة الذي انتقل إلى نادي بلد الوليد الإسباني في الشتاء الماضي، وهو ابن لاعب دولي تونسي سابق من أم فرنسية من أصول تونسية.

ولعب حاتم الذي رفض المشاركة مع تونس في مونديال ألمانيا 2006، لمنتخبات الشبان بفرنسا منذ العام 2002، قبل أن يلتحق بالمنتخب الأول ويلعب معه ما بين 2007 و2015، حيث شارك في 15 مباراة فقط وسجل هدفين وكانت مغامرته أيضا متواضعة، إذ لم يحقق أي لقب عدا بطولة أمم أوروبا للشبان 2004، رفقة جيل من اللاعبين ضم كريم بنزيمة وجيريمي مينيز وسمير نصري.

وإذا كان سامي خضيرة الذي اختار ألمانيا على حساب تونس، قد نال كأس العالم مع "المانشافت" عام 2014، فإن مشوار شقيقه الأصغر راني (26 سنة) مع ألمانيا لم يكن موفقا، حيث اكتفى فقط باللعب مع منتخبات الشبان دون أن ينضم للفريق الأول، كما أن لاعبا متميزا مثل وسام بن يدر لاعب موناكو الفرنسي، لم يحقق النجاح المأمول مع "الديوك" بالرغم من الدعوات التي تلقاها للانضمام لنسور قرطاج.

 وبدأ وسام مشواره مع فرنسا عام 2012 بمنتخب الصالات ولعب رفقته 6 مباريات وسجل 3 أهداف ثم انضم إلى فريق الآمال ولعب معه 3 مباريات قبل أن ينضم للمنتخب الأول بداية من العام 2018، لكنه لم يشارك في مونديال روسيا وكان ذلك بمثابة صدمة وخيبة بالنسبة له، بينما فشل نسيم بن خليفة فشلا ذريعا مع منتخب سويسرا، الذي وبالرغم من اختياره له على حساب تونس عام 2010، إلا أنه لم يخض معه سوى 4 مباريات لتنتهي مسيرته الدولية مكبرا.

ولم تكن مسيرة ستيفان الشعراوي ذي الأصول المصرية، مع منتخب إيطاليا بنفس الآمال التي كانت معقودة عليه بصفته كان أحد المواهب البارزة في "الكالتشيو"، ورفض الشعراوي المولود لأم ايطالية وأب مصري، اللعب لمنتخب "الفراعنة" وفضل إيطاليا، إلا أن مشواره كان متواضعا جدا، حيث لم يخض في الفترة ما بين 2012 و2017 سوى 25 مباراة وسجل 4 أهداف.

"كابوس" الحدّادي

وبالنسبة للمنتخب المغربي، فقد رفض الكثير من اللاعبين مزدوجي الجنسية الانضمام إليه في وقت سابق، مفضلين بلد مولدهم وأبرزهم إبراهيم أفيلاي، خالد بولحروز ومحمد احتارين وآدم ماهر وزكريا البقالي وأنور الغازي مع هولندا، ومروان فيلايني وناصر شادلي مع بلجيكا، وعادل رامي وماتيو القندوزي مع فرنسا، وكريم بلعربي مع ألمانيا وطارق اليونسي مع النرويج، وآدم ماسينا مع إيطاليا.

Image removed.
الحدادي فضّل اسبانيا وندم على عدم اللعب للمغرب(Getty)

وإذا كان كل من بولحروز وفيلايني وشادلي وعادل رامي، حققوا مشوارا جيدا مع هولندا وبلجيكا وفرنسا تواليا، خاصة رامي المتوج في صيف العام 2018 بلقب كأس العالم، فإن مسيرة بقية اللاعبين كانت مخيّبة جدا، ولم تتعدّ حدود اللعب لمنتخبات الشبان، أو الاكتفاء بموقع لاعب الاحتياط.

وتبقى أكبر خيبة من نصيب منير الحدادي لاعب برشلونة الأسبق، الذي تلقى صدمة قوية عصفت بمشواره الدولي، فبعد اختياره اللعب لإسبانيا على حساب المغرب، تمت دعوته بالفعل لصفوف "لاروخا" عام 2014،

وكان وقتها ثالث أصغر لاعب يشارك مع المنتخب الأول في تاريخ إسبانيا، ولعب الحدادي بديلا في مباراة مقدونيا بتصفيات "يورو 2016"، وصرح وقتها بأنه فخور باللعب لإسبانيا وبأن ذلك كان حلما، قبل أن يتحول هذا الحلم إلى كابوس بعد أن خرج تماما من حسابات المنتخب الإسباني، وحاول الحدادي رفقة الجامعة المغربية لكرة القدم تدارك الوضع وطلب تغيير جنسيته الرياضية إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل.

 

Image
binationaux.png
Caption
نصري وبن عرفة والحدادي رفضوا اللعب لبلدانهم الأصليّة