تتكرس سطوة الجزائري يوسف بلايلي مع كل مباراة جديدة يخوضها بقميص الترجي الرياضي التونسي، ناديه الذي يملك علاقة خاصة به، ما دفعه للعودة بين أحضانه، للمرة الثالثة في مشواره الكروي، خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وبعد موسم باهر مع مولودية الجزائر.
"كاريزما" نجم الخضر، وإضافته القوية قد تكون محمودة في قراءة عامة لنجاح أي فريق ينتمي إليه، غير أنّ ذلك قد يحمل بين طياته بعض الجوانب السلبية، المتعلقة حصرًا في هذا التناول، ببقاء الترجي مرهونًا لـ"مزاجية" نجمه، الذي تحكم عليه بالبروز اللافت حينًا والاختفاء المثير للتساؤل، حينًا آخر.
وبين هذا وذاك، يتساءل الكثير من جماهير "باب سويقة" عن الحل الذي يسمح لفريقهم بالخروج من عباءة "محارب الصحراء" وتقلباته، لا سيما في ظل مواعيد قادمة من العيار الثقيل، يعلّق عليها النادي آمالًا كبيرة لتصدير صورة مرموقة قاريًا ولا سيما عالميًا.
لغز بلايلي جرس إنذار للترجي قبل الدخول في الجدّ!
هذه التفصيلة التي أثارت انتباه الترجيين وحتى عدد من المحللين والنقاد، برزت بالخصوص في منافسات الدوري التونسي، حيث قدّم اللاعب وجهين على طرفي نقيض يمثّلان منسوب بصمته على نتائج "فريق الدم والذهب"؛ الأول باهر ومميز وناجع أمام أغلب المنافسين أصحاب "الوزن الثقيل" محليًا وقاريًا، ونستعرض منهم ذكرًا لا حصرًا بيراميدز أفريقيًا والنجم الساحلي والنادي الإفريقي والاتحاد المنستيري محليًا.
أمّا الوجه الثاني فقد كان باهتًا وضعيفًا ومحبطًا، أمام المنافسين الأقل أهمية، وهناك يحضر السؤال المزدوج، حول سبب تذبذب بلايلي بين كبريات القمم وصغرياتها، وإلى أي مدى سيبقى الترجي رهينًا لهذا التذبذب، الذي لن يسعف الفريق مع اشتداد المنافسات على جميع الواجهات.
مبدئيًا، فإنّ تحليل مزاجية بلايلي وصعود وهبوط مستواه، تتلخّص في قراءتين، تَسرد الأولى فرضية تتعلق بالقصص التي تتناول غياب الانضباط عن الدولي الجزائري وهو مشكل على الإدارة معالجته وليس التعايش معه، والثانية تهم الترجي نفسه أكثر من اللاعب، وهي ضرورة إيجاد "مخارج فنية" مختلفة لأي مآزق أو وضعيات صعبة في المباريات، حيث من غير المنطقي انتظار "اللاعب المخلّص" للعب دور البطولة المطلقة في كل مرة.
كيف ينزع الترجي عباءة "الفلتة الجزائرية"؟
فك واقع "تبعية" الترجي لنجمه الجزائري "الفلتة" لن يكون إلّا بتكاتف الجهود الإدارية والفنية على حد سواء، فإدارة السيد حمدي المدب مطالبة بدعوة لاعبها لطاولة المحاسبة والتطرق لنوعية سلوكياته "خارج الملعب" التي قد تؤثر بشكل مباشر على حضوره داخله، أمّا الجانب الأكبر من الحل يجب أن يكون بيد المدرب الروماني لورينتو ريجيكامب، المطالب بمزيد من الاجتهاد تكتيكيًا وخططيًا، لابتكار حلول جديدة غير "التواكل" على "خوارق بلايلي"، خاصة في ظل وجود ترسانة من اللاعبين المميزين القادرين على لعب دور فاعل على المستوى الجماعي ومنهم عبد الرحمن كوناتي وإلياس موكوانا وأشرف الجبري، حتى إن كان صنع الفارق "فرديًا" حكرًا على البلايلي ويان ساس، اللذين كانا الأبرز.
حاليًا، وبعد عدد من العثرات المتفرقة في آخر 20 مباراة باحتساب جميع المسابقات، تعرض فيها الفريق لهزيمتين و7 تعادلات، ولا سيما تعادل أخير على ملعب رادس أمام الأولمبي الباجي (1-1)، يبدو أن الترجي بدأ باستعادة عافيته وقدر مهم من الثقة، خصوصًا في ظل فوزين متتاليين أمام الاتحاد المنستيري، أحد المتراهنين بقوة على لقب الدوري التونسي من ملعب "مصطفى بن جنات" بالذات، وآخر من تنقل صعب إلى تطاوين أمام اتحاد المكان (0-2).
ما تبقّى هو التعرف على مدى جاهزية الفريق للتعامل مع النصف الثاني من الموسم، الذي يحمل الرهانات الأقوى والامتحانات الأصعب، التي يتصدرها إلى جانب صراع البطولة المحتدم، طموح الفوز بالكأس الخامسة في دوري الأبطال والاستعداد لحضور استثنائي في نسخة مونديالية من المنتظر أن تكون تاريخية بمونديال الأندية على الأراضي الأمريكية، في يونيو/ حزيران القادم.