يبدو أن السيناريو يعيد نفسه في الدوري السعودي من نادي الاتحاد إلى النصر، ولكن هذه المرة بلمسة برتغالية خالصة، فبعد أن سلك النجم الفرنسي كريم بنزيما طريقاً خاصاً به داخل أسوار نادي الاتحاد، يجد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو نفسه يسير على نفس الدرب في نادي النصر.
والأمر ليس له علاقة بالتنافس الرياضي، بل يتعلق نفوذ النجوم الكبار الذي تجاوز حدود المستطيل الأخضر ليصل إلى قرارات إدارية وفنية مصيرية، وكأن كلاً منهما يعيد بناء فريقه على طريقته الخاصة.
تظهر هذه التجارب كيف يمكن للاعبين الكبار أن يكونوا محركات أساسية في إعادة هيكلة أنديتهم، من خلال التدخل في اختيار المدربين، التعاقد مع اللاعبين، وتوجيه مسار الفريق نحو النجاح، ويبدو أن كريستيانو يعيد بناء النصر على نهج بنزيما، عبر تكوين جسر برتغالي قوي قد يعيد العالمي إلى منصات التتويج.
قرارات بنزيما مع الاتحاد.. تدخلات ناجحة
في موسم 2023-24، عانى الاتحاد من موسم ضعيف ومخيب للآمال، حيث لم يظهر الفريق بالمستوى الذي يليق بتاريخه وجماهيره العريضة، وكان الأداء الفني متواضعاً، والنتائج لم تكن مرضية، مما دفع الإدارة إلى إجراء تغييرات عدة على رأس الجهاز الفني.
وفي هذا الوقت الحرج، ظهر دور كريم بنزيما بشكل لافت، حيث لم يكتفِ فقط بالتركيز على أدائه الفردي، بل شارك بشكل مباشر في صياغة خارطة طريق لإعادة الاتحاد إلى المسار الصحيح، تدخُل بنزيما كان واضحاً في عدة محطات، بدءاً من دوره في الإسهام بتوصية إقالة نونو سانتو، ثم غاياردو، وصولاً إلى ترشيحه لمواطنه لوران بلان الذي كان له الفضل الكبير في استعادة الاتحاد لمكانته.
كما لعب بنزيما دوراً مهماً في التعاقد مع لاعبين جدد، أبرزهم الفرنسي نغولو كانتي، الذي قدّم موسماً مميزاً بتألقه في وسط الملعب، وموسى ديابي، الذي خاض موسماً تاريخياً مع الاتحاد، وأصبح أحد أبرز الأوراق الرابحة في الفريق حيث شارك في 28 مباراة وسجل 6 أهداف وصنع 15 هدفًا آخر في موسمه الأول.
بجانب ضم الدولي الجزائري وابن مدينته في ليون، حسام عوار، وبالمقابل شهد الفريق رحيل النجم المغربي عبد الرزاق حمد الله، وهو قرار كان جزءاً من إعادة الهيكلة التي طلبها بنزيما، في ظل فشل تناغم الثنائي في أول موسم للفائز بالكرة الذهبية 2022.
كل هذه التدخلات أدت إلى تحول كبير في مسيرة الاتحاد، حيث تُوّج الفريق بلقب دوري روشن السعودي وكأس الملك في موسم 2024-25، ما أكد نجاح الإستراتيجية التي أطلقها النجم الفرنسي.
رونالدو والنصر.. إعادة البناء عبر "الجسر البرتغالي"
الآن، يأتي الدور على كريستيانو رونالدو ليعيد المشهد نفسه، ولكن بصبغة مختلفة، فالنجم البرتغالي لم يكتفِ بقيادة الفريق فنياً، بل بدأ في رسم ملامح النصر الجديد.
بدأت الخطوات الأولى لـ "جسره البرتغالي" بالمدرب، فقد أشار رونالدو إلى أهمية وجود مدرب يتمتع بخبرة واسعة في الكرة الأوروبية والبرتغالية تحديدًا، وهو ما دفع النادي للاهتمام بالمدرب البرتغالي جورجي جيسوس، صاحب النجاحات الكبيرة مع الهلال في أول موسمين لكريستيانو في دوري روشن والذي حرمه من الألقاب في أكثر من مناسبة في كأس ولي العهد وكأس السوبر.
الخطوة الثانية، التي تُعد بمثابة الدليل الأقوى على هذا النفوذ، كانت في ملف التعاقدات، فقد أعلن عن انضمام البرتغالي سيماو كوتينيو مديراً جديداً للتعاقدات بالنادي ليخلف الإسباني فرناندو هييرو؛ وفيما يخص اللاعبين تعاقد النادي مع جواو فيليكس بنظام الإعارة من تشيلسي بعدما كان في طريقه إلى بنفيكا.
لم تقتصر اهتمامات رونالدو على الأسماء اللامعة فقط، بل امتدت لتشمل المواهب الشابة أيضاً، فقد كشفت التقارير عن اهتمام النصر بالتعاقد مع المهاجم البرتغالي فرانسيسكو ترينكاو، لاعب نادي سبورتينغ لشبونة، والذي ظهر مع رونالدو في منتخب البرتغال بشكل مميز مؤخراً، مما يعزز آمال الفريق في تدعيم هجومه بلاعب شاب يمتلك إمكانيات عالية وطموحاً كبيراً.
ورغم التأثير الكبير الذي يحدثه رونالدو داخل نادي النصر، لا يزال النجم البرتغالي يبحث عن أول ألقابه الرسمية مع الفريق منذ انضمامه في يناير 2023. ولم يتمكن حتى الآن من التتويج بأي بطولة كبرى مع النصر، باستثناء الفوز بالبطولة العربية للأندية في نهاية موسم 2023-24، والتي تُعتبر بطولة ودية ولا تحمل نفس وزن الألقاب الرسمية المحلية والقارية. هذا الأمر يزيد من التحدي أمام رونالدو، الذي يسعى بشدة لتحقيق الألقاب الرسمية والظهور بقوة في البطولات السعودية والقارية مع أصفر العاصمة.