محمد حسين
بات ريال مدريد قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب الدوري الإسباني للموسم الجاري 2019/20 ففي زمن قلت فيه "المعجزات" سيكون من المستبعد أن يتعرض الفريق الملكي "لكارثة" نزيف النقاط في المباريات الثلاث الأخيرة من عمر البطولة. ويملك ريال مدريد هامشاً مريحاً أمام منافسه برشلونة، إذ يتقدم عليه بنقطة واحدة (80 للريال، 79 للبارسا) مع خوض الفريق الكتالوني مباراته ضمن الجولة 36.
وإذا واصل ريال مدريد انتصاراته التي لا يحيد عنها منذ عود استئناف الليغا سيتمكن من التتويج في الجولة قبل الأخيرة أمام فياريال في حال لم يُسقط منافسه المباشر نقاطاً أمام ريال مايوركا في ذات الجولة 37. وللتتويج المرتقب للفريق الملكي العديد من الأسباب التي ساهمت بعودته إلى طريق اللقب بعد موسمين "مقفرين" نجح فيهما برشلونة في الظفر بالتاج. ويمكن إجمال العوامل الرئيسية في خمس نقاط جوهرية تلخص الأسباب التي قادت "الميرينغي" للقب الكبير.
حنكة زيدان
فاجأ زين الدين زيدان العالم أجمع بتركه دفة القيادة بعد أسابيع على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا الموسم قبل الماضي، ليبدأ مستوى الفريق في الانحدار ما فرض على الرئيس فلورنتينو بيريز إعادة "زيزو" لسدة القيادة منتصف الموسم الماضي. ورغم أن الفريق خرج خالي الوفاض من كل البطولات، إلا أن زيدان كان يدرك تماما النواقص وضرورة العمل عليها إذا ما أراد العودة بالفريق لسابق عهده.
استخدم زيدان رؤيته الفنية بشكل مثالي، ولم يتسرع بالقرارات وبدأ عملية البناء التدريجي لموسم كان يعلم تماماً أنه لن يحسم إلا في الربع الأخير منه. ولعل التوقف الطويل بفعل جائحة كورونا أعطى زيدان حرية أكبر في مسألة تدوير اللاعبين مع الاحتفاظ بالركائز الأساسية التي تحافظ على الثبات الفني.
أحسن المدرب المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات باستخدام لاعبيه، فأعطى الفرصة لـ26 لاعبا طيلة هذا الموسم، وهو رقم لا يجرؤ أي مدرب على استخدامه، عدا عن أن "زيزو" كان يختار الوقت المناسب للزج باللاعبين في التشكيل الأساسي أو خلال وقت اللعب ليكفل له الاحتفاظ بكل ما يريد من توازن في الأداء الهجومي والدفاعي.
القائد الصلب
أثبت القائد سيرجيو راموس أحقيته بأن يكون أحد أفضل لاعبي وسط الدفاع في العالم منذ سنوات، ورغم مساهماته المميزة طيلة الفترة الماضية، لكن يكاد هذا الموسم يكون الأفضل على الصعيد الفردي بالنسبة إلى "صخرة الدفاع". فهو شارك في 32 مباراة في التشكيل الأساسي من أصل 35 حتى الآن، ولعب 2719 دقيقة واستبدل في 3 مباريات بسبب الإصابة.
وعلاوة على الأداء القيادي في خط الدفاع وتوجيه زملائه داخل أرض الملعب وتحفزيهم في غرف تبديل الملابس، كان راموس يلعب دوراً أكثر أهمية هذا الموسم، حيث بات اللاعب الأول والمنوط به تسديد ركلات الجزاء، كما قدم أداء هجوميا لافتا أظهر قوته البدنية، لينتج في النهاية عن تسجيله 10 أهداف ليكون ثاني هدافي الفريق، بل أن أهدافه بلغت من الأهمية مبلغها، إذ جلبت لوحدها 11 نقطة للفريق الملكي حتى الآن.
© براعة @SergioRamos المذهلة في التسديدات من على بعد 11 متراً
— Real Madrid C.F. ع (@realmadridarab) July 7, 2020
🎯 سجل #راموس آخر 20 ركلة جزاء!#هلا_مدريد pic.twitter.com/hxah8WwbAk
الهداف وصانع اللعب
لا يختلف اثنان على أن "انفجار" الفرنسي كريم بنزيمة هذا الموسم فاجأ الكثيرين من منتقديه الذين لم يكونوا لينتبهوا لقيمته الفنية في المواسم الماضية، ولكن بمغادرة كريستيانو رونالدو وغياب البلجيكي إيدين هازارد وخروج جاريث بايل من قائمة الاختيارات، وضع بنزيمة تحت المجهر، إذ لعب كريم أدواراً مزدوجة وأكثر في أغلب لقاءات هذا الموسم.
فقد قام بدوره الأول كمهاجم وهداف أول للفريق، فسجل 18 هدفا حتى الآن. كما نفذ أدوار صانع اللعب الذي يبتعد عن منطقة الضغط قبل أن يمرر الكرات الحاسمة لزملائه في المساحات التي كان يحدثها بذكائه، حيث قدم 8 تمريرات حاسمة جعلته ثالثا في ترتيب صانعي الأهداف. خاض بنزيمة 34 مباراة (33 أساسياً) وخاض أكثر عدد من الدقائق (2916) رغم أن زيدان أخرجه من 14 مباراة قبل أن يكمل كل الوقت.
✨ #ريال_مدريد بقيادة #زيدان يتجاوز عتبة الـ 500 هدف!
— Real Madrid C.F. ع (@realmadridarab) July 11, 2020
⚽ 501 هدف
🚩 207 مباراة
🧮 متوسط 2,4 هدفاً في المباراة الواحدة.#هلا_مدريد pic.twitter.com/kII33pidCl
حارس عملاق
خيب البلجيكي تيبو كورتوا ظنون الجميع الموسم الماضي، وكان أحد نقاط الضعف التي أدت لهزائم كثيرة، لكن الحارس العملاق والمتوج بجائزة أفضل حارس في كأس العالم 2018 استعاد مستواه الذي ميزه إبان حماية عرين أتليتكو مدريد، وبات يقدم مباريات كبيرة بفضل تصدياته العديدة. حافظ كورتوا على نظافة شباكه في 18 مباراة من أصل 19 لم تهتز فيها شباك الريال. يعتبر الحاس العملاق ثاني أكثر لاعبي الفريق مشاركة في الدوري إذ خاض 32 مباراة لعبها كلها في التشكيل الأساسي (أي 2880 دقيقة).
جيش منظم
بالتأكيد فإن اليد الواحدة لا تصفق، فعلاوة على الأسماء الثلاثة التي برزت بشكل كبير، فقد أدى بقية اللاعبين أدوارهم باتقان وتفان دون أي نقص. إذ قدمت كل الأسماء ما طلب منها في كل المباريات وحسب خطة اللعب. استخدم زيدان 26 لاعبا، خاض 21 منهم أكثر من 14 مباراة فأكثر، ونجح 19 لاعبا في هز الشباك بهدف وأكثر. ساهم العديد من اللاعبين في ثبات رؤية المدرب زيدان وقوة الفريق في أرض الملعب، حيث لعبت خمسة عناصر (فاران، كارفاخال، كروس، كاسيمرو، مودريتش وفالفيردي) دوراً هائلا في كل الخطوط إذ شاركوا في 30 مباراة وأكثر هذا الموسم.