يُعد الألماني باستيان شفاينشتايغر أحد أبرز نجوم الكرة الألمانية، ولم تقتصر مسيرته على الألقاب والمجد داخل الملاعب، بل امتدت لتشمل مواقف غريبة أثارت جدلاً واسعًا في الصحف العالمية، وبينما اعتاد الجمهور على مشاهدته يقاتل في وسط الميدان، فوجئ ذات يوم بقضية غير متوقعة تضعه في مواجهة مباشرة مع شركة آسيوية.
ودائمًا ما تكون حياة نجوم كرة القدم محاطة بالأضواء، لا بسبب مهاراتهم داخل المستطيل الأخضر فقط، بل لأنهم كثيرًا ما يتعرضون لأحداث غريبة وخارجة عن المألوف؛ بعضها يثير الإعجاب، وبعضها الآخر يثير الدهشة والجدل، ومن بين هذه القصص، تبرز حكاية غريبة عاشها النجم الألماني باستيان شفاينشتايغر، حين وجد نفسه في قلب أزمة قانونية، بعدما صمّمت شركة آسيوية دمية نازية تحمل ملامحه بشكل مريب، الأمر الذي دفعه إلى اللجوء للمحاكم.
شفاينشتايغر "دمية" نازية للبيع في آسيا!
تعود القصة إلى شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عندما كشفت صحيفة "بيلد" الألمانية أن شركة "دراغون إن دريم" (DiD)، المقرها في هونغ كونغ، قامت بإنتاج دمية تحمل اسم "باستيان"، وترتدي زيًّا للجيش النازي، مزودة بخوذة فولاذية وقبعة صوفية عليها رمز الصليب المعقوف (علامة النازية) وسكين، كما كانت الدمية قادرة على تغيير الملابس وتحتوي على اكسسوارات مثل خبز وعدة طهي.
الدمية التي كانت تشبه شفاينشتايغر
لكن ما أثار الضجة ليس مجرد الملابس العسكرية أو الاسم، بل التشابه المذهل في ملامح وجه الدمية مع شفاينشتايغر، نجم مانشستر يونايتد وقتها وقائد المنتخب الألماني، ما دفع محاميه إلى اتخاذ إجراءات قانونية فورية ضد الشركة، للمطالبة بسحب المنتج من الأسواق.
بحسب الصحيفة، جاء رد الشركة بأن التشابه "محض صدفة"، مدعية أن الاسم شائع في ألمانيا، وأن الشكل العام للدمية يمثل ما وصفوه بـ"الألماني التقليدي"، وهو تصريح أغضب كثيرين في ألمانيا، واعتبرته صحيفة "دي فيلت" إهانة وطنية، إذ رأت في استخدام ملامح لاعب شهير لتمثيل جندي نازي إساءة صريحة لا يمكن تبريرها.
إجراءات قانونية وتداعيات واسعة
المحامي الألماني أولريش أملونغ صرح حينها بأن شفاينشتايغر يملك "أسسًا قانونية قوية" لمقاضاة الشركة، موضحًا أن استخدام صورة شخص من دون إذنه يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوقه الشخصية، وأضاف: "الدمية لا تنتهك فقط حق الصورة، بل تحمل رموزًا نازية تعد مهينة".
لم تكن الشركة تصنع فقط دمى جنود نازيين، بل امتد خط إنتاجها ليشمل دمى للقادة التاريخيين مثل ستالين وتشرشل، ما أثار تساؤلات إضافية حول نواياها، وفي غضون ساعات من انتشار الخبر، سقط موقع الشركة الإلكتروني، وتم إغلاق الصفحة التي كانت تروج للدمية المثيرة للجدل.
ووفقًا لصحيفة "أوغسبورغر ألغماينه" الألمانية، فإن الموقع كان يعرض الدمية تحت اسم "WWII Army Supply Duty"، وضمن ملحقاتها خوذة فولاذية، وزي شتوي أبيض، وقفازات، وسكاكين، وعلب طعام، وحتى أرغفة خبز، في محاولة لجعلها تذكارًا جامعًا لهواة التاريخ العسكري.
غضب في ألمانيا
امتدت أصداء القضية إلى الإعلام والسياسة في ألمانيا، إذ انتقدت الصحف الكبرى ما وصفته بـ"إهانة مزدوجة": الأولى بحق شفاينشتايغر نفسه، والثانية بحق المجتمع الألماني، الذي يسعى منذ عقود للتخلص من أي صورة تربطه بالإرث النازي.
ووصل الغضب إلى حد مطالبة بعض النشطاء بمقاطعة منتجات الشركة، وفتح تحقيقات حول إمكانية منع بيع مثل هذه الدمى في الأسواق الأوروبية، وقد لعبت شهرة شفاينشتايغر ومكانته كرمز وطني دورًا مؤثرًا في تسريع التفاعل مع القضية، خاصة في ظل علاقته الوطيدة بالمستشارة أنغيلا ميركل، التي لطالما أظهرت إعجابها بشخصيته ومسيرته الرياضية، وظهرت معه في مناسبات رياضية بارزة، ما أضفى بعدًا سياسيًّا إضافيًّا على القضية.
وقد بدا أن الضغوط الإعلامية والشعبية، إلى جانب الإجراءات القانونية التي اتخذها شفاينشتايغر، قد آتت أكلها سريعًا؛ إذ أغلقت الشركة المصنعة للمجسم موقعها الإلكتروني، واختفت أي معلومات متعلقة بالدمية من منصاتها الرسمية، ومنذ ذلك الحين، لم يظهر أي أثر للدمية أو لمحاولات إعادة تسويقها، لتطوى صفحة هذه الواقعة الغريبة.