سقط باريس سان جيرمان الفرنسي بشكل لم يكن يتوقعه أشد المتشائمين من جماهيره، في نهائي كأس العالم للأندية 2025 أمام تشيلسي الإنجليزي بقيادة مدربه الإيطالي إنزو ماريسكا ليفرط في فرصة اعتلاء منصة التتويج بعد أن كان مرشحا فوق العادة ضد "البلوز".
وحسم تشيلسي المباراة بثلاثية دون رد أمام بطل فرنسا أوروبا، ، ليتوج بلقب كأس العالم للأندية للمرة الثانية في تاريخه بعد نسخة عام 2021، بينما خسر الباريسي فرصة تتويج تاريخي، بعد مشوار رائع تجاوز فيه الكبار، ولقن فيه ريال مدريد درسا لا ينسى في نصف النهائي بالفوز عليه برباعية نظيفة.
ولم تكن خسارة المباراة وحدها مفاجأة بالنسبة للكثيرين، ولكن امتد الأمر لفشل بطل أوروبا في تقديم أسلوبه المعتاد وسط تفوق تكتيكي باهر للاعبي تشيلسي بقيادة المدرب الإيطالي إنزو ماريسكا.
ونجح ماريسكا في الحد من خطورة لاعبي باريس سان جيرمان على مدار الـ90 دقيقة بشكل كبير. فما هي أبرز النقاط التي سمحت لـ "البلوز" في التفوق بهذا الشكل؟
التركيز الدفاعي العالي
دخل لاعبو تشيلسي أجواء المباراة بتركيز عال للغاية، وحاولوا نقل اللعب إلى ملعب باريس سان جيرمان منذ البداية من خلال الأجنحة، وعدم ارتكاب الأخطاء الساذجة في الخط الخلفي، حتى لا يتجرعوا من الكأس ذاتها التي شرب منها ريال مدريد في نصف النهائي.
وبدا واضحا من التشكيلة التي اختارها إنزو ماريسكا أن التركيز كان على وضع مالو غوستو وريس جيمس أمام الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا من الجهة اليسرى، مقابل رقابة مضاعفة على عثمان ديمبلي من الجهة اليمنى بواسطة مارك كوكوريا وبيدرو نيتو.
وبذلك نجح ماريسكا في الحد من خطورة أبرز أسلحة باريس سان جيرمان وترك الفرصة أمام ديزيري دوي ليكون مصدر الخطورة الوحيد من خلال فرصة واحدة سنحت له قبل افتتاح تشيلسي للتسجيل.
إنزو ماريسكا يعطل خط وسط باريس سان جيرمان
أوكل ماريسكا مهاما دفاعية كبيرة للثلاثي المكون من جيمس ومويزيس كايسيدو وإنزو فرنانديز من خلال الضغط السريع والعالي على حامل الكرة في وسط ملعب فريق باريس سان جيرمان، وعدم السماح لصانع لعب في الفريق الفرنسي فيتينيا بتمويل زملائه بالكرات أو استثمار مهاراته الفردية، وخاصة في شوط المباراة الأول.
ونجحت خطة إنزو ماريسكا بنسبة كبيرة للغاية في السيطرة على مجريات اللعب ليس من خلال الاستحواذ على الكرة، ولكن بعدم السماح للاعبي باريس في التصرف بها بحرية تامة، وعلى الرغم من تفوق الأخير في الاستحواذ (66% إلى 34%) وكذلك في عدد التمريرات الإجمالي (542) مقابل (243)، إلا أن معظمها كانت سلبية ودون فائدة.
الارتداد الهجومي السريع
أدرك ماريسكا مسبقا أنه يلعب أمام أقوى فرق العالم في الوقت الحالي، ولذلك كان لا بد له تحييد نونو مينديز وأشرف حكيمي ومنعهما من المشاركة في هجمات الفريق، ونجح من خلال التمركز الصحيح لكل من جواو بيدرو وكذلك كول بالمر، بجانب الارتداد الهجومي السريع والذي أربك سان جيرمان كثيرا، وخاصة من الناحية اليسرى.
وبينما كانت البرتغال تدين لمينديز في تفوقها على إسبانيا بقيادة لامين يامال، في نهائي دوري الأمم الأوروبية الأخيرة، نجح إنزو ماريسكا في وضع الضغط المزدوج عليه وإيجاد المساحات الكبيرة من جهته بواسطة بالمر وغوستو، ليأتي الهدفان الأول والثاني بنفس الطريقة تقريبا.
وتمكن غوستو من الاختراق عبر الجهة اليسرى للفريق الباريسي والتمرير إلى كول بالمر الذي سدد كرة أرضية على يمين الحارس جيانلويجي دوناروما. في المقابل، تكفل كول بالمر بالاختراق بمفرده من نفس الجهة وكسر الإيقاع بالتوجه إلى الداخل وتسديد كرة مماثلة.
الكثافة وتقليل المساحات
بعد أن أنهى تشيلسي الشوط الأول بالتقدم بـ3 أهداف دون رد، عمد ماريسكا إلى إبطاء إيقاع المباراة في النصف الثاني، بالاعتماد على الاستحواذ على الكرة لأكبر وقت ممكن، والدفاع بأكبر عدد من اللاعبين من أجل تقليل المساحات التي يفضلها لاعبو الباريسي.
وبدا واضحا أن هدوء لاعبي "البلوز" وتماسكهم قد انعكس بشكل منقض تماما على عناصر باريس سان جيرمان الذين لم يجدوا ثغرة للاختراق واعتمدوا على التسديد من خارج منطقة الجزاء في أكثر من لقطة.
ولم يكن مستغربا أن تكون أولى تبديلات المدرب الإسباني لويس إنريكي هي سحب كل من كفاراتسخيليا وبعده الثلاثي المكون من دوي وفابيان رويز وأشرف حكيمي، بالمقابل أجرى إنزو ماريسكا 4 تبديلات وبدا أن 3 منها كان اضطراريا بسبب الإصابة، لكنها سمحت بإبقاء الفريق في حالة جيدة على المستوى البدني لتنفيذ المهام نفسها في نصف الساعة الأخير من المباراة.