يزخر الدوري الإنجليزي الممتاز بالكثير من القصص غير المعروفة، التي تختبئ في طيات دفاتره التاريخية وتروي فصولاً غريبة ومثيرة عن الفرق واللاعبين والجماهير، بعض هذه القصص تبدو للوهلة الأولى شبه مستحيلة، مثل الأحداث التي شهدها ملعب "أنفيلد"، والتي صارت جزءاً من تاريخ البطولة الذي يشكل عمقها وأهميتها على مستوى العالم.
وفي أعماق التاريخ الكروي، هناك حكايات تُنسى سريعاً رغم غرابتها، وتظهر أحياناً وكأنها سر مدفون بين صفحات كتب كرة القدم القديمة، هذه القصص تكشف عن مواقف غير تقليدية عاشتها الأندية، سواء بسبب أحداث جماهيرية، عقوبات، أو ظروف استثنائية أجبرت الفرق على خوض مباريات في ملاعب ليست موطنها الأصلي.
"أنفيلد" ملعب مانشستر يونايتد الرئيس بقرار من الاتحاد الإنجليزي
تعود تلك القصة إلى يوم الجمعة 20 أغسطس/آب 1971، حين خرج فريق يرتدي الأحمر إلى أرضية الملعب التاريخي لليفربول، وسط تصفيق حار من الجماهير، الذين ارتدوا الأوشحة الحمراء والبيضاء ووقفوا على مدرجات "كوب"، وكان خصمهم أرسنال؛ لكن الفريق صاحب الأرض لم يكن ليفربول، بل كان مانشستر يونايتد.
في أعماق كتب تاريخ كرة القدم تختبئ أسرار نادرة، ومن بينها هذا الحدث الغريب، النادي الذي يمتلك اليوم 20 لقب دوري، نفس عدد ليفربول، كان يوماً ما بإمكانه أن يعتبر "أنفيلد" ملعبه، ففي عام 1971، بعد أن حظر على يونايتد لعب أول مباراتين له على أرضه في مانشستر بسبب رمي بعض المشاغبين للسكاكين في مقاعد الجماهير خلال مباراة الموسم السابق، وقرر الاتحاد الإنجليزي أن تلعب مبارياته "المنزلية" الأولى في "أنفيلد" وملعب "فيكتوريا" الخاص بستوك سيتي.
قرار الاتحاد الإنجليزي بإرسال يونايتد للعب في معقل ليفربول بعد حادثة الشغب يبدو الآن غريباً إلى حد ما، لكن في ذلك الوقت كانت حوادث الشغب تحدث في معظم المباريات، وعلى أي حال، كما أوضح بيتر روبنسون، السكرتير السابق لنادي ليفربول والذي ساعد في تنظيم المباراة، فإن التوتر لم يكن موجوداً كما هو اليوم، وقال روبنسون: "عندما بدأت العمل في ليفربول في الستينيات، كان الخصم الكبير دائماً إيفرتون، تغيرت المنافسة مع ظهور مانشستر يونايتد القوي، لكن قبل ذلك كنت أتذكر أن بعض مشجعي يونايتد يقفون في مدرج (كوب)".
ظل التنافس بين مجموعات المشاغبين محتدمًا، رغم أن المشاعر بين المشجعين الحقيقيين لم تكن كذلك، ففي اليوم التالي، غطت صحيفة "الغارديان" أحداث الشغب المعتادة، حيث طرد نحو 100 مشجع من الملعب، وتعرضت بعض المنازل للتخريب، فيما سيطرت الشرطة على نحو 600 من مشجعين أرسنال بعد رشقهم جماهير يونايتد بالحجارة في أثناء عودتهم، كما تكبد يونايتد خسائر مالية، إذ حصل ليفربول على 15% من الإيرادات، وألزم النادي بدفع تعويض لأرسنال بعد أن حضر اللقاء 27,649 مشجعاً فقط، أقل بكثير من مواجهة "أولد ترافورد" السابقة.
بوبي تشارلتون يتذكر.. وزملاؤه نسوا مواجهة يونايتد وأرسنال في أنفيلد!
ورغم أن مانشستر يونايتد فاز على أرسنال (3-1) على ملعب "أنفيلد" عام 1971، لم يتذكر بعض نجومه مشاركتهم في تلك الليلة، آلان غاولينغ، صاحب هدف التعادل، بدا مذهولاً حين ذكر بالواقعة، قائلاً في تصريحات نقلتها صحيفة "ذا غارديان": "لا أتذكر.. من كنا نلعب ضدهم؟"، رغم أن صورة نشرتها الغارديان أوضحت احتفاله بالقفز فوق الحارس بوب ويلسون.
زميله ديفيد سادلر اعترف هو الآخر بالنسيان، وأحال الأمر إلى الحارس أليكس ستيبني الذي أنقذ كرة خطيرة لجورج أرمسترونغ، لكنه أيضاً لم يحتفظ بتفاصيل المواجهة وظن أنه فاز في "أنفيلد" مرة واحدة فقط أمام ليفربول عام 1969.
على الجانب الآخر، حمل بوبي تشارلتون ذاكرة أوضح قليلاً بتسجيله الهدف الثاني من ركلة حرة، قبل أن يضيف براين كيد الهدف الثالث، ورغم ذلك، ظل النسيان يطغى على معظم من شاركوا.
الشخص الوحيد تقريبًا الذي احتفظ بالمشهد كان جورج سيفتون، مذيع الملعب الذي وصف الأجواء بأنها "فارغة وغريبة"، معتبراً اللقاء مجرد فرصة للحصول على بعض المال وهو شاب حديث الزواج.