يستضيف ملعب "مونتجويك" يوم غد الأحد، الكلاسيكو رقم 190 في الدوري الإسباني بين برشلونة وضيفه ريال مدريد، ضمن الجولة الـ 35 من "الليغا"، والذي سيكون حاسماً بشدة في سباق اللقب، حيث يتصدر الكتالان الترتيب برصيد 79 نقطة، متقدمين على أبناء العاصمة بـ 4 نقاط، قبل أربع جولات من النهاية.
ولا يختلف اثنان، على كون الكلاسيكو الإسباني بين برشلونة وريال مدريد، هو المباراة الأكثر إثارة وندية وجمالية في عالم كرة القدم، وهي المباراة التي طالما تميّزت بأحداث تاريخية مثيرة، منها ما هو رائع وكروي، ومنها ما هو عدائي وخارج عن النطاق الرياضي.
ففي مدريد صفقوا لمارادونا وانبهروا برونالدينيو، ولطالما شكّل لهم ليونيل ميسي كابوساً حقيقياً، أما برشلونة فأبهرهم زيدان وأسكتهم راؤول، وكثيراً ما خابت آمالهم في وجود نجم اسمه كريستيانو رونالدو، وككل مرة، يأتي الكلاسيكو حاملاً معه وعوداً كثيرة وذكريات عديدة، بطلها فريق يُمثل عاصمة الدولة وآخر يُعتبر رمزاً من رموز المقاطعة الأكثر تمرداً.
من رمي الزجاجات إلى التصفيات.. مارادونا أول من نال الاعتراف في الكلاسيكو
كانت المواجهة التي جمعت برشلونة وريال مدريد في إياب نصف نهائي كأس إسبانيا لموسم 1942-43 واحدة من بين الأكثر إثارة في تاريخ الكلاسيكو، فبعد فوز الكتالان بنتيجة 3-0 ذهابا، دخل المدريديون مباراة الإياب بشحنة غضب زائدة، بسب عناوين الصحف التي أكدت أن الريال عاش الجحيم في ملعب "لاس كورتس"، لينتهي اللقاء بنتيجة تاريخية قوامها 11-1، تاركاً وراءه الكثير من الأساطير حول المواجهة.
وفي المقابل، حطم نادي برشلونة كل التوقعات في نهائي كأس إسبانيا لسنة 1968، حيث كان كُل شيء متهيئا لصالح ريال مدريد في ملعبه "سانتياغو برنابيو"، غير أن الكتالان سجلوا هدفا مبكرا وتوجوا باللقب بنتيجة 1-0 وسط غضب جماهيري مدريدي كبير، إذ رفعوا لافتات اتهموا بها الحكم "ريغو" بالتحيز لبرشلونة، قبل أن يُمطروا الفريق الكتالوني بالزجاجات، ليُصبح من يومها، بيع المشروبات المعبأة في قوارير زجاجية محظوراً في ملاعب كرة القدم.
وحصل دييغو مارادونا على اعتراف غير معتاد من جمهور "برنابيو"، وذلك في ذهاب نهائي "كأس الليغا" شهر حزيران/يونيو 1983، حيث سجل أحد أروع أهداف الكلاسيكو عبر التاريخ وأصبح أول لاعب يصفق له جمهور ريال مدريد من لاعبي الغريم، وخلال 8 ثوانٍ فقط، قام دييغو بـ 9 لمسات على مسافة 43 متراً، فراوغ الحارس أوغوستين، ثم ألصق المدافع خوان خوسيه بإطار المرمى وسجل هدفاً خرافياً.
راؤول أسكت "كامب نو" وفيغو عاش الجحيم ورُميَّ برأس خنزير
لطالما عُرف راؤول غونزاليس على أنه لاعب هادئ جدا، إلّا أن الكلاسيكو يشهد أحداثًا غير متوقعة، ففي كلاسيكو أكتوبر/تشرين الأول 1999، نجح "إل بلانكو" في تسجيل هدف التعادل لريال مدريد عند الدقيقة 86، ليتجه صوب جمهور "كامب نو" ويشير إليهم بالصمت، وهو ما أثار حفيظتهم وجعلهم يشتمونه طويلاً، بل إنه أصبح أحد المكروهين لديهم؛ لكونه مثالاً للوفاء في النادي الغريم، وأيضاً لما قام به في تلك المباراة.
