ارتبط القميص رقم 10 في كرة القدم بأسماء خالدة حفرت مجدها في ذاكرة الملاعب، حيث بدأ هذا السحر مع الأسطورة البرازيلية بيليه، أحد أشهر من ارتدوا الرقم 10، الذي ألهم جيلًا كاملًا من اللاعبين في أمريكا الجنوبية.
بعد ذلك، تحول الرقم إلى مرآة للعبقرية مع دييغو مارادونا، ثم زين الدين زيدان، وصولًا إلى ليونيل ميسي، الذي جعل من الرقم توقيعًا شخصيًا خلال مسيرته الأسطورية مع برشلونة ومنتخب الأرجنتين، وأخيرًا لامين يامال.
في البرازيل والأرجنتين، ارتداء هذا الرقم لم يكن مجرد تكليف فني، بل مسؤولية ثقيلة، تضع اللاعب تحت أضواء التوقعات الجماهيرية، وتنتظر منه أن يكون القائد وصانع الفارق، ويعد هذا الرقم عنوانًا للأساطير.
حتى في أوروبا، بدأ السحر ينتشر تدريجيًا، وإن كانت بعض الدول مثل ألمانيا وإسبانيا تميل تاريخيًا إلى أرقام مثل 4 و6 و8، المرتبطة بنجوم مثل تشافي وإنييستا وتوني كروس، ممن يُطلق عليهم وصف "صانع الألعاب الكلاسيكي".
لماذا أصبح القميص رقم 10 رمزًا تجاريًا قبل أن يكون فنيًا؟
في العصر الحديث، تجاوزت أهمية القميص رقم 10 حدود الملعب، وأصبح مرتبطًا مباشرة ببناء "العلامة الشخصية" للاعبين.
وفقًا لدانيال سانديسون، مدير التسويق في شركة أحذية "سوكايتو"، فإن الأرقام أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هوية اللاعب: "العلامة الشخصية أصبحت أكثر أهمية بنسبة 10 إلى 15% كل عام. اللاعبون يريدون أن يعبروا عن شخصياتهم من خلال رقم القميص".
وهكذا تحولت قيمة القمصان في التسويق الرياضي إلى مصدر دخل جديد وركيزة أساسية في صناعة كرة القدم الحديثة. العديد من اللاعبين في القمة يسعون لامتلاك قنوات على يوتيوب مثل بيلينغهام، أو ربط أرقامهم بهويتهم التجارية مثل "CR7" الشهير لكريستيانو رونالدو. كما يسعى بعضهم لتسجيل احتفالاتهم كعلامات تجارية، كما فعل كول بالمر مؤخرًا.
ويضيف سانديسون في تصريحات لصحيفة "the atlantic": "الجميع حول اللاعبين يشجعونهم على تطوير العلامة الشخصية لأنها تصنع الثروة، وتوفر وظائف، وتربط المجتمعات بكرة القدم".
هل يرتدي الأفضل القميص رقم 10؟ أم أنه مجرد رقم؟
بالرغم من رمزية الرقم، لم يعد "صانع الألعاب الكلاسيكي" موجودًا كما كان في السابق. اللعبة تطورت، ومعها تغيرت الأدوار.
أصبح "الرقم 10" يمنح للاعب الأكثر تأثيرًا في الفريق، سواء كان جناحًا، مهاجمًا وهميًا، أو حتى صانع لعب من العمق، كما هو الحال مع بيلينغهام في منتخب إنجلترا.
كما كتب الصحفي مايكل كوكس، فإن تراجع دور "الرقم 10" التقليدي لا يعني غيابه تمامًا، بل ظهور نسخ أكثر تنوعًا من صناع اللعب -من الأجنحة إلى صناع اللعب المتأخرين- مما يجعل عدد المرشحين لارتداء الرقم أكثر من أي وقت مضى. في النهاية، القميص لا يزال يحمل رسالة ضمنية تقول: "أنا اللاعب الأهم، كل شيء يمر من خلالي".
هل يعيد لامين يامال هيبة القميص رقم 10 في برشلونة؟
من المنتظر أن يخلف لامين يامال زميله أنسو فاتي في ارتداء الرقم 10 في برشلونة، بعد أن رحل الأخير معارًا إلى موناكو الفرنسي خلال الانتقالات الصيفية الحالية.
وعلى عكس فاتي، الذي عانى من ثقل المقارنة مع ميسي، يبدو أن يامال في طريقه لإثبات أحقيته بالرقم، بعد تألقه مع برشلونة ومنتخب إسبانيا.
ورغم أن يامال لا يحب مقارنته بميسي، فإن مسيرته حتى الآن تؤهله لحمل الشعلة. ويعلق سانديسون: "الرقم 10 ينظر إليه كرمز لأفضل لاعب في الفريق، وميسي أسهم في ترسيخ هذه الصورة لسنوات طويلة".
وختم: "اللاعبون اليوم يريدون أن يكونوا نسخة جديدة من ميسي، كما أراد جيل التسعينات أن يكون مثل مايكل جوردان. كانوا يرتدون رقم 23، واليوم يرتدي اللاعبون القميص رقم 10 من أجل أن يكونوا مثل ميسي".