سقط برايتون برباعية نظيفة أمام ضيفه مانشستر سيتي الذي تخطى ليفربول وواصل مطاردة آرسنال على صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز "البريميرليغ" مع تمتعه بأفضلية لعب مباراة أقل عن "الغانرز".
السيتي سيطر على المباراة بشكل شبه كلي، خاصة مع الأهداف السريعة التي قام بتسجيلها في الشوط الأول والتي قضت نهائيًا على أي احتمالية مقاومة لرجال دي زيربي.
الهدف الأول جاء من هجمة منظمة لنادي مانشستر سيتي أنهاها كيفن دي بروين في المرمى، بينما سجل فيل فودين الهدف الثاني من ركلة حرة مباشرة جاءت من خطأ غير موجود على دفاع برايتون، لكن الهدف الثالث جاء بعدما فقد دفاع برايتون الكرة داخل منطقة جزائه، ليجهز فودين عليهم بسرعة بعد أن أطلق الكرة في الشباك.
كيف سُجّل هدف مانشستر سيتي الثالث؟
هناك شعرة ما بين الخروج السلس للكرة لأي فريق وما بين السخف. الهدف الثالث لمانشستر سيتي كان هو السخف بعينه، فلا يمكن أبدًا وضع مثل هذه الأخطاء في إطار بناء اللعب المقبول من الخلف.
اللقطة بدأت كأي خروج بالكرة في مرحلة بناء اللعب لبرايتون، والتي تحمل قدرًا مقبولًا من المخاطرة أملًا في جائزة عظيمة بتجاوز الضغط العالي الكبير المعروف به لاعبو السيتي بإيعاز من مدربهم بيب غوارديولا.
لكن ما حدث بعد ذلك هو إصرار غريب من لاعبي برايتون على خروج الكرة بنفس الطريقة، رغم وضوح الخطورة التي وصلت إلى حد لا يمكن معه قبول خروجها بهذه الطريقة.
اللقطة البارزة عندما وصلت الكرة إلى الظهير الأيسر باركو الذي انضم لداخل منطقة الجزاء، ليلاحظ أن الضغط قد اشتد، فيعيد الكرة إلى حارس مرماه في وضعية ليست بالسهلة.
هنا كان بإمكان الحارس ستيل أن يمرر إلى لويس دانك على الجانب الأيمن، لكنه آثر ألا يمرر خوفًا من اصطدام الكرة ليموه بجسده متخلصًا من خوليان ألفاريز، قبل أن يقرر مضاعفة المخاطرة بالتمرير إلى كارلوس كوباه وظهره لمرمى المنافس.
لكن كوباه تصرّف بشكل جيد بعدما تفادى بيرناردو سيلفا ومرر إلى باركو، الذي لم يأبه بسقوط نظام الخروج بالكرة من أساسه، وأن الأمر قد تحول لفوضى تامة بعد أن تبعثر تمركز لاعبي برايتون، ووصل الحال إلى وجود خمسة لاعبين من مانشستر سيتي داخل منطقة جزاء فريقه، لكن باركو أصر على أن يمرر من جديد بشكل مُخاطر جدًا إلى كوباه، وهو أمر فطن إليه بيرناردو سيلفا ليقطع الكرة التي وصلت إلى فودين، فلم يضيع الأخير الفرصة ليطلقها في المرمى.
ما الفارق بين المخاطرة المقبولة والاستهتار؟
مفهوم تمامًا أن عملية بناء الكرة من الخلف لم يعد رفاهية في كثير من الأحوال، فحجم ضغط المنافس يجعل خروج الكرة بشكل غير مدروس أو بشكل مباشر على الأرجح سيُفقدك إياها، ويعيدها إلى مناطقك بأسرع مما تتصور.
لكن المشكلة الحقيقية في أن هذا الأمر يتم ابتذاله واستخدامه لابتزاز من ينتقدون المخاطرة المبالغ فيها، فهناك فارق بين المخاطرة المقبولة ووصول الأمر إلى حد السُّخف الذي يكلف الفريق كثيرًا.
ولتوضيح الفارق فإن الخطأ مقبول، لكن الاستهتار وعدم القبول بالتخلي عن حلم البناء من الخلف مهما كان كل شيء يصرخ بضرورة التخلص من الكرة سريعًا، هو أمر لابد من التفرقة بينهما.
دعنا نأخذ لقطة حدثت في مباراة برايتون وتوتنهام لتوضيح ماذا يعني الخطأ المفهوم في التمرير أثناء بناء اللعب، والذي ينتج عنه فرصة خطيرة للمنافس.
في تلك اللقطة تخلى الظهير الأيسر إستوبينيان عن فرصة ثمينة لإرسال كرة طويلة على الأطراف، ليقرر البدء بشكل أكثر تنظيمًا، فيمرر إلى لاعب الوسط جيلمور الذي اتخذ قرارًا صحيحًا تمامًا بالتمرير إلى آدم لالانا، الذي كان يُنتظر أن يمرر إلى باسكال جروس الموجود في مساحة رائعة تكفل شن هجمة خطيرة على توتنهام.
لكن تمريرة جيلمور تم تمريرها بشكل غير دقيق إلى لالانا، لتمنح الفرصة إلى كريستيان روميرو لقطعها وشن مرتدة للسبيرز، انتهت بتسديدة خطيرة من كولوسوفسكي تصدّى لها ستيل بصعوبة.
هنا يمكن وضع الخطأ في الخروج بالكرة في سياقه المفهوم. مخاطرة معقولة خُطفت فيها الكرة بسبب تمريرة خاطئة مع تدخل بارع من المنافس، لكن اللقطة كلها لم تحمل خطورة كبيرة كان يجدر بلاعبي برايتون التخلص فيها من الكرة بأسرع وقتٍ ممكن، بعد أن ضاقت السبل وتعاظم الضغط وصار التمرير يحمل قدرًا هائلًا من الخطورة، لا يمكن معه تفادي كارثة ما يترتب على الوقوع في الخطأ إن حدث.
الأمر بشكل عام لا يقتصر على برايتون وحده، ففي بعض الأحيان يسيء الجمهور وأحيانًا اللاعبون الفارق بين المخاطرة المقبولة، وأن تتحول عملية الخروج السلس بالكرة إلى هوس لا يمكن الفكاك منه أو القبول بالتخلي عنه، ولو في هجمة وحيدة صارت فيها الأمور شبه مستحيلة.