محمود الجوهري جنرال انتفاضة الأردن في آسيا

بواسطة yacoob.alhousani , 24 ديسمبر 2023

بعد سنوات طويلة من العجاف رأت الكرة الأردنية النور من خلال ربانها المدرب المصري الراحل محمود الجوهري الذي قاد انتفاضة النشامى في القارة الآسيوية، وحول المنتخب الأردني من محطة عبور إلى منافس قوي يحسب له ألف حساب.

تاريخيا لم يشارك المنتخب الأردني في التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا منذ انطلاق النسخة الأولى عام 1956 وحتى النسخة الرابعة عام 1968 لم، وكانت مشاركته الأولى في تصفيات نسخة 1972 وبعد ذلك غاب عن التصفيات للنسختين المتتاليتين، وشارك النشامى بانتظام منذ نسخة 1984 لكنه فشل في التأهل إلى النهائيات حتى بداية القرن الجاري.

ومع محاولات اتحاد الكرة الأردني تطوير اللعبة والتوجه للمدربين الأجانب لكنهم لم يقدموا الإضافة الفنية للعبة واكتفى المنتخب الأردني بذهبيتي دورة الألعاب العربية عامي 1997 في بيروت و 1999 في عمان بإدارة فنية محلية بقيادة الراحل محمد عوض.

محمود الجوهري نقطة التحول في تاريخ الكرة الأردنية

وفي عام 2002 أعلن الاتحاد الأردني تعاقده مع المدرب المصري محمود الجوهري والذي كان قد برز على ساحة التدريب في بلاده عندما قادها للتأهل لنهائيات كأس العالم (إيطاليا 1990) حيث حقق الفراعنة في البطولة تعادلا تاريخيا 1-1 مع هولندا وسلبيا مع أيرلندا قبل الخسارة 0-1 أمام إنجلترا.

محمود الجوهري الملقب بـ "الجنرال" كانت سيرته مليئة بالإنجازات القارية؛ إذ نجح فى الفوز بأول بطولة أفريقية فى تاريخ الأهلى وهى دورى أبطال أفريقيا عام 1982، كما نجح مع الزمالك فى الفوز ببطولة أفريقيا للأندية أبطال الدورى عام 1993، والفوز بكأس السوبر الأفريقي.

وفازت مصر تحت قيادته بلقب بطولة أمم أفريقيا عام 1998 ليكون أول مدرب يفوز بالأمم الأفريقية لاعبًا ومدربًا، بعدما حصل على الكأس مع مصر عام 1957 و1959 وقاد الفراعنة للفوز بالميدالية الذهبية فى دورة الألعاب العربية 1992 التي أقيمت في سوريا.

بداية مثالية

وصل "الجنرال" محمود الجوهري إلى عمان ليخلف الصربي برانكو سميليانيتش لتبدأ مرحلة جديدة للكرة الأردنية حينما بدأ المدرب المصري بضخ خبراته الواسعة  ولمساته الفنية على أداء اللاعبين الذين بادلوه الشغف والإصرار على صناعة التاريخ.

بدأ محمود الجوهري بقوة وكاد أن يحقق أول ألقابه مع النشامى في أول مشاركة خارجية حينما قادهم إلى نهائي بطولة غرب آسيا 2002 التي أقيمت في دمشق ليصطدم بالمنتخب العراقي، وتقدم بهدفي مصطفى شحدة وعامر ذيب قبل أن ينتفض أسود الرافدين ويسجلوا 3 أهداف.

بعد الأداء الرائع في البطولة بدأت المنتخبات الآسيوية ترصد النشامى وتحسب له الحسابات وتخشى مواجهته خصوصا أن لمسات الجوهري وفكره التكتيكي بدت واضحة على أداء اللاعبين، قبل أن يتلقى صدمة الخسارة 1-4 أمام إيران في مستهل مشواره في تصفيات كأس آسيا 2004.

لكن "الجنرال" عاد وأحيا الروح من جديد في أداء اللاعبين، إذ قدم الفريق الأردني مستوى رائعا في التصفيات وثأروا من إيران بالفوز عليهم إيابا 3-2 ونجحوا بالفوز على لبنان مرتين 1-0 و 2-0 وعلى كوريا الشمالية مرتين أيضاً 3-0 وتم اعتبار الأخير خاسراً في لقاء الإياب، ليحتل بذلك النشامى المركز الثاني بفارق الأهداف خلف إيران ويتأهل إلى النهائيات القارية للمرة الأولى في تاريخه.

مشاركة تاريخية في كأس آسيا 2004

احتفل الأردنيون كثيرا بهذا التأهل التاريخي وبدأ محمود الجوهري يعد العدة كي يكون النشامى الحصان الأسود في البطولة، وبالفعل كان اللاعبون عند حسن الظن وقدم منتخب الأردن مستويات مميزة بدأها بالتعادل السلبي أمام كوريا الجنوبية، ثم الفوز القاتل على الكويت بهدفي خالد سعد وأنس الزبون، ليتوج بعدها مشوار الدور الأول بالتعادل السلبي أمام الإمارات ويرافق كوريا الجنوبية إلى الدور ربع النهائي.

