قرر ماركوس راشفورد فتح صفحة جديدة في مسيرته الكروية بعد سنوات من التذبذب داخل مانشستر يونايتد الإنجليزي، وهذه المرة من بوابة نادي برشلونة الإسباني، حيث يسعى إلى استعادة بريقه والتخلص من شبح الإخفاقات.
خطوة جريئة تقوده ليصبح أول لاعب إنجليزي يرتدي قميص "البلوغرانا" منذ 40 عامًا، وتحديدًا منذ حقبة غاري لينيكر، الذي حقق بدوره نجاحات تاريخية مع النادي الكتالوني في أواخر الثمانينيات.
راشفورد في برشلونة.. ركلة ضائعة غيرت مسيرة "الطفل المعجزة"
ولد راشفورد وترعرع في مانشستر، المدينة التي عشق فريقها منذ الصغر، حيث انضم إلى مانشستر يونايتد في عمر مبكر ومرّ بكل المراحل السنية حتى بلغ الفريق الأول في موسم 2016/2017، الذي شهد تتويجه بلقب الدوري الأوروبي تحت قيادة جوزيه مورينيو.
ومع انطلاقته السريعة، تنبّأ له الكثيرون بأن يكون أحد الورثة الشرعيين لنجومية البرتغالي كريستيانو رونالدو جناح النصر السعودي حاليًا، أو الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم إنتر ميامي الأمريكي.
لكن هذه التوقعات سرعان ما اصطدمت بالواقع القاسي، خصوصًا بعد ركلة الجزاء الضائعة في نهائي يورو 2020 أمام إيطاليا، التي شكلت لحظة سقوط مفاجئة لـ"الطفل المعجزة" كما لقب حينها. منذ ذلك الحين، بدأ منحنى مستواه في التراجع، وتوالت الانتقادات والمشكلات، سواء داخل الملعب أو خارجه.
لمحات فنية.. وأزمة هوية هجومية
اشتهر راشفورد بسرعته العالية ومهاراته الفردية الحادة، مع قدرة مميزة على اللعب في الجناح الأيسر أو كمهاجم صريح. لطالما أرهق المدافعين في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما فعل مع برشلونة نفسه في مواجهة الدوري الأوروبي عام 2023.
وبعد فترة صعبة في مانشستر يونايتد، حاول النهوض مجددًا من خلال تجربة قصيرة مع أستون فيلا تحت قيادة أوناي إيمري، حيث أظهر بعضًا من بريقه بتسجيله 11 هدفًا وتقديم 9 تمريرات حاسمة خلال الموسم.
الآن، في برشلونة، يجد النجم الإنجليزي نفسه أمام تحدٍ جديد وكبير، في ناد تعود على الأسماء الكبيرة والمواهب الخارقة، بدءًا من ريفالدو ورونالدينيو، وصولًا إلى نيمار، الذين تألقوا جميعًا في المركز ذاته.
الوجه الآخر لماركوس راشفورد.. حارب الجوع وتحدى العنصرية
بعيدًا عن المستطيل الأخضر، يعرف اللاعب بجهوده الإنسانية الكبيرة، خاصة خلال فترة جائحة كورونا. لم يتردد اللاعب في النزول إلى الشوارع، والمشاركة في توزيع الطعام على المحتاجين، ودعم حملات القضاء على الفقر والجوع في مدينته.
تلك المواقف جعلته يحتل المركز الأول كأصغر متبرع في قائمة صحيفة "صنداي تايمز"، كما خلد اسمه بلوحة جدارية في شارع كوبسون بمدينة مانشستر، حيث يتم تكريمه بالزهور والهدايا بشكل مستمر.
لكن لحظة ركلة الجزاء في نهائي يورو 2020 ستظل علامة فارقة في مسيرته، حيث واجه بعدها عاصفة من الهجوم العنصري والإهانات القاسية، رغم تصريحه الشجاع: "لن أعتذر أبدًا عن هويتي أو عن المكان الذي أتيت منه". هذا الحدث ترك أثرًا نفسيًا كبيرًا عليه، وأدى إلى تراجع واضح في مستواه لسنوات لاحقة، حتى فقد مركزه الأساسي في يونايتد.
هل يعيد برشلونة اكتشاف راشفورد؟
في بداية الموسم الجديد 2024/2025، لم يكن المهاجم الإنجليزي ضمن خطط إريك تين هاغ، قبل أن يظهر المدرب الجديد روبن أموريم، الذي لم يمنحه الثقة كذلك.
وعندما انتقل إلى أستون فيلا، بدا وكأنه وجد نفسه من جديد. لكن التجربة الكتالونية ستكون مختلفة تمامًا، فهي ليست مجرد فرصة لاستعادة المستوى، بل اختبار لقدرة راشفورد على التألق في نادٍ عالمي يملك إرثًا عريقًا وتوقعات ضخمة.
في نهاية المطاف، قد تكون هذه الفرصة الأخيرة للنجم الإنجليزي لإعادة كتابة قصته، والعودة إلى مكانته الطبيعية بين الكبار.