أعلن الترجي الرياضي التونسي رسمياً تعاقده مع المهاجم الجزائري كسيلة بوعالية قادماً من شبيبة القبائل، بعقد يمتد حتى عام 2029، وهو الإعلان الذي نُشر عبر الصفحة الرسمية للنادي على "فيسبوك"، حيث اكتفى الترجي بعبارة موجزة ولكنها تحمل الكثير من الدلالات: "كسيلة بوعالية مكشّخ لأربع سنوات".
رحلة انتقال طويلة.. بدأت بالرفض وانتهت بالإعلان
لم يكن انضمام كسيلة بوعالية إلى صفوف شيخ الأندية التونسية مهمة سهلة، فقد مرّت الصفقة بمراحل تفاوضية معقدة. البداية كانت بعرض أول من الترجي بقيمة 450 ألف يورو، وهو ما قوبل بالرفض من إدارة شبيبة القبائل، بحكم أن اللاعب لا يزال مرتبطًا بعقد يمتد حتى صيف 2026، ويتضمن شرطًا جزائيًا بقيمة 1.4 مليون يورو.
ورغم هذا الرفض، لم تتراجع إدارة الترجي الرياضي، فعادت بعرض مُحسّن بلغ 600 ألف يورو، دون أن ينجح في حسم الأمور أيضًا. لكن المفاوضات تواصلت في الكواليس، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق نهائي بلغت قيمته المالية حوالي 650 ألف يورو، مع بند يمنح شبيبة القبائل نسبة 25% من أي عملية بيع مستقبلية للاعب.
وفي صبيحة 21 أغسطس 2025، حلّ بوعالية بالعاصمة تونس لإجراء الفحص الطبي وتوقيع العقود بشكلٍ رسمي. وبعد يوم واحد فقط، خرج الترجي بالإعلان الرسمي الذي انتظره جمهور "المكشخة" طويلاً.
من ملاعب عزازقة إلى رادس: مسيرة شاب جزائري واعد
يُعتبر كسيلة بوعالية أحد أبرز المواهب التي أنجبتها كرة القدم الجزائرية في السنوات الأخيرة. ابن الـ24 عاماً بدأ مسيرته مع نادي شبيبة عزازقة، قبل أن يخطف أنظار كشافات شبيبة القبائل ويتم ضمه إلى مركز التكوين. أمّا عام 2020 فشكل نقطة التحول في مسيرته، حيث تم تصعيده إلى الفريق الأول، وسرعان ما أصبح من الركائز الأساسية للفريق، بفضل سرعته ومراوغاته الحاسمة وقدرته على شغل أكثر من مركز هجومي.
خاض بوعالية أكثر من 110 مباريات رسمية بقميص "الكناري"، سجّل خلالها 20 هدفًا وقدّم 15 تمريرة حاسمة، وهي أرقام جعلته محل متابعة من أندية عديدة، منها الزمالك والأهلي المصريان، وحتى فرق أوروبية، غير أن الترجي كان الأسرع والأكثر جدية في حسم الصفقة.
كسيلة بوعالية لاعب جوكر في تركيبة الترجي
ما يميز كسيلة بوعالية ليس فقط أرقامه، بل مرونته التكتيكية العالية. اللاعب يستطيع اللعب كجناح أيمن، وجناح أيسر، وأحيانًا كمهاجم وهمي، وهو ما يمنحه أسبقية واضحة في خطط الترجي المقبلة، خاصة مع رحيل الجنوب أفريقي سيبوسيسو موكوانا.
وبانضمامه الرسمي، يصبح بوعالية ثالث لاعب جزائري في صفوف الترجي حاليًا، إلى جانب المدافع محمد أمين توغاي والنجم العائد يوسف بلايلي، ما يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها النادي التونسي للمدرسة الجزائرية، والتي أثبتت مرارًا قدرتها على التألق في ملعب "رادس" وسائر الملاعب الأفريقية.
التحدي القادم: إثبات الذات في نادٍ لا يرحم
بانضمامه إلى الترجي، يدخل بوعالية مرحلة جديدة في مسيرته، عنوانها: الضغط الجماهيري، المنافسة الشرسة، والتطلعات القارية. ففي نادٍ بحجم الترجي، لا تُقاس النجومية بعدد التعاقدات أو التصريحات، بل بعدد الألقاب والإسهامات الحاسمة في المباريات الكبيرة. وهو تحدٍ يبدو أن بوعالية مستعد له، خاصة بعد أن أبدى في أكثر من مناسبة رغبته في خوض تجربة جديدة بمستوى أعلى من الدوري الجزائري.
جماهير الترجي من ناحيتها، استقبلت الصفقة بحفاوة، على أمل أن يكون بوعالية امتدادًا لتاريخ طويل من الأسماء الجزائرية التي تركت بصمتها في "باب سويقة".