هللت الصحافة الأسيوية بأداء النشامى وأفردت مساحات واسعة لتحليل الأداء الأردني وأشادت بأسلوب وحنكة الجوهري وسلطت الضوء على نجومه أمثال حارس المرمى عامر شفيع، وخالد سعد، حسونة الشيخ، أنس الزبون، عامر ذيب، عبدالله أبو زمع، فيصل إبراهيم، قصي أبو عالية، ومحمود شلباية، راتب العوضات، علاء مطالقة بدران الشقران، حسن عبد الفتاح وهيثم شبول وغيرهم

في مباراة الدور ربع النهائي اصطدم المنتخب الأردني بنظيره الياباني واحتاج النشامى لـ"11" دقيقة فقط ليثبتوا أن وصولهم إلى هذا الدور لم يكن مجرد صدفة بعد أن تلاعب الظهير الأيسر خالد سعد بالدفاع الياباني قبل أن يعكس كرة عرضية وصلت لرأس المهاجم محمود شلباية الذي أسكنها بحرفنة في الشباك، لكن الفرحة الغامرة لم تدم سوى دقيقتين حتى أدرك "الساموراي" التعادل" الذي استمر في الوقتين الأصلي والإضافي.

وضع "الجنرال" خبرات السنين في اللحظات المصيرية للنشامى الذي بدأ تسديد ركلات الجزاء بشكل جيد عكس منافسه اليابان وكان على أعتاب التأهل إلى المربع الذهبي، لكن الأحداث الدراماتيكية التي حدثت بعد ذلك بتغيير المرمى الخاص بتنفيذ الركلات، أطاحت بالنشامى من البطولة في سيناريو لا يتكرر كثيراً في عالم كرة القدم.

في ذلك العام وصل الأردن تحت قيادة "الجنرال" إلى المرتبة 37 في التصنيف العالمي لشهر آب/ أغسطس وهو أعلى تصنيف يحققه النشامى في تاريخهم حتى الآن.

تراجع الأداء

بعد النهائيات الآسيوية بدأ مشوار آخر من الأحلام المنتظرة بهدف الوصول إلى كأس العالم 2006، وكان الفريق يسير بالاتجاه الصحيح عندما أنهى مرحلة الذهاب متصدراً للمجموعة الأولى بثلاثة انتصارات متتالية على لاوس بنتيجة 5-0 وإيران وقطر بالنتيجة ذاتها 1-0، لكن خسر في الإياب أمام إيران وقطر 0-2 وتراجع للمركز الثاني وودع التصفيات.

وكذلك الحال في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2007 لم يتمكن النشامى من الصعود للنهائيات بعد احتلالهم المركز الثالث في المجموعة الثالثة خلف الإمارات وعمان، وفي نفس العام خرج الأردن من نصف نهائي بطولة غرب آسيا التي كانت آخر عهد للمدرب المصري محمود الجوهري على رأس الإدارة الفنية لمنتخب الأردن.

الجنرال يعود إلى الأردن

أعاد اتحاد اللعبة الجوهري إلى الأردن عام 2009 لكن بصفته مخططاً ومستشاراً فنياً لكرة القدم الأردنية وبالفعل بدأت لمساته تظهر في مراكز الأمير علي للواعدين حيث اكتشفت الكرة الأردنية في ذلك الوقت العديد من النجوم الحاليين ذلك علما بأن الجوهري أشرف علي مراكز الأمير علي لأول مرة حينما كان مدربا للمنتخب الأول منذ اللحظات الأولى لتأسيسها عام 2003.

وجنت الكرة الأردنية  ثمار تخطيط الراحل محمود الجهوري سريعا حينما وصل المنتخب الأول إلى الدور الحاسم المؤهل إلى كأس العالم 2014 ثم شارك في ثلاث نسخ متتالية من نهائيات كأس آسيا 2011 في قطر و2015 في أستراليا و2019 في الإمارات.

الصورة
Mahmoud El-Gohary جنازة المدرب المصري الراحل محمود الجوهري

توفي محمود الجوهري وهو على رأس عمله في العاصمة عمان يوم 3 أيلول/سبتمبر 2012، ووفاء لذكراه أقام الأردن جنازة عسكرية له كانت بمثابة تكريم له وعرفاناً وتقديراً لبصمته المؤثرة في كرة القدم الأردنية.

Image
المدرب المصري الراحل محمود الجوهري (winwin)
Live updates
Off
Opinion article
Off
Source
Show in tags
On
Caption
المدرب المصري الراحل محمود الجوهري (winwin)
Show Video
Off