منذ انطلاق الموسم الحالي، يخيم الصمت على مدرجات ملعب جوزيبي مياتزا (سان سيرو) معقل ميلان وإنتر، بعد إضراب روابط المشجعين المتعصبين احتجاجاW على قرارات إدارتي الناديين، اللتين منعتا بعض الأفراد من دخول المباريات، إلى جانب حظر اللافتات الخاصة بهم، عقب الكشف عن مخالفات ارتكبت لعقود طويلة، الأمر الذي فجر ما يعرف بـ"فضيحة الألتراس".
وتعود جذور الأزمة إلى نحو عام مضى، حين ألقت السلطات في ميلانو القبض على 19 شخصاً منتمين إلى مجموعات الألتراس من ميلان وإنتر، بتهم خطيرة شملت التآمر لأغراض إجرامية، والعمل بأساليب أقرب لعصابات الجريمة المنظمة، إضافة إلى الابتزاز وإلحاق إصابات وارتكاب مخالفات أخرى داخل الملعب وخارجه.
ودفعت هذه التطورات الناديين إلى اتخاذ إجراءات صارمة، أبرزها إدراج أسماء بعض المتورطين على قوائم سوداء لمنعهم من الدخول، وكذلك منع رفع لافتاتهم المعتادة، في محاولة للنأي بأنفسهم عن أي ممارسات مشبوهة.
لكن رد فعل الألتراس جاء سريعاً، ولم تسمع أي شعارات ولم ترفع أي لافتات أو أعلام، وامتلأت المدرجات خلال مباريات ميلان وإنتر، دون أي تناغم في ظل عدم انتماء قطاع من الجمهور لروابط المشجعين ولا اهتمامهم بحالة الشحن عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكانت النتيجة هي الصمت في بقية أنحاء الملعب.
مدرجات صامتة.. أزمة ميلان تتفاقم داخل الملعب وخارجه
واستهل ميلان موسمه الجديد مبكراً بأسبوع، ليبدأ معه أيضاً الاحتجاج الصامت في مدرج "كورفا سود"، فقد دخل مشجعو الروسونيري المتعصبون إلى المدرجات دون لافتات أو أعلام، وظلوا صامتين طوال 90 دقيقة سواء في مواجهة باري ضمن كأس إيطاليا، أو خلال لقاء الجولة الأولى من الدوري الإيطالي أمام كريمونيزي، الذي انتهى بهزيمة قاسية (2-1) أمام الفريق الصاعد حديثاً.
وشهدت مباراة كريمونيزي تقديم الكرواتي لوكا مودريتش لاعباً جديداً للفريق، إلى جانب عودة المدرب ماسيميليانو أليغري، لكن ما احتفل به الأولتراس لم يتجاوز هذا الحد.
التوتر ازداد بشكل لافت بعدما صعّد أولتراس ميلان احتجاجاتهم داخل وخارج ملعب سان سيرو ضد مجلس إدارة النادي المملوك لصندوق الاستثمار الأمريكي "ريد بيرد كابيتال"، وسط اتهامات مباشرة للإدارة بالمسؤولية عن خروج الفريق من البطولات الأوروبية.
وفي بيان نشرته رابطة "كورفا سود" عبر منصات التواصل الاجتماعي، قالت: "تم حظر جميع اللافتات القديمة، كما وُضعت قائمة سوداء طويلة بأسماء الممنوعين من حجز تذاكر في المدرج الثاني. بداعي النظام العام يمنعوننا من الحجز في تلك المنطقة، لكن إن تمكنا من الحصول على إحدى التذاكر القليلة المتاحة، تختفي فجأة مشكلة النظام العام. إنه أمر جنوني!".
وأضاف البيان: "للأسف الشديد، في ظل هذا النظام الاستبدادي الذي يخيم على سان سيرو، لم يعد هناك مجال حتى لأبسط أشكال التشجيع التي اعتدنا عليها لعقود، كما يحدث في باقي ملاعب إيطاليا. نشعر بالحزن تجاه المدرب والفريق، فهم أيضًا ضحايا لهذا القرار الذي يمثل قمعًا أعمى لا يستند إلى أي منطق. استمتعوا بالعرض!".
كورفا نورد خارج المشهد.. الإنتر يفقد جماهيره المتعصبة
من جانبها، صعدت رابطة "كورفا نورد"، التي تضم جماهير إنتر ميلان المتعصبة، موقفها بشكل أكبر بعد منع بعض أعضائها من شراء التذاكر وحظر دخول اللافتات المعتادة، مؤكدة أنها قررت مقاطعة المباريات والتوقف عن الحضور إلى المدرجات لأجل غير مسمى، رغم البداية القوية للفريق هذا الموسم بفوزه العريض (5-0) على تورينو.
وجاء في بيان الرابطة: "إلى جانب الزيادة غير المبررة في أسعار التذاكر، نعاني أيضًا من تبعات ما يُعرف بالقوائم السوداء؛ إذ حُرم العشرات من شباب المجموعات من تجديد اشتراكاتهم دون أي سبب واضح. والغالبية العظمى منهم ليست لديهم سوابق جنائية أو مشكلات قانونية تبرر هذا المنع".
وأضاف البيان: "غيابنا عن المدرجات سيستمر حتى تعود الأعلام لتُرفع بحرية، وتعود الهتافات لتملأ المكان من جديد".
واختتمت الرابطة رسالتها بالقول: "لن نعود إلى سان سيرو إلا حين يصبح ملعبًا مفتوحًا للجميع، لا ساحة محاصرة بالقمع والمنع. وحتى تعود الأسعار لمستوى عادل يتيح لأي مشجع يرغب في دعم الإنتر أن يحضر المباريات. نحن لا نطلب امتيازات خاصة، بل فقط ما هو متعارف عليه في الملاعب الإيطالية والأوروبية".