سقطت آخر أوراق العرب الرابحة في كأس أمم أفريقيا 2024 بعد خسارة منتخب المغرب أمام نظيره منتخب جنوب أفريقيا مساء أمس الثلاثاء بهدفين نظيفين في دور الـ 16 من البطولة، بمفاجأة جديدة في النسخة الحالية العامرة بالمفاجآت العديدة.
رابع العالم دفع ثمن إهدار الفرص في الشوط الأول ليتلقى هدفًا صاعقًا في بدايات الشوط الثاني وظل بعدها يبحث عن التعويض طوال الوقت المتبقي، وأضاع أشرف حكيمي فرصته الذهبية للعودة في النتيجة بعدما أهدر ركلة جزاء قبل أن يسجل البافانا بافانا هدفهم الثاني ليتأهلوا إلى ربع نهائي البطولة التي أصبحت من دون فريق عربي في دور الثمانية للمرة الأولى منذ عام 2013.
أسود الأطلس وجدوا أنفسهم متأخرين في النتيجة بفضل هدف حدث من لعبة مكررة لمنافسهم الذي يتمتع كثير من لاعبيه برؤية فنية مميزة اكتسبها بعضهم من خلال اللعب لفريق صن داونز الذي يجيد اللعب في المساحات الضيقة عن طريق منح الزملاء منافذ للتمرير وكذلك اللعب بين الخطوط وهنا كان بيت القصيد.
مشكلة مكررة لدى مدرب المغرب
يكلّف وليد الركراكي خط وسطه بالكثير من المهام الدفاعية مفضّلًا عدم إشراك لاعبي الخط الأمامي أو الخلفي في مسألة الضغط في العمق، ولا يتدخلون إلا في حالة خلو الساحة من أحد لاعبي الوسط عند استلام المنافس للكرة وهو أمر استغله المنافسون في أكثر من مرة.
والأمر يزداد استفحالًا عندما لا يكون هناك تنسيق واضح بين سفيان أمرابط وزميليه في مركز محور الوسط عندما يضغط الأول على المنافسين وينتظر من زملائه تغطية المساحة التي تركها خلفه، بل يلتزم كلا المحورين بمكانه أو ينشغل بالدفاع على الأطراف أحيانًا.
في مباراة الكونغو الديمقراطية تحرك الجناح الأيسر ويسا للعمق في محاولة منه لاستغلال انشغال خط وسط المغرب بحامل الكرة وتركهم لمساحة واضحة بينهم وبين خط الدفاع، لكن الظهير الأيمن للكونغو كالولو لم يمرر لويسا، إلا أن الأمر ازداد استفحالًا بعدما اضطر ظهير المغرب الأيسر الشيبي للخروج لمنع الجناح الأيمن من تسلم الكرة في المساحة في ظهر الوسط لتنكشف الثغرة خلف الشيبي ويسجل منها الكونغو هدف التعادل.
زامبيا كذلك كانت قادرة على استغلال هذا الأمر، ففي هذه المرة خرج سفيان أمرابط للضغط ولم يعر زملاؤه في الوسط الأمر اهتمامًا كبيرًا؛ لذلك بعدما غطّى الخنوسي على الجانب الأيمن ليمنح حكيمي فرصة سد الفراغ بينه وبين نايف أكرد لكن ذلك الأمر تسبب في مشكلة كبيرة بعدما تراخى ريتشاردسون في التغطية هو الآخر في العمق ليتمركز فاشون ساكالا في تلك المساحة الكبيرة بين الوسط والدفاع ويطوّر الهجمة لتصير خطيرة على مرمى المغاربة.
جنوب أفريقيا أدركت الثغرة.. والمغرب لم يكترث!
يتمتع لاعبو صن داونز برباطة جأش كبيرة في التمرير وكذلك بذكاء حاد في اختيار أماكن تسلم تلك التمريرات، ولم يحيدوا عن تلك القاعدة أمام أسود الأطلس، فاستغل ثيمبا زواني هذا الأمر ليتسلم تمريرة سيثولي الأمامية خلف خط ضغط وسط المغرب الذي يلعب على خط واحد كعادته (أو يضغط بدون تنسيق)، لكن من حسن حظ سفيان أمرابط وسليم أملاح أن تمريرة سيثولي كانت بطيئة -نوعًا ما- ولم تمنح زواني الفرصة للالتفاف بسرعة وذلك مع ملاحظة الخروج المعتاد لقلب دفاع المغرب (في تلك اللقطة كان سايس) لتغطية ما يحدث خلف خط الوسط، لذلك مرت الكرة بسلام.
لكن الأمور لم تمر بسلام في الشوط الثاني، ففي لقطة مكررة في الدقيقة 56 كانت عناصر هجوم المغرب لا تسهم في الضغط كعادتها ليتسلم سيثولي الكرة بين الخطوط وبعيدًا عن رقابة وسط المغرب ليضطر قلب دفاع المغرب مجددًا للخروج من مناطقه (في هذه الحالة كان الدور على نايف أكرد) للضغط على سيثولي الذي مرر بخفّة إلى زواني المنسل هو الآخر خلف وسط المغرب لتنكشف الثغرة التي اضطُر أكرد لتركها ليستغلها ماكجوبا ويتلقى تمريرة زواني البينية ليسجل هدف الافتتاح الذي صعق الفريق الأحمر.
إذن هدف جنوب أفريقيا لم يأتِ من فراغ، بل أتى من استغلال لثغرة مستمرة في وسط المغرب الذي بالغ وليد الركراكي في الاعتماد عليه دفاعيًا من دون تكليف عناصر هجوم المغرب بالضغط واكتفى بتثبيت الزلزولي على الجانب الأيسر بينما لم يضغط عدلي أو النصيري في تلك المباراة أو زملاؤهم في نفس المركز خلال المباريات الأخرى ليتم كشف الثغرة.
ومع قدرات لاعبي جنوب أفريقيا الفائقة في هذا الصدد كانت العواقب وخيمة على أول منتخب أفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم والذي كان يُنتظر أن تكون مغامرته أفضل حالًا مما كانت عليه لكن لم تجرِ الرياح بما تشتهِ سفن الركراكي ورجاله.