في عالم كرة القدم، كثيراً ما تتداخل الصدف مع النكبات، وتصبح التواريخ شاهدةً على لحظات الانكسار والألم، وفي سجلات منتخب إنجلترا لا يبدو يوم 14 يوليو/ تموز يوماً عادياً، ففي مناسبتين مختلفتين، وبفارق ست سنوات، تلقى الإنجليز صدمتين قاسيتين على يد بلجيكا في 2018، ثم أمام إسبانيا في نهائي يورو 2024.
وفي كل مرة، كان الحلم كبيراً، لكن النهاية جاءت محبطة، والنتيجة في النهاية لقب أو إنجاز ضائع وطموحات محطمة، وبات 14 يوليو يوصف بأنه الأسوأ في تاريخ الإنجليز الكروي الحديث.
في 14 يوليو، كان إدين هازارد في 2018 قائداً لجيل ذهبي لمنتخب بلجيكا، وأثبت في ذلك اليوم أنه ليس مجرد صانع ألعاب، بل قائد ينهي المباريات الكبرى بثقة؛ وبعد ست سنوات، عاد التاريخ ليلقي بظلاله القاسية على إنجلترا، حين برز اسم لامين يامال كأحد أبطال إسبانيا في نهائي يورو 2024، ليس بسبب هدف سجله، بل لما قدمه من أداء استثنائي ومهارة مذهلة أسهمت في سقوط منتخب الأسود الثلاثة من جديد؛ وبين هازارد ويامال، وإن اختلفت الأدوار، ظل القاسم المشترك هو 14 يوليو، الذي تحوّل إلى عقدة تاريخية في ذاكرة المنتخب الإنجليزي.
منتخب إنجلترا يصطدم بالجيل الذهبي لبلجيكا
بعد سنوات من الإخفاقات والخروج المبكر من البطولات الكبرى، دخل منتخب إنجلترا نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا بطموحات متواضعة، تحت قيادة المدرب الشاب غاريث ساوثغيت، لكن المفاجأة كانت أن "الأسود الثلاثة" تجاوزوا التوقعات، وقدموا أداءً لافتاً منذ دور المجموعات، حيث تأهلوا إلى ثمن النهائي بعد فوزين على تونس وبنما، قبل الخسارة أمام بلجيكا في الجولة الأخيرة.
في ثمن النهائي، كانت إنجلترا تجاوزت كولومبيا بركلات الترجيح بعد تعادل (1-1)، ثم واصل الإنجليز التألق بتجاوز السويد (0-2) لكن الحلم انتهى في نصف النهائي بخسارة مؤلمة أمام كرواتيا (2-1)، رغم التقدم بهدف مبكر، لتنتهي المغامرة بحسرة وأداء نال الإشادة.
في 14 يوليو 2018، وبعد أيام من ضياع الحلم في نصف النهائي، واجه المنتخب الإنجليزي نظيره البلجيكي في مباراة تحديد المركز الثالث؛ لم تكن المواجهة شرفية فقط، بل محاولة لاستعادة التوازن بعد خيبة الأمل، لكن بلجيكا بقيادة هازارد ولوكاكو ودي بروين كانت أقوى.
سجل توماس مونييه هدفاً مبكراً، ثم أضاف هازارد الهدف الثاني في الدقيقة 82، لينتهي اللقاء بفوز بلجيكا (2-0)، ويكتفي الإنجليز بالمركز الرابع، رغم أن هذه النسخة كانت من الأفضل لهم منذ التتويج التاريخي عام 1966.
النكسة تتكرر.. إنجلترا تسقط مرتين في اليوم ذاته
مرت ست سنوات، وجاء الجيل الإنجليزي الجديد إلى نهائي بطولة أوروبا "يورو 2024" بأحلام أكثر نضجاً، الإنجليز بلغوا النهائي الثاني على التوالي، بعد خسارتهم في يورو 2020 أمام إيطاليا بركلات الترجيح على أرضهم في ويمبلي، لكن هذه المرة بدوا أكثر جاهزية للتتويج.
بقيادة ساوثغيت مجدداً، ومع نجوم مثل بوكايو ساكا، فيل فودين، وجود بيلينغهام، وبديل حاسم مثل كول بالمر، دخل الإنجليز المباراة النهائية وهم مرشحون بقوة للقب، لكن كل شيء تبدد في ليلة 14 يوليو 2024، على أرض الاستاد الأولمبي في برلين.
انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، ثم افتتح نيكو ويليامز التسجيل لصالح إسبانيا مطلع الشوط الثاني، قبل أن يعادل كول بالمر النتيجة لإنجلترا، ورغم محاولات الفريقين، نجح البديل ميكيل أويارزابال في تسجيل هدف قاتل قبل النهاية بدقائق، ليمنح إسبانيا اللقب الرابع في تاريخها.
ورغم أن لامين يامال لم يسجل في المباراة، جعله حضوره وتألقه في البطولة، وهو بعمر 17 عاماً فقط، رمزاً لهذا الجيل الإسباني الذهبي، ومثلما أجهز هازارد على أحلام إنجلترا في 2018، أسهم يامال بطريقته في حرمانهم من المجد في 2024، ليصبح 14 يوليو يوماً مشؤوماً في الذاكرة الكروية الإنجليزية.