عندما ينطلق موسم 2025-2026 من الدوري الإنجليزي الممتاز ستتجه الأنظار مجدداً نحو الصراع على جائزة الحذاء الذهبي التي نجح المصري محمد صلاح في الفوز بها في الموسم الفائت برصيد 28 هدفاً.
لكن صلاح سيواجه منافسة غير مسبوقة في الدوري الإنجليزي الممتاز من ثلاثة مهاجمين من الدول الإسكندنافية، إذ يتعلق الأمر بالنرويجي إيرلينغ هالاند مهاجم مانشستر سيتي الذي سجل 124 هدفاً منذ قدومه إلى السيتيزنز عام 2022، والسويدي ألكسندر إيزاك الذي برز كواحد من أفضل المهاجمين في أوروبا مع نيوكاسل يونايتد.
غيوكيريس على أعتاب الدوري الإنجليزي
ويترقب كثيرون إتمام أرسنال لصفقة مهاجم سويدي آخر خلال الساعات المقبلة هو فكتور غيوكيريس الذي تُوّج هدافاً للدوري البرتغالي في الموسم المنصرم مع سبورتينغ لشبونة برصيد 39 هدفاً، على أمل أن يحمل المهاجم السويدي آمال الغانرز بالتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبينما أصبح المهاجم رأس الحربة أو ما يعرف بـ(الرقم 9) عملة نادرة في عالم الساحرة المستديرة، حيث أصبح الكثير من المهاجمين أو النجوم البارزين في العقد الأخير هم ممن يلعبون على الأطراف كالبرتغالي كريستيانو رونالدو أو الأرجنتيني ليونيل ميسي، وحتى المصري محمد صلاح، فإن الدول الإسكندنافية لا تزال تحتفظ بسجلها التاريخي الرائع في إنتاج مهاجمين من هذا النوع أو ما يعرف بـ(مهاجم الصندوق) الذي عادةً ما يتميز بالطول الفارع والبنيان الجسدي القوي، ويتمتع بقدرة فائقة على إنهاء الهجمات بشكل صحيح على الرغم من أن المهارة الفنية الفردية قد لا تكون عالية جداً.
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة Premier League (@premierleague)
ولعل اللافت في الأمر أن مجموع سكان الدول الإسكندنافية معاً لا يزيد عن 21 مليون نسمة؛ لكن رغم ذلك فإنها لا زالت قادرة على إنتاج لاعبين يسجلون كما كبيراً من الأهداف في كل موسم، ما يجعلهم من بين أكثر اللاعبين المطلوبين في العالم بشكل عام وفي الدوري الإنجليزي الممتاز بشكل خاص، وهنا لا بد من الإشارة إلى لاعبين آخرين يلعبون في المركز ذاته، ولكن لا يملكون الشهرة ذاتها مثل المهاجم النرويجي ألكسندر سورلوث (أتلتيكو مدريد) والدنماركي راسموس هويلاند (مانشستر يونايتد).
حسب شبكة (أوبتا) التي ترصد بيانات الأهداف وإحصائيات كرة القدم في الدوريات الخمسة الكبرى، فقد انخفض معدل الأهداف التي سجلها اللاعبون القادمون من إسكندنافيا بشكل مطرد بعد مطلع القرن العشرين، حتى وصل إلى أدنى مستوياته في موسم 2012-2013، عندما سجل لاعبو النرويج والسويد والدنمارك 77 هدفاً فقط.
ارتفاع ملحوظ في عدد الأهداف
لكن وبالنظر إلى المواسم الخمسة الماضية على وجه التحديد، كان هناك ارتفاع كبير، وقد أسهم النرويجي إيرلينغ هالاند في تعزيز هذه الأرقام بشكل واضح حيث سجل 210 أهداف في مواسمه الخمسة الأخيرة في الدوري الألماني وفي الدوري الإنجليزي الممتاز.
ورغم إحرازه 22 هدفاً في الموسم الفائت، إلا أنه لم يكن ضمن ثلاثي الترتيب في لائحة الهدافين، وذلك بسبب الإصابة، في الوقت الذي دانت صدارة هداف إسكندنافيا في الدوريات الخمسة الكبرى للسويدي إيزاك بـ23 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز، مقابل 20 هدفاً لسورلوث في الليغا، علماً أن أرقام غيوكيريس لم تؤخذ بعين الاعتبار كونه يلعب في الدوري البرتغالي.
ستة لاعبين وصلوا إلى عتبة 10 أهداف
إذا لم تكن الأرقام السابقة مقنعة للبعض، بالنظر إلى أن هذه الأهداف سجلها عدد قليل من اللاعبين، وبأن ذلك لا يعكس أي تفوق ملحوظ، فلا بد هنا من الإشارة إلى أن ستة لاعبين إسكندنافيين في الدوريات الخمسة الكبرى سجلوا عشرة أهداف أو أكثر في الموسم المنصرم 2024-2025، وهو نفس عدد لاعبي البرازيل وإيطاليا (ستة لكل منهما) وأقل بواحد فقط من إنجلترا، في حين أن البلدان الأخرى التي تمكنت من التفوق في هذه الإحصائية هي: فرنسا (14 لاعباً) إسبانيا (11 لاعباً) وألمانيا (8 لاعبين).
قد يقول قائل إن الإحصائيات السابقة ترتكز على معطيات غير متوازنة بالنظر إلى أنه تتم المقارنة بين أرقام ثلاث دول مجتمعة مع دول أخرى بشكل منفرد، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً؛ ولكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن دول السويد والدنمارك والنرويج لا تتمتع أساساً بكثافة سكانية عالية، ولا بمناخ دافئ يتيح لها ممارسة كرة القدم بشكل يحاكي بقية دول أوروبا، كما أن معظم ملاعبها من العشب الاصطناعي؛ وذلك لضمان جودة أرضية الملاعب التي تُمارس عليها اللعبة بدءاً من الأكاديميات وصولاً إلى فرق الرجال، وحسب آخر إحصائية فإن النرويج لديها 1800 ملعب معشوشب اصطناعياً، والأمر ذاته في السويد وأيسلندا، فيما تتمتع الدنمارك بأجواء أدفأ وبملاعب عشبية أكثر نضارة وحيوية.
نهضة كروية حقيقية
وبينما كانت السويد من أقدم المنتخبات التي تركت بصمة في بطولات كأس العالم من هذه البقعة الجغرافية الباردة، بوصولها إلى المربع الذهبي لمونديال 1950 وإلى المباراة النهائية لمونديال 1958، فإن منتخب الدنمارك حظي بقاعدة جماهيرية واسعة منذ ثمانينيات القرن الماضي بعدما وصل إلى نصف نهائي يورو 1984 وتصدر مجموعته في مونديال المكسيك 1986 على حساب ألمانيا والأوروغواي وإسكتلندا، قبل أن يحقق لقب اليورو (المعجزة) عام 1992.
بينما أخذ منتخب النرويج يحقق بعض النتائج اللافتة مؤخراً قبل أن يظهر أيضاً منتخب أيسلندا بجماهيره الرائعة في بطولات اليورو. وحسب بعض الإحصائيات فإن الاهتمام بالفئات السنية وانخفاض معدل أعمار اللاعبين بشكل كبير في الدوريات المحلية قد أسهم في إنتاج لاعبين بمستوى جيد في هذه البلدان، من خلال إعطاء الشباب الفرصة الكاملة من أجل اللعب واكتساب الخبرة، وهو ما انعكس لاحقاً على مسيرتهم الكروية في الأندية التي احترفوا فيها خارج إسكندنافيا.