حجز إنتر ميلان مقعده في نهائي دوري أبطال أوروبا للموسم الجاري 2024-2025، بعد فوز مجنون على برشلونة بنتيجة 4-3 بعد التمديد، والفضل في ذلك يعود إلى المدافع فرانشيسكو أتشيربي أحد أكثر اللاعبين إلهامًا في كرة القدم، بعد أن عاد من الموت منتصرًا على السرطان في مناسبتين مختلفتين.
فرانشيسكو أتشيربي المدافع الإيطالي البالغ من العمر 37 عامًا، لم يكن يعلم أنه سيتحول إلى بطل هذه الليلة الأوروبية، بعد حياة متقلبة، عاش خلالها حقبة من التجاوزات، وصراع في مناسبتين مع مرض السرطان، وصولًا إلى التفوق على برشلونة ونجمه الواعد لامين يامال.
قصة فرانشيسكو أتشيربي
نشأ أتشيربي بالقرب من مدينة ميلانو، حيث عشق كرة القدم منذ الصغر، ففي الرابعة عشرة من عمره، غادر أتلتيكو سيفسيو، وهو فريق صغير، ليلعب كرة القدم مع أصدقائه الهواة، وفي الثانية والعشرين من عمره لعب في دوري الدرجة الثانية، أما في سن الثالثة والعشرين فكان يخوض منافسات الدوري الإيطالي بصحبة كييفو، كل ذلك كان من أجل والده، حيث جمع الثنائي عداوة حب وكراهية، لقد راهن والده على فشله المستقبلي، وعند توقيعه على عقود الانضمام إلى جنوى، قام بالتلويح بالعقد الموقع في وجه والده.
كان والد أتشيربي المعروف باسم "روبرتو"، يعاني من ضعف في القلب. نجا من سبع سكتات دماغية لكنه توفي عام 2012، قبل أربعة أشهر من توقيع ابنه لميلان. قال أتشيربي عن رحيل والده: "افتقدت تحدياته. كنت أرتدي قميص أليساندرو نيستا رقم 13، لكنني كنت أعيش حياة مليئة بالتجاوزات، أستمتع بالحفلات بدلًا من التدريب. كنت أشرب أي شيء، وفكرت جديًا في اعتزال كرة القدم"، قبل أن تحدث المفاجئة، حيث كشفت الفحوص عن إصابته بالسرطان، وهو المرض الذي أنقذ حياته!
لعنة السرطان والصراع مع المرض
في يوليو 2013، وخلال الفحص الطبي قبل انطلاق الموسم مع ساسولو، شُخِّص أتشيربي بسرطان الخصية. أُزيل الورم، لكنه سرعان ما عاد للظهور، مما أجبره على الخضوع للعلاج الكيميائي لمدة ثلاثة أشهر، لم يشعر المدافع الإيطالي بالخوف في ذلك الوقت، لكن حلمًا غريبًا شاهد خلاله والده يدفعه نحو الأفضل، جعله يؤمن أن هذا المرض جاء من أجل تغيير حياته، ومن هنا بدأت رحلة التحول.
وفقًا لما ورد في صحيفة "الغارديان" البريطانية، وجد المدافع الإيطالي نفسه مجبرًا على ترك اللعب مع ساسولو، من أجل بدء رحلة العلاج الكيميائي في طريق محاربة سرطان الخصية أوائل عام 2014، وسط روتين غريب سيطر على حياته في ذلك الوقت، حيث اعتاد الخضوع لجلسات العلاج الكيميائي في الصباح أثناء مشاهدة برنامجه المفضل "هو هاوس"، وبعد الحصول على قسط راحة، يخرج من أجل السهر ليلًا وحتى السابعة صباحًا.
كانت البيتزا بصحبة التونة والبصل جزءًا من روتين الحياة اليومية، حيث أفقد العلاج الكيميائي مدافع إنتر ميلان الحالي، شهيته نحو النكهات اللذيذة، وهو ما دفعه للقول في تصريح سابق: "أحيانًا لم أكن أكل على الإطلاق، ولم أكن ألجأ إلى النوم أيضًا".
في أحد الأيام، بعد عام من تشخيص إصابته بالسرطان، استيقظ أتشيربي وقد سيطر عليه الرعب الشديد، لقد عاد شريط ذاكرته إلى الوراء من أجل استعادة كل ما هو سيئ، حتى دخل في حالة نفسية سيئة للغاية، أجبرته على الخوف من ظله، ليبدأ رحلة جديدة من العلاج النفسي.
وسرعان ما بدأ اللاعب الإيطالي حياة جديدة، ترك خلالها السهر، وعاد للتدريبات والنوم المبكر في المنزل، لا كحول، فقط الماء والخضراوات والفاكهة، مع الوجبات الصحية، ليستعيد عافيته بصورة تدريجية ويخوض منذ عام 2015 حتى 2019 ما يصل إلى 149 مباراة متتالية، مقتربًا من رقم خافيير زانيتي الذي خاض 162 مباراة متتالية دون راحة.
الظهور الأوروبي
بعد 7 أعوام من هذه الأزمة، بات أتشيربي مستعدًا للظهور في أول بطولة أوروبية خلال مشواره الاحترافي، لقد كان يبلغ من العمر 33 عامًا، وسط احتلاله مكانة خاصة ضمن أفضل المدافعين في الدوري الإيطالي، فيما كان ينظر روبرتو مانشيني مدرب المنتخب الإيطالي باعتباره ركيزة لا يمكن التخلي عنها.
بدأ اللاعب الإيطالي يقضي ساعات طويلة مع ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال المصابين بالسرطان، وخلال حقبته مع ساسولو، تلقى عرضًا من ليستر سيتي، لكنه رفض الرحيل صوب إنجلترا، انتقل عام 2018 إلى لاتسيو، ومنه إلى إنتر ميلان.
يملك المدافع الضخم منذ الوصول إلى إنتر ميلان 116 مباراة بقميص النادي عبر مختلف المسابقات، أحرز خلالها 5 أهداف وقدم 5 تمريرات حاسمة، لكن ليلة برشلونة لن تنسى في مشوار اللاعب الذي قهر السرطان مرتين للتحول إلى بطل أسطوري في إيطاليا ودوري أبطال أوروبا.