الكرة الليبية.. صراع ضد "النظام" ونفض لغبار "الحرب"

بواسطة amal.belhaj , 13 يوليو 2020

أمال بلحاج

 

تعيش كرة القدم الليبية منذ زمن بعيد سنوات من العذاب والمعاناة، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلد، والتي تؤثر سلباً في اللعبة؛ سواء تعلق الأمر بالسير العادي للمنافسات المحلية أو المنتخب اللبيبي، أو حتى اللاعبين الراغبين في الهروب من الأوضاع المزرية والتوجه إلى أحد الدوريات الأخرى بهدف الاحتراف، وهو ما يزيد أزمة الكرة الليبية، على الرغم من محاولاتها تجاوز كل أزماتها ورسم الابتسامة على وجه الشعب الليبي المتضرر.

 

وظلت المستديرة الليبية تصارع طيلة السنوات الماضية من أجل البقاء وكسب معركة "الحرب"، لدخول المشهد الكروي العربي ومنافستها باقي الدول العربية التي تظل منتعشة كروياً في ظل استقرار أوضاعها، على عكس كرة القدم الليبية التي ظلَّت تعاني من المشكلات والأوضاع المزرية، الأمر الذي جعلها تحارب على مجموعة من المستويات؛ عن طريق تجاوز عرقلة النظام خلال وقت سابق والصمود في الحرب، أو الأزمات المالية التي تتخبط بها.

 

وتعاني كرة القدم في ليبيا إجمالاً من مجموعة من المعوقات طيلة السنوات الماضية؛ إذ في الوقت الذي تحاول فيه الدول الأخرى الصمود فقط في وجه الأزمات المالية التي تضرب الأندية والاتحادات، تحاول الكرة الليبية الصمود في عز الحرب والدمار من أجل تشريف راية البلد في الاستحقاقات والمنافسات الأجنبية. ويستعرض موقع "WinWin" بعض المعوقات التي شلَّت حركة المستديرة في ليبيا:

 

 

القذافي والرصاص.. حرب ضد الكرة

 

كان الرئيس الراحل القذافي أول المحاربين لكرة القدم في ليبيا؛ إذ لم يكن يتحمل مشاهدة مدرجات الملاعب مملوءة بالجماهير لمتابعة مباريات الأندية والمنتخبات، على اعتبار أن الأمر لا يعد إلا وسيلة للهو، ويتعارض كذلك مع ما جاء في كتابه الأخضر، حسب رأيه، إذ كان يمنع آنذاك الأندية والمنتخبات من المشاركة في المسابقات الخارجية، وهو ما جعل المستديرة تتخبط خلال سنوات وجوده على كرسي الرئاسة، قبل أن يكسر أبناؤه كل القواعد ويدخلون الدوري من بابه الواسع؛ إذ أصبح نجله محمد لاعباً أساسياً بنادي الأهلي، ثم رئيساً للاتحاد الليبي.

 

وعانى الجمهور الليبي خلال فترة حكم القذافي من القمع والضرب؛ إذ لم يسلموا من إطلاق الرصاص عليهم خلال كل مباراة يتابعونها من المدرجات، كما كان من أشد المعارضين لنجاح كرة القدم في ليبيا بأي شكل من الأشكال، إلى أن دخل أبناؤه المجال من باب الممارسة؛ إذ رفع آنذاك يده عن الشؤون الرياضية، ووضع مفتاح التسيير بين أيديهم، ليتحول نجله محمد القذافي إلى مسير للمستديرة بالبلد.

 

"الحرب" تقسم تدريبات المنتخب شرقاً وغرباً

 

يعد منتخب "فرسان المتوسط" الأكثر تضرراً من تدمر الكرة الليبية؛ إذ تضعه الحرب في موقف لا يُحسد عليه، وتضطره إلى خوض تدريباته بشكل مقسم بين الشرق والغرب؛ إذ يتدرب الجزء الأول من المجموعة غرباً بملعب طرابلس، والجزء الثاني في مدينة بنغازي، والمسافة بينهما 1000 كلم، أما البقية، فهم غير قادرين على دخول ليبيا، ليواصلوا بذلك تدريباتهم في دول احترافهم، وهو ما يجعل المنتخب بعيداً عن تحقيق أي إنجازات في المسابقات الخارجية.

 

"بالتأكيد يؤثر ذلك فينا بشكل سلبي، فالأهم في كرة القدم هو التجانس، وأن يرى اللاعبون مدى انسجامهم وتفاهمهم، لكن للأسف ظروف الحرب أجبرتنا على هذا التقسيم"، يشرح يونس الكزة عضو المكتب التنفيذي باتحاد كرة القدم الليبي، في تصريحات صحفية سابقة، مدى تأثرهم بالوضع في الدولة؛ ما يجعلهم منقسمين وغير قادرين على خوض تدريباتهم كلها وبشكل عادي كباقي أندية العالم.

 

إلغاء الدوري والأندية "رحالة"

 

يظل الدوري الليبي غير مستقر على مستوى البرمجة والمواعيد، في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلد؛ إذ أُلغيَ قبل نهاية الموسم مراراً لأسباب مختلفة، ومنذ انطلاقة الدوري أول مرة موسم 63-64، لعب في 45 نسخة مكتملة فقط، فيما أُلغي باقي المواسم، آخرها الموسم الحالي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)؛ إذ لا يزال الاتحاد متردداً حول العودة إلى المنافسة من جديد واستكمال الموسم مرة أخرى كباقي دوريات العالم، أو الإبقاء على قرار إيقافه.

 

وتعيش الأندية الليبية وضعاً غير مستقر هي الأخرى؛ إذ تضطر إلى السفر خلال كل مشاركة إفريقية، لاستقبال ضيوفها في مصر أو تونس، لعجزها عن اللعب في الملاعب الليبية بسبب الحرب، وهو ما يؤثر سلباً؛ سواء من الجانب المالي؛ إذ تتضاعف تكاليفها من خلال زيادة مصاريف السفر والإقامة، أو على المستوى التقني؛ إذ يتعرض اللاعبون للإعياء والإرهاق بسبب كثرة التنقلات للعب مبارياتهم سواء في الذهاب أو الإياب.

 

الطيور المهاجرة.. تألُّق من رحم المعاناة

 

يحاول اللاعبون المحترفون إنقاذ الكرة الليبية من خلال تألُّقهم بشكل لافت برفقة الأندية التي يمارسون بها؛ إذ تسطع أسماء مجموعة من العناصر في الخارج سواء في أوروبا أو الدوريات العربية، ويتعلق الأمر باللاعب أحمد بن علي (مهاجم كروتوني الإيطالي) الذي قاد فريقه للفوز مؤخراً، واللاعب محمد صولة الذي يساعد ناديه الدفاع البحريني على تحقيق الانتصارات، واللاعب المعتصم المصراتي الذي كسب مكانة أساسية في تشكيلة ريو آفي البرتغالي، بالإضافة إلى الورفلي مدافع الرجاء البيضاوي الذي يبلي بلاء حسناً.

Image
war-libya.png

Tags

Caption
كرة القدم الليبية (Getty)