بعد تغييره الجذري لسوق انتقالات لاعبي كرة القدم من خلال جذب نجوم عالميين بصفقات كبيرة، ينطلق دوري روشن السعودي لكرة القدم "الجمعة"، وسط تحديات لإثبات نفسه وانتقادات متعلّقة بالأموال المنفقة.
وبات دوري روشن السعودي مقصدًا للاعبين من البطولات الأوروبية الكبرى، الذين لم يتوقعوا إنهاء مسيراتهم الزاخرة في الدولة المصنفة 54 عالميًا، بحسب الاتحاد الدولي (فيفا).
بدأت الحكاية بتعاقد النصر مع أفضل لاعب في العالم خمس مرات البرتغالي كريستيانو رونالدو بصفقة مقدّرة بـ400 مليون يورو لموسمين ونصف في يناير/ كانون الثاني الماضي، ثم لحق به زميله السابق في ريال مدريد الإسباني المهاجم الفرنسي كريم بنزيما مع الاتحاد بطل الدوري، فيما انضم المهاجم السنغالي ساديو ماني ولاعب الوسط الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش إلى النصر.
وانضم الجناح الجزائري رياض محرز -الفائز بدوري أبطال أوروبا الموسم الفائت- والمهاجم البرازيلي روبرتو فيرمينو والحارس السنغالي إدوارد ميندي إلى أهلي جدة، والتحق البرتغالي روبن نيفيز والصربي سيرغي ميلينكوفيتش سافيتش بالهلال والمدرب الإنجليزي ستيفن جيرارد ومواطنه جوردان هندرسون إلى الاتفاق، في خطة قالت وزارة الرياضة السعودية إنها تستهدف "الوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل 10 دوريات في العالم".
واستحوذ صندوق الاستثمارات العامة، أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم بأصول تتجاوز 620 مليار دولار، على أندية الهلال والنصر والاتحاد والأهلي بنسبة 75%، فيما أشارت تقارير إلى أن الإنفاق الرياضي بلغ 6 مليارات دولار منذ 2021؛ أي أكثر من أربعة أضعاف الفترة بين 2014 و2021.
تجربة أكثر صلابة
بعد استثمارها مئات الملايين من الدولارات في رياضات الغولف وسباقات فورمولا واحد ومباريات الملاكمة وشراء نادي نيوكاسل الإنجليزي، تطلق السعودية بطولة كرة القدم بمشاركة 18 ناديًا للمرة الأولى، يحق لكل منها إشراك ثمانية لاعبين أجانب في المباراة.
وقارن البعض ثورة تعاقداتها بموجة شراء الأندية الصينية لاعبين مميزين العقد الماضي، وهو مشروع سخي انهار مع دخول سوق العقارات في الصين أزمة مالية خانقة.
إلا أن محمد مندور، الصحافي الرياضي في موقع "سبورتس داتا" الفرنسيّ، يراهن على "صلابة" التجربة السعودية بالقول: "البطولة السعودية هي أقوى دوري في الشرق الأوسط من حيث الجودة الفنية والتعاقدات والتحكيم والمتابعة والنقل التلفزيوني والرعاية".
ويؤكّد عضو مجلس إدارة الدوري السعودي، البريطاني بيتر هاتون، أن "الميزانيات موجودة وتمتد لسنوات عدة، كما تعلمون، ولا أرى أن ذلك يتباطأ".
بوصلة كرة القدم
على الرغم من الانتقادات التي أطلقها البعض، بالقول إن نجوم كرة القدم غادروا صوب الدوري السعودي من أجل الاعتزال، فإن لاعب الهلال البرتغالي نيفيز، القادم من وولفرهامبتون الإنجليزي، قال: "لسنا هنا للتقاعد".
وأكد مدير تحرير صحيفة "الرياضية"، مقبل الزبني، أن السعودية ترغب في "تغيير بوصلة كرة القدم التنافسية العالمية إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية".
وأشار إلى أن الهدف هو أن تكون "الكرة السعودية موجودة ومنافسة في المحافل الدولية" ككأس العالم؛ حيث تأهلت السعودية مرّة وحيدة للدور الثاني من ست مشاركات.
وتثير هذه الرغبة السعودية مخاوف كبار المدربين في أوروبا، فقال الإسباني بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي بطل أوروبا، إن الدوري السعودي "غيّر السوق تمامًا"، متوقعًا انتقال "المزيد والمزيد" من اللاعبين.
كما أعرب الألماني يورغن كلوب، مدرب ليفربول الإنجليزي، عن قلقه من الإغلاق المتأخر لنافذة الانتقالات الصيفية في السعودية، مقرًا أنّ تأثيرها بات ضخمًا، ومناشدًا السلطات الكروية بإيجاد حل له.