محمد خيري الجامعي
تُعد كرة اليد من الألعاب الجماعية ذائعة الصيت وهي اللعبة الشعبية الثانية في العديد من الدول، لذلك تسعى الدول العربية إلى إيجاد موطئ قدم لها ضمن خارطة اليد العالمية رغم كل المتاريس التي تعترضها، في ظل منافسة كبيرة من كبار اللعبة، وكذلك تذبذب في أداء اليد العربية التي تفتقد للاستمرارية على مستوى الإنجازات العالمية. وعرفت بعض المنتخبات العربية في كرة اليد إشعاعا عالميا، وقامت بتسجل نتائج لافتة جعلتها في بعض الفترات ضمن كوكبة الصدارة العالمية، على غرارمنتخبات قطر وتونس ومصر.
اليد العربية شهدت فترات تذبذب تراوحت بين الإقلاع والتفوق عالميا، وبين الخمول والجمود والتراجع، وهو ما يبين حالة من عدم الاستمرار في ثقافة المنتخبات العربية، وغياب استراتيجية واضحة لرسم ملامح النجاح الدائم ومنافسة المنتخبات الكبرى بندية وجاهزية في التظاهرات الرياضية.
غياب الاستمرارية
حققت العديد من المنتخبات العربية إنجازات ظلت راسخة في تاريخ كرة اليد، وأهم هذه النتائج حققها المنتخب القطري لكرة اليد، الذي حقق المركز الثاني في بطولة كأس العالم سنة 2015 التي استضافتها الدوحة، وهو أفضل إنجاز عربي في تاريخ كرة اليد في بطولة العالم.كما هيمن المنتخب القطري على بطولة آسيا لكرة اليد في النسخ الثلاث الماضية من سنة 2014 إلى سنة 2018، ما يبين الهيمنة العربية على هذه البطولة، لكن على المستوى العالمي في بطولات كأس العالم الأخيرة تراجع ترتيب المنتخب القطري مقارنة بإنجاز سنة 2015.
أما المنتخب التونسي لكرة اليد الأكثر تتويجا ببطولة إفريقيا والمنتخب العربي الأكثر هيمنة القارة السمراء، فإنه منذ جيل المبهر سنة 2005 الذي حقق المرتبة الرابعة عالميا، في بطولة العالم التي أقيمت حينها في تونس، لم يرتق مستواه في البطولات العالمية والألعاب الأولمبية إلى المستوى المأمول بل ظل حبيس إنجاز 2005، مع تراجع الأداء وغياب الأسماء البارزة التي صنعت مجد كرة اليد التونسية.
المنتخب المصري العتيد بدور انطفأت شعلته العالمية، وصارت مشاركته شكلية ، ولم ترتق إلى المستوى الكبير الذي يطمح المصريون إلى الوصول إليه وتحقيقه، ومنذ تحقيق المرتبة الرابعة عالميا سنة 2001، لم يقدر الفراعنة على تحقيق نتيجة أفضل من ذلك على مدة 20 عاما. ولم تنجح المنتخبات العربية في تسجيل أي إنجاز يُذكر ضمن منافسات كرة اليد في الألعاب الأولمبية.
معضلة الشبان
تتميز المنتخبات العربية في كرة اليد بعطاء كبير وغزير في أصناف الشبان، لكن هذه الشعلة المتقدة تخبو سريعا، ويعجز الجيل عن استكمال إنجازاته ومقارعة الكبار. حققت يد العرب في الأصناف الشابة نتائج جيدة في العديد من البطولات العالمية، وحفرت اسمها في تاريخ كرة اليد العالمية، لكن السؤال الذي يطرج نفسه بقوة هو: لماذا لا يستمر النجاح وصولا إلى تصنيف الأكابر.
معضلة الاستمرارية من التكوين القاعدي إلى الأكابر تطل برأسها على كرة اليد العربية، وهو ما تجلى من خلال النتائج المحققة لبعض المنتخبات، على غرار المنتخب المصري للناشئين الذي حقق إنجازا تاريخيا بحصوله على بطولة كأس العالم للمنتخبات تحت سن 19، والتي أقيمت في مقدونيا صيف 2019.
كما حصل منتخب الشباب في نفس اللعبة على المركز الثالث في بطولة كأس العالم للشباب التي أقيمت في شهر يوليو 2019، والذي وصل فيه المنتخب التونسي كذلك إلى الدور ربع النهائي. النتائج الجيدة تبرهن على قيمة اليد العربية في أصناف الشبان، لكن هذه الإنجازات سرعان ما تنطفئ، ويخفت بريقها بمجرد وصول نفس الجيل إلى تصنيف الأكابر، وهو ما يلقي الضوء على غياب رؤية واضحة للحفاظ على المواهب وافتقارها للدعم المطلوب لصنع نجوم عرب قادرين على التحليق عالميا.