مر 16 عامًا منذ أن غادر يوسف العربي الملاعب الفرنسية باحثًا عن فرصة أكبر، في رحلة بدأت بطموح شاب في نادي كان، وانتهت بعودة ناضجة وهو في سن الثامنة والثلاثين.
واليوم، يقف العربي على أعتاب محطة جديدة في مشواره الطويل، بعدما اجتاز الفحص الطبي تمهيدًا للتوقيع مع نادي نانت، في صفقة تنهي غيابًا دام أكثر من عقد ونصف عن "الليغ 1"، وتعيده إلى الأرض التي انطلقت منها مسيرته.
وبين مغادرته الأولى عام 2009 واقتراب عودته في صيف 2025، دار يوسف العربي في ملاعب العالم، من السعودية إلى إسبانيا ثم قطر واليونان ثم قبرص، والآن يحط الرحال مجددًا في فرنسا.
محطات مميزة في مسيرة يوسف العربي
انطلقت مسيرة يوسف العربي الاحترافية من بوابة نادي كان، حيث لفت الأنظار بقدرته التهديفية وحضوره البدني المميز؛ لكن طموحه تجاوز حدود ملعب "ميشيل دورنانو"، فاختار الرحيل نحو الهلال السعودي في 2011، وهو قرار اعتبر آنذاك خطوة مفاجئة للاعب شاب كان بإمكانه تثبيت أقدامه في "الليغ 1" الفرنسي.
ورغم الجدل، أثبت العربي نجوميته سريعًا مع الهلال، وسجل أهدافًا حاسمة جعلته محبوبًا لدى جماهير "الزعيم". ومن هناك بدأت رحلة التنقل بين القارات.
بعد تجربته مع الهلال، انتقل العربي إلى غرناطة الإسباني عام 2012، وهناك عاش واحدة من أكثر فتراته استقرارًا وتألقًا، وفي "الليغا" واجه كبار أوروبا ولفت الأنظار بقدراته التهديفية العالية، وتمكن من هز شباك ريال مدريد، فيما استعصت عليه أندية كبرى مثل برشلونة وأتلتيكو مدريد، ورغم ذلك، أثبت أنه مهاجم من طراز خاص، يملك غريزة تهديفية لا ترحم؛ حيث أحرز مع غرناطة 44 هدفًا.
ثم جاءت المحطة القطرية مع لخويا (الذي أصبح عقب ذلك الدحيل عام 2016)، حيث واصل هوايته في تسجيل الأهداف وحقق أرقامًا مميزة، قبل أن يخوض تجربة لامعة مع أولمبياكوس اليوناني بداية من 2019، هناك أصبح أحد أبرز الهدافين في تاريخ النادي، وحقق عدة ألقاب محلية وأسهم في تألق الفريق على الساحة الأوروبية.
لم تتوقف الرحلة عند هذا الحد، فقد انضم العربي إلى نادي أبويل نيقوسيا القبرصي في 2024، حيث واصل الأداء اللافت وسجّل 14 هدفًا وصنع 7 في 45 مباراة، ما أعاد تسليط الضوء عليه في أوروبا، وفتح له باب العودة إلى فرنسا مجددًا.
العودة المتأخرة إلى فرنسا
في صيف 2025، يقترب يوسف العربي من إتمام عودته إلى الدوري الفرنسي بعد 16 عامًا من الرحيل، وذلك عقب اجتيازه الفحص الطبي تمهيدًا للتوقيع مع نادي نانت بعقد يمتد لموسمين، ورغم أن الإعلان الرسمي لم يصدر بعد، إلا أن المؤشرات تؤكد أن الصفقة في طريقها للاكتمال، لتكون بذلك خطوة درامية في مسيرة مهاجم لم تطأ قدماه أي ملعب فرنسي منذ مغادرته نادي كان في سن صغيرة.
ومع هذه العودة الوشيكة، يبدو أن يوسف لم يتخل يومًا عن حلمه الأول باللعب مع كبار الدوري الفرنسي، فرغم مغادرته عام 2009، ظل لاعبًا مثابرًا، محترفًا بمعنى الكلمة، سافر بين ثقافات وأندية مختلفة، لكنه حافظ على مستواه وواصل التألق، بل وازداد نضجًا وخبرة.
وسيكون نانت بمثابة المحطة الأخيرة في مسيرته الغنية، وربما المكان الذي يختتم فيه العربي رحلته الطويلة، والتي بدأت من منطقة نورماندي، مرورًا بالرياض والدوحة وغرناطة وأثينا ونيقوسيا، قبل أن تعيده الأقدار أخيرًا إلى "الليغ 1".
وخلال مسيرته الاحترافية التي امتدت عبر أكثر من 15 عامًا، شارك يوسف العربي في 600 مباراة رسمية مع مختلف الأندية التي دافع عن ألوانها، ونجح في تسجيل 294 هدفًا وصناعة 69 تمريرة حاسمة.