أذهل المنتخب المغربي عشاق الساحرة المستديرة خلال مشاركته في بطولة كأس العالم قطر 2022، حيث قدّم بطولة للتاريخ، أنهاها باحتلال المركز الرابع، بوصفه أول منتخب أفريقي وعربي يصل لهذا الإنجاز، الذي وصفه مراقبون بـ"معجزة كروية".
وخسر "أسود الأطلس" مواجهة تحديد المركز الثالث أمام المنتخب الكرواتي بنتيجة (1-2)، أمسية السبت 17 ديسمبر/ كانون الأول، على استاد "خليفة الدولي".
ومنذ بداية المونديال العالمي على أرض قطر، ظهر المغرب بصورة رائعة في مرحلة المجموعات، وتمكن من احتلال صدارة المجموعة السادسة عن جدارة واستحقاق، بعد التعادل في المباراة الأولى سلبيًا من دون أهداف أمام كرواتيا، ثم الفوز (2-0) على المنتخب البلجيكي، ومن بعدها التفوق (2-1) على كندا.
وفي الدور ثمن النهائي، أطاح المنتخب المغربي بمنافسه الإسباني، أحد المرشحين البارزين للتتويج باللقب، بركلات الترجيح (3-0) بعد التعادل (0-0) في الوقتين الأصلي والإضافي، وأمام المنتخب البرتغالي كان المغرب في الموعد مرة أخرى، وأصبح أول منتخب أفريقي وعربي يتجاوز دور الثمانية عبر تاريخ كأس العالم، بعد الفوز بنتيجة (1-0).
لكن التألق المغربي اصطدم بالعملاق الفرنسي في نصف النهائي، وكانت الخسارة (0-2) أمام حامل اللقب، ومن بعدها الهزيمة أمام كرواتيا (1-2) في مواجهة تحديد صاحب الميدالية البرونزية في المونديال العالمي.
الإعجاز الكروي المغربي بالتأهل إلى نصف النهائي في كأس العالم 2022 على أرض قطر كانت له أسباب عديدة، وهذا ما يستعرضه لكم "winwin" من خلال السطور التالية.
1- تعيين وليد الركراكي.. قرار مؤثر قبل انطلاق المونديال
ربما يكون تعيين وليد الركراكي على رأس الدفة الفنية للمنتخب المغربي، قبل 3 أشهر على انطلاق كأس العالم 2022، أفضل قرار اتخذه اتحاد محلي حول العالم في الآونة الأخيرة. رحل البوسني وحيد حاليلوزيتش وجاء الركراكي، ومعه تحققت المعجزة، ووصل المغرب لحصد المركز الرابع في البطولة الكروية الأهم على هذا الكوكب.
ما قدّمه الركراكي من إدارة فنية على مدار البطولة كان شيئًا باهرًا، حيث وضع صاحب الـ47 عامًا بصماته الفنية الرائعة على المنتخب المغربي، وتنوع أسلوب لعب المغرب معه ما بين الضغط المتقدم أحيانًا، والتراجع إلى الخلف في أوقات أخرى، مع تقارُب الخطوط وتقليل المساحات، ما جعل منافسيه، في أوقات كثيرة، يظهرون بدون حلول هجومية تقريبًا، وعاجزين عن الوصول لهز الشباك.
بتنظيم تكتيكي مُبدع في المونديال القطري، فرض المدرب المغربي أسلوبه على العديد من الأسماء الكبرى في عالم التدريب؛ على غرار الإسباني لويس إنريكي، والبرتغالي فرناندو سانتوس، وتعامل الركراكي بذكاء مع متغيرات المباريات، وغيّر رسمه التكتيكي في بعض الأوقات حسب الحاجة الفنية.
كما تعامل مدرب الوداد المغربي السابق بصورة رائعة مع الإصابات التي ضربت فريقه، وكانت كتيبته جاهزة دائمًا بفضل تحضيره الفني والذهني لكل اللاعبين، وبكل تأكيد فإن ما قدّمه الركراكي في كأس العالم 2022 يفوق الوصف، ويستحق كل عبارات الإشادة.
2- أسماء من العيار الثقيل في تشكيلة المغرب
امتلك المنتخب المغربي في المونديال القطري تشكيلة مُدججة بالنجوم، ساعدته كثيرًا على مقارعة أكبر المنتخبات العالمية، وعدم الخوف من أي منافس، وضمّت قائمة المغرب العديد من اللاعبين الذين يستطيعون صنع الفارق في كل الخطوط؛ بداية من حراسة المرمى وحتى خط الهجوم.
في العرين المغربي، كان عملاق الحراسة ياسين بونو في الموعد، وأسهم بقوة في وصول منتخب بلاده لهذا الإنجاز الرائع على أرض قطر، كما برز العديد من النجوم في باقي الخطوط؛ مثل أشرف حكيمي، وحكيم زياش، وسفيان أمرابط ، وعز الدين أوناحي، ويوسف النصيري، والقائمة تطول.
ولم يجد الركراكي صعوبة في تعويض الغيابات التي عانى منها خلال مشواره في المونديال القطري بداعي الإصابات، وكانت لديه البدائل التي تنتشر في أكبر الدوريات الأوروبية، ويمكنها صناعة الفارق، مما جعلها قادرة على تحدي القوى الكروية الكبرى، وفي نظر الكثير من المُراقبين، فإن كوكبة اللاعبين المغاربة الناشطين في دوريات كبيرة حول العالم جعلت من "أسود الأطلس" منتخبًا "أوروبيًا" في القارة السمراء.
3- روح وانضباط ورغبة في تحقيق الإنجاز
قدّم كل نجوم المغرب أقصى ما لديهم في مونديال قطر، وظهروا بروح عالية، وتصميم على تحقيق الإنجاز التاريخي والوصول لأقصى نقطة ممكنة. خلال البطولة حضرت الإرادة المغربية بقوة في الالتحامات والصراعات الثنائية، ممّا كان له تأثير كبير في حسم العديد من المباريات، وفي نهاية المطاف حصد الفريق المركز الرابع عن جدارة واستحقاق.
وتميز كل لاعبي "أسود الأطلس" في كأس العالم 2022 بانضباط رائع في أداء الواجبين الدفاعي والهجومي على أفضل ما يكون، وظهر المنتخب المغربي متماسكًا على أرض الملعب، وواثقًا من إمكاناته. ربح نجوم المغرب صراعهم الذهني مع منافسيهم، وتُرجِم هذا على أرض الملعب إلى التفوق الفني أمام أعتى المنتخبات العالمية.
4- مساندة جماهيرية كبيرة للمنتخب المغربي
حظي منتخب المغرب بدعم هائل من الجماهير العربية بشكل عام، والمغربية بشكل خاص، خلال مشواره في العُرس العالمي، وكان في كل مبارياته صاحب النصيب الأكبر من الحضور الجماهيري في ملاعب قطر، واحتشد الآلاف لمساندة أشرف حكيمي وحكيم زياش ورفاقهما.
كما وجد النجوم المغاربة في مونديال قطر دعمًا كبيرًا من أسرهم في المدرجات، الأمر الذي كان له مفعول السحر في منح اللاعبين دفعة معنوية هائلة، ورغبة في إسعاد الملايين من المحيط إلى الخليج.