خسر برشلونة معركة الكلاسيكو أمام ريال مدريد بعدما ضربه جود بيلينغهام بهدف قاتل في الدقيقة (90+2) ليحسم القمة الأولى لصالح الميرينغي رافعًا الفارق بين ريال مدريد وبرشلونة إلى 4 نقاط في سباق الفوز بلقب الليغا.
برشلونة كان قد تقدم بهدف مبكر لإيلكاي غوندوغان قبل أن يعادل جود بيلينغهام في منتصف الشوط الثاني ثم يسجل هدفًا يُعد أول هدف فوز لفريق ريال مدريد في تاريخه أمام برشلونة على ملعبه في الوقت المحتسب بدلًا من الضائع.
شوط ممتاز
قبل الدخول في إستراتيجية الشوط الأول، لا بد من معرفة أن برشلونة قبل المباراة كان وسطه تائهًا غير قادر على بناء اللعب أو منع خطورة المنافس، ودفاعه ليس بنفس قوة الموسم الماضي، ويعاني من عدم الاستقرار على طريقة الهجوم ما بين الأطراف أو العمق، وعدم الاستقرار هنا لن يكون بمعنى إيجابي بالتنويع بين الخيارين، بل فوضى لا تخطئها العين في تمركزات بعض لاعبي الوسط الهجومي، وأخيرًا تميز للجناحين لكن دون تنسيق بين دور الجناح ودور الظهير.
لذلك كان قرار تشافي اللعب بطريقة 3/4/3 قرارًا ممتازًا، بوجود ثلاثي دفاعي يمنح الفريق صلابة دفاعية في وجود إنييغو مارتينيز وكريستنسن وأراوخو، وكذلك يمنح حلولًا هجومية ممتازة وهو ما سنتطرق إليه لاحقًا.
أما على صعيد الوسط، فوجود ثلاثي لم يكن مفيدًا كثيرًا في بناء اللعب؛ لذلك استغنى تشافي عن خدمات أوريول روميو واكتفى بوجود غوندوغان وغافي، عله يجد مهربًا للكرة بطرق أخرى غير تدويرها في خط الوسط.
يبدو أن أنشيلوتي فوجئ بلعب البرسا بثلاثي دفاعي؛ إذ وضح بشكل قاطع أن عملية الضغط التي رسمها لم تكن ستؤتي ثمارها، ويضغط بيلينغهام على غوندوغان مع ضغط رودريغو وفينيسيوس جونيور على قلبي الدفاع فإذا بالبرسا يمتلك مدافعًا ثالثًا!
في كل مرة كان يحاول ريال مدريد قطع الكرة في تلك المنطقة يفشل بسبب تفوق البرسا العددي، ولم يحرك المدير الفني الإيطالي ساكنًا إزاء هذا الأمر سوى في الشوط الثاني بتقديم تشواميني للأمام لمساندة بيلينغهام، لكن المشكلة كانت واضحة في أن فينيسيوس جونيور ضعيف جدًا دفاعيًا، ولا يمتلك الإدراك اللازم لفهم كيف ستُمرر الكرة من فوق أو من حوله؛ لذلك كان أراوخو أو كانسيلو مهربًا مهمًا للكرة في أول 20 دقيقة من الشوط الثاني.
ضعف ضغط ريال مدريد في الشوط الأول منح وسط برشلونة النفس الذي يحتاجه، فخسارة ثلاثة لاعبين دفعة واحدة في مسألة الضغط منح غوندوغان الفرصة ليبدع في إخراج الكرة بعد ذلك وتطوير الهجمة، فالخيارات تزيد بعد خط دفاع الريال الأول.
تشافي لم يكتفِ بإستراتيجيته الممتازة في الخروج بالكرة بل عكف على إيجاد أفضل طريقة ممكنة لعدم تضارب الأدوار مع وجود ظهيرين جناحين ككانسيلو وبالدي.
