أثار قرار اللجنة الاستشارية في الاتحاد السوري لكرة القدم والتي تقوم بتسيير شؤون اللعبة في البلاد منذ استقالة مجلس الإدارة السابق، بشأن تحديد سقف أعمار اللاعبين الذين يمكن لأندية الدرجة الممتازة التعاقد معهم في الموسم المقبل، جدلاً كبيراً في الأوساط الإعلامية والرياضية بسبب ما وُصف بأنه إجحاف بحق الكثير من اللاعبين الذين ينشطون في الدوري السوري، ولتعارضه مع قوانين المنظومة الاحترافية لكرة القدم عموماً.
ولم تمضِ أكثر من 48 ساعة حتى جاء رد الفعل الرسمي الأول من ثلاثة من أبرز لاعبي الدوري المحلي والذين مثلوا منتخب سوريا سابقاً، وهم: نصوح نكدلي، أحمد الصالح وأنس بوطه، حيث أصدر هؤلاء اللاعبون الثلاثة بياناً اعترضوا فيه على قرار اللجنة الاستشارية وأرسلوا نسخة خطّية منه إلى اتحاد الكرة.
وأشار الاعتراض المقدم من اللاعبين الثلاثة إلى أن الكثير من بنود التعميم الصادر عن الاتحاد بشأن تحديد عدد اللاعبين الذين يحق لكل نادٍ التعاقد معهم من مواليد 1993 وما فوق بـ(3 لاعبين فقط)، تحمل في طياتها تمييزاً صريحاً وتعارضاً مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها العمل الرياضي وأهمها: المادة رقم (2) التي تنص على أن من أهداف الاتحاد بذل قصارى الجهد لضمان أن تكون لعبة كرة القدم متاحة وميسرة للجميع في الجمهورية العربية السورية بغض النظر عن الجنس أو العمر.
وكذلك للمادة رقم (4) التي تمنع ممارسة أي نوع من التمييز ضد أي شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب العرق أو اللون أو الأصل العرقي أو القومي أو الاجتماعي أو الإعاقة في اللغة، أو الدين أو الرأي السياسي، علماً أن بنود التعميم تميز بشكل واضح ما بين اللاعب المحلي والأجنبي، حيث تم استثناء الأخير من شرط العمر وشروط أخرى أيضاً.
وأكد اللاعبون في بيانهم على أن التعميم الصادر من الاتحاد يمس بشكل مباشر حق اللاعبين المتضررين في ممارسة مهنتهم وكسب رزقهم.
انتقادات لقرار اللجنة الاستشارية
وأشار اللاعبون (الصالح والنكدلي والبوطة) في بيانهم إلى أن التعميم المرسل لا يتمتع بالشرعية القانونية نظراً لأنه صدر من لجنة استشارية وليس مجلس إدارة اتحاد منتخب، خاصة أن مهام هذه اللجنة يتعلق بتسيير شؤون اللعبة إلى حين تحديد موعد الجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة اتحاد جديد، ولا يحق لها إصدار قرات مصيرية تؤثر في مستقبل عشرات اللاعبين، وهو ما يسمح بالطعن في هكذا قرارات.
وحسب إحصائية تتعلق بأسماء اللاعبين الذين شاركوا في بطولة الدوري للموسم المنصرم 2024-2025 فإن قائمة اللاعبين الذين تتجاوز أعمارهم الثانية والثلاثين تزيد عن 75 لاعباً (حصلت winwin على نسخة منها). وبينما يتيح التعميم الصادر عن الاتحاد التعاقد مع ثلاثة لاعبين من فوق السن في كل نادٍ، وفي حال توزع اللاعبون بشكل متساو (بعيداً عن الانتماء للنادي والخبرة والرغبة في اللعب لهذا النادي أو ذاك) فهذا يعني أن قرابة نصف هؤلاء اللاعبين لن يجدوا مكاناً لهم في الموسم المقبل.
تغييب دور رابطة اللاعبين
البيان الصادر عن اللاعبين الثلاثة أشار إلى أن التعميم السنوي الصادر عن اتحاد الكرة (بلجنته الاستشارية) غيّب دور رابطة اللاعبين بشكل صريح ما يشكل إخلالاً بالأسس التنظيمية للاتحاد والتي تعتبر هذه الرابطة هي أحد أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد السوري لكرة القدم.
كما أنه يتجاهل دورها في الدفاع عن حقوق اللاعبين وهو ما يفتح الباب أمام نزاع كان يمكن حله من خلال التشاور مع ممثلي اللاعبين، ويورث مجلس إدارة الاتحاد المقبل نزاعات قانونية دولية في مستهل عمله، هو في غنى عنها.
وأشار البيان إلى أن مثل هكذا قرارات تهدف (من وجهة نظر من يصدرها) إلى تطوير اللعبة وتشجيع الأندية على تخفض معدل أعمار لاعبيها، لكن يجب أن يأخذ بعين الاعتبار منح فترة زمنية كافية لا تقل عن سنتين أو ثلاث سنوات، وألا يتم تطبيقه بمفعول فوري وآنيّ، لما يتركه من آثار سلبية على اللاعبين المتضررين وعائلاتهم من الناحية المادية والاجتماعية.
أزمة كبيرة تلوح في الأفق
يتفق كثيرون على أن اللجنة الاستشارية للاتحاد والتي يرأسها اللاعب الدولي السابق حازم حربا، اتخذت عدداً من القرارات، وأوصت بقرارات أخرى (تكفلت وزارة الرياضة باتخاذها) جعل الكثيرين ينقلبون عليها في فترة وجيزة ويطالبون بضرورة الإسراع بعقد الجمعية العمومية لانتخاب الاتحاد الجديد، وذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في كرة القدم السورية وإنهاء حالة الفراغ الإداري التي تعيشها اللعبة.
ويأتي ذلك في وقت أضرب معظم موظفي ورؤساء أقسام الاتحاد عن الدوام بسبب عدم صرف مستحقاتهم القديمة أو إبرام عقود معهم، حيث ترى اللجنة الاستشارية أن مِثل هذا القرار يجب أن يؤجل ليتخذه الاتحاد الجديد، في حين سمحت اللجنة لنفسها بتوريث الاتحاد القادم بعضاً من القرارات المصيرية التي ستشكل أزمة حقيقية ما لم يتم التراجع عن بعضها أو معالجة الثغرات التي ظهرت في عدد من بنودها بالتشاور مع الخبرات الحقيقية للعبة والتي يرى متابعون أنه تم تغييبها في الشهور الأخيرة.