تعثر منتخب الجزائر بقيادة مدربه السويسري فلاديمير بيتكوفيتش أمام نظيره الغيني اليوم الإثنين بالتعادل معه سلباً في مدينة الدار البيضاء المغربية، لحساب الجولة الثامنة من تصفيات أفريقيا لكأس العالم 2026، ليتأجل حسم التأهل إلى الجولة المقبلة المقررة شهر أكتوبر/ تشرين الأول، عندما يلاقي منتخب الصومال.
ورغم هذا التعادل المخيب، حافظ الخضر على صدارة المجموعة السابعة برصيد 19 نقطة، متقدمين بفارق أربع نقاط عن منتخبي أوغندا الثاني وموزمبيق الثالث، ما يعني أن الفوز على الصومال في الجولة التاسعة في شهر أكتوبر القادم سيكفي رفقاء هشام بوداوي من أجل حسم بطاقة التأهل المونديال الخامس في تاريخ البلاد.
على الورق تبدو مهمة التأهل إلى المونديال في المتناول ومسألة وقت لا غير، لكن المستوى الذي ظهر به "المحاربون" ضد غينيا وقبلها ضد بوتسوانا في تيزي وزو (رغم الفوز 3-1)، جعل الجماهير الجزائرية في قمة القلق، لا سيما أن موعد كأس أمم أفريقيا 2025 في المغرب بات قريباً جداً، ولا يفصلنا عنه سوى أربعة أشهر.
بيتكوفيتش طمس هوية منتخب الجزائر!
ظهر الخضر بمستوى فني متواضع للغاية ضد غينيا، حسب الكثير من المتابعين كوسائل إعلام أو جماهير، ولم يقدم رفقاء القائد رياض محرز شيئاً إيجابياً يُذكر، حيث فقدوا الاستحواذ على الكرة، وغابت الفرص المحققة للتسجيل، كما غاب التنسيق فوق أرض الملعب بين اللاعبين، مع غياب واضح لفلسفة اللعب، بسبب خيارات المدرب وإصراره على إشراك أسماء تراجع مستواها بشكل كبير.
أمام بوتسوانا انتقدت الجماهير بحدة خيارات بيتكوفيتش من خلال إشراك نبيل بن طالب في وسط الملعب ورياض محرز في الجناح الأيمن، وحسام عوار في مركز صانع لعب، مع استبعاد أنيس حاج موسى وإبراهيم مازا كلياً من القائمة، والنتيجة كانت تعادلاً إيجابياً في الشوط الأول، قبل أن ينقذ كلٌّ من عمورة والبديل بغداد بونجاح مدربهما بتسجيل الأول هدفاً، وزميله الآخر ثنائية في الشوط الثاني.
في مباراة غينيا، حاول بيتكوفيتش تعديل الوضع لتفادي الظهور بنفس مستوى الشوط الأول ضد بوتسوانا، لكنه أخطأ التقدير مرة أخرى بخيارات غير موفقة تماماً، وأشرك رامز زروقي وفارس شايبي بدل بن طالب وعوار، وكلا اللاعبين ظهر بوجه سيئ أيضاً، إذ غاب التنسيق بينهما واستحوذ لاعبو غينيا على وسط الملعب طوال المباراة تقريباً.
على مستوى الهجوم، كانت المفاجأة بإشراك سعيد بن رحمة أساسياً في الجهة اليسرى وتوظيف محمد الأمين عمورة (أفضل لاعب في الوقت الحالي) على اللعب في مركز قلب الهجوم، مع الاحتفاظ بمحرز في الجهة اليمنى، ولم تسر الأمور مرة أخرى بالشكل اللازم، وغابت الفرص الحقيقية، دون الحديث عن المستوى الجماعي الذي كان سيئاً، ولم يتحسن الوضع في الشوط الثاني رغم دخول أمين غويري وحاج موسى.
عمورة ليس سوبرمان!
يعد عمورة هداف المنتخب الجزائري في تصفيات مونديال 2026 برصيد 6 أهداف ويمتلك أيضاً 4 تمريرات حاسمة، ما جعله النجم الأول بفضل مستوياته الثابتة، ليصبح مدلل بيتكوفيتش الأول، الذي لا يمكن الاستغناء عنه مهما كان حجم المنافس، ولسوء الحظ أنه لم يوفق أمام غينيا هجومياً، وأضاع فرصة محققة للتسجيل.
ولم يظهر الخضر أي طريقة لعب واضحة في بناء الهجمات من الخلف نحو الهجوم، واعتمد رباعي الدفاع على الكرات الطويلة تجاه عمورة، خاصة مع البطء الواضح لرامز زروقي في نقل الكرات إلى الأمام، ما جعل الفوضى تغلب على أداء المنتخب ضد منتخب متواضع يعاني من غيابات نوعية في صفوفه.
"عمورة ليس سوبرمان" ولا يمكنه فعل كل شيء بمفرده، رغم اجتهاده ومشاركته هجومياً ودفاعياً، ففي كثير من الأحيان كان هو من يشتت الكرات من داخل منطقة الجزاء أمام مهاجمي غينيا، ثم تجده يقود الهجمات المرتدة السريعة ويحاول تسجيل الأهداف وتقديم التمريرات الحاسمة، لكن ذلك لا يكفي للفوز على منتخب منظم تكتيكياً.
الآن سيكون على بيتكوفيتش التفكير جدياً في إحداث تغييرات حقيقية قبل موعد المعسكر المقبل، والبحث عن حلول جدية لإعادة هوية المنتخب التي طمست في المباريات الأخيرة، قبل المشاركة في "كان" المغرب ثم المونديال، فالتأهل إلى المونديال بالنسبة لمنتخب بحجم الجزائر ضمن مجموعة متواضعة يعد تحصيل حاصل ولا يمكن أن يكون أمراً خارقاً للعادة.