عاد الجدل ليتصاعد مجددا حول ملف اللاعب الشاب إسماعيل الغربي متوسط ميدان نادي براغا البرتغالي، بعدما رفض الاتحاد الإسباني لكرة القدم تسليم الاتحاد التونسي جواز السفر الرياضي الخاص باللاعب، وهو ما عطّل استكمال إجراءات تغيير جنسيته الرياضية وانضمامه الرسمي إلى المنتخب التونسي، رغم استيفاء كافة الشروط القانونية والإدارية.
وكان الغربي قد حل مؤخرا بتونس، حيث وقّع الوثائق الرسمية اللازمة لتغيير الجنسية الرياضية، مؤكدا رغبته النهائية في تمثيل منتخب "نسور قرطاج"، بعد فترة طويلة من التردد، حسب ما أكدته تقارير حصرية لموقع winwin سابقا.
وكشفت مصادر مطّلعة لموقع winwin أن الاتحاد التونسي لكرة القدم راسل نظيره الإسباني بتاريخ 11 أغسطس/ آب 2025، أي قبل نحو أسبوع، لكنه لم يتلقّ أي رد حتى اليوم، رغم أن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، تلزم الاتحادات بالردّ خلال آجال قانونية محددة. ما يحدث حاليا يطرح في إطار المماطلة غير المعلنة من الجانب الإسباني، الذي يبدو أنه لم يتقبل بسهولة قرار الغربي بارتداء قميص تونس.
ضغوط إسبانية وتحركات "مريبة"
تزامنا مع هذا التعطيل، استبعد الغربي من قائمة نادي براغا البرتغالي من قبل مدربه الإسباني، وهو ما اعتبره متابعون ومقرّبون من اللاعب خطوة ضغط غير مباشرة، ورسالة مفادها أن قراره الدولي قد تكون له تداعيات على مسيرته الاحترافية.
في الوقت ذاته، أكّد مصدر من الاتحاد التونسي أن الاتحاد الإسباني وجّه دعوة عاجلة للغربي من أجل الانضمام لمعسكر منتخب أقل من 23 عاما في سبتمبر المقبل، في خطوة مفاجئة وغير معتادة بالنظر إلى غياب اللاعب عن معسكرات سابقة، وهو ما فسّر بمحاولة أخيرة لـ"اختطافه" رياضيا، قبل استكمال إجراءاته مع تونس.
من التردد إلى القرار: مراحل الملف
وكان إسماعيل الغربي قد تصدّر عناوين الإعلام الرياضي منذ عام 2023، حين كشفت تقارير خاصة بموقع winwin أن اللاعب أبدى اهتماما بتمثيل تونس، لكن وكيل أعماله طلب تأجيل الحسم، خاصة مع وجود محادثات غير مباشرة مع فرنسا وإسبانيا.
في منتصف 2023، رفض اللاعب دعوة من منتخب إسبانيا تحت 19 عاما، في مؤشر واضح على تحوّل في موقفه. وبعدها بأشهر، أكدت مصادر من الاتحاد التونسي أن اللاعب أبلغ رغبته النهائية في تمثيل تونس، وأرجأ فقط انضمامه الرسمي بسبب ارتباطاته مع ناديه ومسائل قانونية.
وشكّلت إستراتيجية الاتحاد التونسي الجديدة بقيادة زياد الجزيري، التي ركّزت على استقطاب اللاعبين مزدوجي الجنسية، دفعة قوية لحسم الملف، حيث تم التوصّل إلى اتفاق مع إسماعيل الغربي خلال زيارة خاصّة إلى تونس في أوائل أغسطس الجاري، قام خلالها بالتوقيع على الوثائق المطلوبة قانونيًا.
إسماعيل الغربي.. رهان كروي وسياسي؟
انضمام إسماعيل الغربي إلى تونس لا يعدّ مجرد تعزيز فني لخط وسط المنتخب، بل هو أيضا انتصار رمزي في معركة الهوية والانتماء الرياضي. اللاعب، المولود في فرنسا لأب تونسي وأم إسبانية، تلقى تكوينه في باريس سان جيرمان، ولعب في الفئات السنية للمنتخب الفرنسي، قبل أن تنجح تونس في إقناعه بمشروعها.
وتثير التحركات الإسبانية المتأخرة، من استبعاد اللاعب في النادي، إلى دعوته لمعسكر المنتخب الأولمبي، شبهات بتدخل غير رياضي ومحاولة الالتفاف على القرار القانوني الذي اتخذه اللاعب بنفسه.
في المقابل، ينتظر أن يتوجه الاتحاد التونسي بملف كامل إلى الاتحاد الدولي "فيفا" خلال الأيام القليلة القادمة، لتسريع البتّ في الملف، وضمان إدراج الغربي رسميا ضمن قائمة المنتخب خلال تصفيات كأس العالم القادمة.
في الوقت الذي يتأهب فيه المنتخب التونسي لخوض استحقاقات حاسمة في تصفيات المونديال، تبقى قضية إسماعيل الغربي اختبارا حقيقيا للعدالة الرياضية الدولية، ولمدى احترام الاتحادات الكبرى لقرارات اللاعبين مزدوجي الجنسية. ورغم العراقيل، يبدو أن الحلم التونسي بات أقرب من أي وقت مضى، في انتظار "ختم الفيفا".