لذلك كان اختياره ممتازًا بالبدء بفيرمين لوبيز إلى جانب جواو فيليكس الضامن لمكانه، ومن خلالهما كان برشلونة يتنفس حول منطقة جزاء ريال مدريد، خاصة في الجانب الذي يلعب فيه توني كروس الأقل بدنيًا، كما أن أنشيلوتي ساعد في نجاح هذا النظام الكتالوني بعدما حاول تكرار ما فعلته فرق سابقة باللعب بخماسي دفاعي وذلك بعدما ثبت فالفيردي كلاعب خامس في الخط الدفاعي لغلق المنافذ على الطرفين؛ لكن لم يفطن أنشيلوتي إلى أن البرسا لا ينوي اللعب على الأطراف هذه المرة.
نتيجة كل هذه الأمور تفوق برشلونة بوضوح في أغلب أرجاء الملعب، وعدم قدرة ريال مدريد على مجاراة أصحاب الأرض الذين كان عليهم تسجيل هدف ثانٍ لإنهاء الأمور؛ لكنهم لم يفلحوا وتركوا الأمر عرضة للتغيير في الشوط الثاني.
بدلاء كارثيون
قبل الحديث عن كارثية بدلاء برشلونة، كان تشافي هو الآخر يقوم بدوره لهزم نفسه بعدما تفوق في الكلاسيكو بالفعل في إستراتيجيته الممتازة، فقد كرر المدير الفني الإسباني ما كان يفعله في الموسم الماضي بالتراجع عند التقدم في النتيجة. نعم البرسا استمر في صنع الخطورة خاصة من جبهة كانسيلو لكنه تخلى عن الضغط على عناصر ريال مدريد من الخط الأمامي ليتنفس الريال الذي يمتلك خط وسط قويًا قادرًا على تطوير الهجوم في حالة وصول الكرة إليه بشكل غير مضغوط وهو ما حدث.
تبديلات تشافي لم تكن وحدها سببًا في خسارة برشلونة للسيطرة لكن حتى قبل تلك التبديلات بدأت ملامح عودة ريال مدريد في الظهور من خلال حضور أكثر كثافة في وسط ملعب البرسا، وعدم الاعتماد بشكل مبالغ فيه على فينيسيوس جونيور الذي كان مشغولًا بأشياء أخرى غير التأثير الفعلي الإيجابي لصالح فريقه.
لكن مع دخول بدلاء البرسا للقاء بدأت الأمور في الانهيار أكثر. قدم روبرت ليفاندوفسكي ملحمة في القرارات الخاطئة والتمريرات الضائعة، بينما كانت قراراته بطيئة جدًا رغم أنه كان بإمكانه التسديد على المرمى في أكثر من لقطة؛ لكنه لم يفعل ليتباطأ ثم يمرر بشكل خاطئ، فيما فشل تمامًا في أن يكون مهربًا للكرة بكرة طويلة تفك ضغط ريال مدريد الذي بدأ في التعاظم بعدما بدأ أنشيلوتي في تقديم فالفيردي وتشواميني للأمام ليضغطا بشكل مكثف.
أما أوريول روميو فواصل التأكيد على مستواه السيئ بعدما فقد الكرة في عدة مرات ليضع ضغطًا أكبر على زملائه، لكن الطامة الكبرى جاءت في تكراره لنفس الخطأ الذي وقع فيه أمام شاختار دونتسك في بطئه الشديد وعدم متابعته للقادمين من الخلف.
وبعد أن فعلها الأوكراني هيوري سوداكوف، لاعب شاختار دونيتسك، في لقاء دوري أبطال أوروبا، كرر بيلينغهام نفس الانطلاقة وتخلص من رقابة ارتكاز البرسا ليمنح الريال الفوز الغالي.
الخلاصة .. تشافي قدم ساعة ممتازة، ثم تراجع للخلف قبل أن يقوم بتبديلات منطقية بالنظر لمن غادر أرض الملعب؛ لكن بدلاءهم ممن شاركوا أسهموا في تراجع فريقهم وخسارته لكلاسيكو مهم على مستوى الثقة ليتلقى برشلونة أولى هزائمه هذا الموسم.