لم يضمن منتخب المغرب التأهل المباشر إلى الدور الثاني من كأس أمم أفريقيا 2024 وذلك بعد تعادله إيجابيًا (1-1) مع منتخب الكونغو الديمقراطية ليتأجل حسم الصدارة إلى المباراة الأخيرة أمام زامبيا.
أسود الأطلس افتتحوا النتيجة مبكرًا في الدقيقة السادسة من الشوط الأول الذي تسيدوا أغلب فتراته، قبل أن يتراجع المردود البدني ويتفوق منافسهم ويسجل هدف التعادل، بعدما أضاع ركلة جزاء في الشوط الأول.
لعبة مزدوجة المكاسب
تكتيكيًا كان المنتخب المغربي يستخدم أطرافه بشكل مختلف بين الجبهة اليمنى واليسرى. لم يكن التماثل موجودًا، فعلى الرواق الأيسر كان تقدم الشيبي ليحتل خط التماس بينما يدخل سفيان بوفال كثيرًا إلى العمق.
أمّا على الجانب الأيمن، فكان حكيم زياش يتمركز أقصى الطرف الأيمن فيما يتحول أشرف حكيمي وقت بناء الهجمة لما يشبه قلب الدفاع الثالث أو على أقل تقدير ليس بنفس درجة تقدم الشيبي على الجانب الآخر الذي يتم تجميع اللعب فيه كثيرًا ثم إرسال الكرة بلعبة قُطرية طويلة إلى الجانب الأيمن كما حاول سفيان بوفال في تلك اللقطة؛ لكنه لم يفلت من رقابة لاعب الكونغو ليفشل في إرسال الكرة إلى زياش المتحرر من الرقابة.
الهدف من هذا الأمر كان منح حكيم زياش أكبر مساحة يمكن له أن يتحرك فيها دون مضايقة، فحتى تثبيت أشرف حكيمي في الخلف قبل استلام زياش للكرة كان من شأنه أن يسمح بعدم جذب المزيد من لاعبي الكونغو الديمقراطية إلى هذه الناحية أملًا في وضع زياش في موقف 1 على 1.
ما منع هذا الأمر من عدم استثماره بشكل جيد هو مشكلة بسيطة. زياش عجز عن كسب مواقف الـ1 على 1! على الأرجح الأمر كان يعود بشكل رئيسي إلى انعدام الجاهزية البدنية بالنظر لحرارة الجو التي بدت وكأنها تؤثر في بعض عناصر أسود الأطلس ومنهم زياش.
لكن باستثناء مواقف الـ1 على 1 كان هناك استثمار جيد مع صعود حكيمي ليلتحق بزياش في المساحة ومن أبرز تلك اللقطات كانت أول هجمة للمنتخب المغربي بعدما هيّأ زياش الكرة لأشرف حكيمي الذي أرسل عرضية كاد أن يسجل منها يوسف النصيري هدف الافتتاح.
كما أنه عندما صعد حكيمي في اللحظة المثالية في الدقيقة الحادية عشرة، أفسح مجالًا لزياش للانسلال على حدود منطقة الجزاء والتسديد بعدما سحب حكيمي الظهير الأيسر للكونغو معه وأجبره على عدم التحرك مع زياش.
وعلى ذكر النصيري، فإنه هو من استفاد بشكل جيد من إفساح المجال لزياش وهو ما منح المغرب المكسب المزدوج من ذلك الترتيب، فوجود زياش وحيدًا على الخط كان يستدرج الظهير الأيسر ماسواكو أو يجبره على الانشغال به على أقل تقدير ما يمنح يوسف النصيري فرصة أفضل للتحرك خلف قلب الدفاع الأيسر غير محاصر من الخلف من ماسواكو المنشغل بزياش.
الأمر نجح في أكثر من مرة فعلًا، إذ تمكن فيها النصيري من الانطلاق بقوة؛ لكن أبرز تلك اللقطات كانت تلك التمريرة المُحكمة التي أرسلها رومان سايس إلى مهاجم إشبيلية الذي كاد أن يضع نفسه في موقف انفراد لولا ترويض خاطئ.
منتخب المغرب ضعيف أمام العرضيات
سواء في الفترات التي كان المغرب الطرف الأفضل فيها أو التي كانت الكونغو الديمقراطية قريبة من التسجيل، كانت أبرز ملامح الخطورة تلك العرضيات الكثيرة التي تفوق فيها الهجوم الكونغولي على الدفاع المغربي.
كان مثيرًا للاستغراب أن يخسر مدافعين مميزين كغانم سايس ونايف أكرد الكثير من العرضيات لصالح منافسيهم رغم تميزهم الكبير عادةً في الدفاع ضد العرضيات.
وإن كنت تخشى أن تكون تلك الفرص قد أعطتك انطباعًا خاطئًا؛ فيكفيك أن تعرف أن الكونغو الديمقراطية كسبوا 5 عرضيات من أصل 12 عرضية بنسبة 42% وهي نسبة مرتفعة جدًا!
أكثر من فرصة صنعها المنتخب الكونغولي من الكرات العرضية كما حصل على ركلة الجزاء من كرة ثابتة، كما أن بعض الركنيات شكلت خطورة كبيرة على رابع العالم، كتلك التي مرت بجوار القائم بسنتيمترات مطلع الشوط الثاني.
قد يكون مقبولًا أن تخسر بعض الصراعات الهوائية، لكن المثير أن تلك الكرة سُددت بفخذ اللاعب أي أنه لا يوجد أي مدافع مغربي تمكن من إخراج الكرة قبل وصولها إلى هذا الارتفاع.
ثغرة الشيبي في ربع الساعة الأخير
الجميع أشاد بمستوى محمد الشيبي في المباراة الأولى، كما أنه لم تكن هناك مشكلة كبيرة في مستواه في أغلب فترات مباراة اليوم، إلا أنه مع دخولنا في النصف الثاني من الشوط الثاني بدا وأن الشيبي يعاني كثيرًا من تحركات مهاجمي الكونغو في ظهره.
تمكن الكونغوليون من تسجيل هدفهم عبر تلك الجبهة، وكذلك صنعوا فرصةً خطيرةً جدًا في الدقيقة 90 كادت أن تمنحهم النقاط الثلاثة، لكن لا يمكن تناسي أن الشيبي عانى من عدم المساندة الحقيقية دفاعيًا في تلك الفترات بشكلٍ كافٍ مع تمركز هجومي أكبر لأجنحة المغرب وكذلك انشغال لاعبي الوسط بالصعود للأمام بغية حصد النقاط الثلاثة.
هل يستمر الشيبي أم يتم الدفع بيحيى عطية الله؟ سؤال ستجيب عنه مباراة زامبيا.