وعاش لويس فيغو نجم الكرة البرتغالية الجحيم في الكثير من مباريات الكلاسيكو، وخاصة في مباراة الدوري شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، عندما قذف جمهور "كامب نو" لاعبهم السابق برأس خنزير واصفين إياه بالخائن، كونه انتقل في صيف 2000 بصفقة مباشرة إلى النادي الملكي، وفي حوار أجراه مع مجلة "فور فور تو" سنة 2017، قال فيغو متحدثاً عن الحادثة: "ربما كنت الوحيد في العالم الذي لعب تحت صافرات 100 ألف شخص، شغفي الوحيد كان كرة القدم وكنت أريد القيام بدوري، ولكن بالطبع كنت قلقاً لأنني كنت معرضاً للأذى، كان هناك بعض المجانين وقد يفعلون أمراً غبياً".
زيدان يثور ورونالدينيو يعيد ذكريات دييغو ومورينيو جعل الكلاسيكو حربًا
بحلول الـ 19 من شهر أبريل لسنة 2003، احتضن ملعب "سانتياغو برنابيو" مباراة مثيرة في الجولة 30 من الدوري الإسباني بين ريال مدريد وضيفه برشلونة، ورغم أنها لعبت قبل 8 جولات من النهاية، كانت نقاطها مهمة جداً، ما جعل اللقاء يُلعب على الأعصاب، وعرفت اشتباكاً شهيراً بين زيدان وإنريكي، إثر ارتكاب الفرنسي خطأ ضد بويول ليتفاجأ بلاعبي "البلوغرانا" حوله للومه؛ لكنه ما لبث أن أظهر عقليته المعتادة عند الغضب وقام بخنق مدرب باريس سان جيرمان الحالي، لتنتهي المواجهة بالتعادل في النهاية خلال موسم تُوج به "الملكي" باللقب واحتل الكتالان المرتبة 6 المؤهلة للدوري الأوروبي.
وقبل أسبوع واحد من حصوله على الكرة الذهبية من "فرانس فوتبول"، قدّم الأسطورة البرازيلي رونالدينيو واحدة من أكثر لوحاته الكروية الجميلة، وقاد نادي برشلونة لتحقيق فوز مثير على ريال مدريد في ملعبه وأمام جماهيره.
وبعدما أبدع بتمريرة حاسمة حولها الكاميروني إيتو بنجاح إلى هدف في الدقيقة 14، عاد رونالدينيو ليُسجل ثنائية رائعة جداً، جعلت "المدريديستا" يقفون احتراماً ويُكررون ما فعله أسلافهم أمام مارادونا، حيث صفقوا له مُطولاً بعدما نجح في الإطاحة بالغالاكتيكوس، يتقدمهم زيدان ورونالدو وروبينيو وبيكهام وروبرتو كارلوس وراؤول.
وسيطر نادي برشلونة على الكلاسيكو في بداية حقبة غوارديولا، ثم أصبحت المباراة عبارة عن حرب حقيقية بعد مجيء المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، وفي مباراة السوبر الإسباني لسنة 2011 اشتعلت الأجواء بعد تدخلٍ من مارسيلو على فابريغاس، ليجد لاعبو ومسؤولو ريال مدريد وبرشلونة أنفسهم وسط عراك غريب، زاده غرابة تصرف "السبيشل وان" الذي ضرب عين الراحل تيتو فيلانوفا مساعد غوارديولا، قبل أن يبتعد مبتسماً، وهو التصرف الذي عوقب بسببه بالإيقاف، قبل أن يعتذر في وقتٍ لاحقٍ.
وبعيداً عن كل الأحداث العدائية، قدم نجوم برشلونة وريال مدريد الكثير من اللحظات المميزة وخاصة الاحتفالية، ففي أبريل 2012 قدّم كريستيانو رونالدو احتفالية "الكالما" الشهيرة بعد تسجيل هدف الفوز للملكي في "كامب نو"، وما هي سوى 5 سنوات، حتى احتفل ميسي بطريقة لا تقل إثارة في "سانتياغو برنابيو" بعد تسجيل هدف فوزٍ قاتل في الدقيقة 90+2، إذ اتجه إلى مدرجات "المدريديستا" ورفع قميصه تأكيداً أن النجم الأبرز والأفضل في عالم كرة القدم، ليس الذي يملكونه، وإنما الذي يقرؤون اسمه على القميص، ثم سرعان ما رد رونالدو الدين برفع قميصه أمام جماهير الكامب نو في كلاسيكو السوبر الإسباني 2017.