أسدل الستار على مسيرة أحد أشهر المخرجين في تاريخ التليفزيون المصري، بمغادرة محمد نصر الدين أو كما يلقبه البعض "مهندس اللقطة" بلا ضجيج، بعد أكثر من ثلاثين عاما قضاها خلف الكاميرات، في ملاعب صاخبة بالانفعالات.
لكن رحيله لم يكن عاديًا.. بل جاء بعد أشهر قليلة من العاصفة التي فجّرها إخراجه للقاء القمة بين الرجاء والأهلي، في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا 2024، حين اتهمه كثيرون -من جماهير النادي المغربي- بأنه كان "رجل المباراة"، لا من خلف الشاشات فحسب، بل بسبب القرار التحكيمي الأبرز، عبر ركلة الجزاء التي قلبت الموازين، وأشعلت جدلا لم ينطفئ حتى بعد صفارة النهاية.
مخرج مباراة الرجاء في قفص الاتهام
يومها لم يكن محمد نصر مجرد مخرج للمباراة في نظر بعض أنصار الرجاء، بل وُصفوه بأنه صاحب التأثير على تقنية الفيديو، بعد عرضه لقطة اعتبروها حاسمة في توجيه قرار الحكم.
ورغم إقراره بانتمائه للنادي الأهلي، أكد نصر أن ضميره المهني كان دائمًا فوق أي انتماء، قائلًا: "أنا محب للأهلي، نعم، لكن ضميري لا يعرف الألوان". ومع ذلك، ظل الجدل قائمًا، خاصة بعد أن نشرت الصفحة الرسمية للرجاء صورته إلى جانب حكم اللقاء وعلّقت عليها بعبارة: "رجل المباراة".
نهاية ليست ككل النهايات
اليوم، وبعد أشهر من الجدل، يغادر محمد نصر المسرح بصمت. لا احتفالات رسمية، ولا تكريم يليق بمن أخرج كلاسيكيات الكرة المصرية والأفريقية من قمم الأهلي والزمالك إلى ليالي الأبطال في رادس والقاهرة والدار البيضاء.
يذهب بهدوء دون جلبة كأنه اختار الرحيل قبل أن يسلبه أحد ما تبقى له من شغف. في مكتبه القديم، ترك خلفه شاشات مطفأة، ومقعدًا ظل لعقود مركز القرار البصري لكل بيت مصري يوم المباراة.
ترك خبرته وحدسه وذاكرته التي كانت تسبق الكرة دائما بلقطة. وربما يتذكره البعض بـ"قاهر الرجاء"، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يعرفوه إلا من خلال كاميرا نقلت ركلة جزاء مثيرة للجدل.
لكن محمد نصر في ذاكرة المهنة، هو أكثر من مجرد مخرج مباراة. هو الرجل الذي صنع مدرسة إخراجية كاملة، وعلّم أجيالًا كيف تتحدث المباراة بلغة الصورة، وكيف تلتقط اللحظة التي لا تتكرر.