منذ أن كتب جيل العراق الرهيب اسمه بأحرف من ذهب عندما حقق تأهله الأول والوحيد حتى الآن لنهائيات كأس العالم 1986، ظلت قائمة منتخب "أسود الرافدين" تخلو من الأساطير الذين يمكن أن يخلد اسمهم في السجلات الذهبية للكرة العراقية. سنوات طويلة أتى بها نجوم تألقوا لفترات بسيطة، حتى بزغ نجم يونس محمود الذي أعاد فتح السجلات وكتب فيها اسمه بأحرف من نور.
عاش العراق سنوات طويلة من الحزن على إثر الدمار الذي خلفته الحروب وغيرها من الأحداث التي عاشتها بلاد الرافدين، ووسط ذلك الركام، شق محمود "النفق المظلم" وأرسل من آخره نوراً ساطعاً حينما أعاد البسمة للعراقيين ونجح رفقة زملائه في وضع العراق أخيراً على لائحة كبار أبطال آسيا، بعد أن قاد "الأسود" للتتويج الأول في بطولة كأس آسيا.
ذهب العراق نحو نهائيات القارة في العام 2007 ولم يكن أبداً ضمن كوكبة المرشحين، لكن يونس قائد الفريق عرف كيف يوجه البوصلة عندما سجل أربعة أهداف مهمة أمام تايلند "إحدى الدول المستضيفة" في الافتتاح 1-1، هدفان في مرمى فيتنام 2-0 في ربع النهائي، والأكثر أهمية هدف الفوز في مرمى السعودية في اللقاء النهائي 1-0.
ارتقى يونس عاليا مثل "سوبر مان" ودك شباك الأخضر وجرى فرحا ملوحا بشارة القيادة، وسط تصفيق عشرات الآلاف في ملعب جاكرتا، وبعد صافرة النهاية تم تخليد تلك اللقطة الشهيرة، يونس محمود يرفع كأس آسيا ويزأر كالأسود، علاوة على فوزه بجائزة الهداف بالتشارك مع نجمي السعودية "ياسر القحطاني" واليابان "تاكاهارا".
شهدت مسيرة محمود إنجازات كبيرة، فعلى صعيد المنتخبات العراقية شارك في كأس القارات 2009، وكان ضمن أحد أبرز لاعبي جيل منتخب الشباب الذي حقق لقب كأس آسيا تحت 20 سنة عام 2000، وتأهل للمشاركة في كأس العالم تحت 20 سنة عام 2001، وبعد ثلاث سنوات ساعد العراق على بلوغ نصف نهائي دورة الألعاب الأولمبية أثينا 2004، وحقق المركز الرابع.
ترقى للمنتخب الأول وعرف معه العديد من المشاركات الكبيرة، كأس آسيا أربع مرات 2004، 2007، 2011 و2015 التي شهدت عودة الفريق للمربع الذهبي (خاض بالمجمل 20 مباراة وسجل 8 أهداف). على الصعيد الجغرافي شارك في بطولة كأس الخليج خمس مرات، وبلغ نهائي نسخة 2013.
أما على الصعيد الفردي فقد بدأ يونس مع كركوك وتوج بطلا للدرجة الأولى، وانضم إلى الطلبة، أحد كبار العاصمة، وحقق معه الدوري والكأس والسوبر، وبعد أن عرفت قدراته الكبيرة مع المنتخب كان طبيعيا أن تتسابق الأندية الكبيرة للتعاقد معه، ولذلك أمضى مسيرة احترافية طويلة خارج العراق، ولعب معظم فترات حياته في البطولة القطرية وهناك عرف الكثير من النجاحات، فاز مع الغرافة بالدوري (3 مرات) وكأس الأمير (مرة) وكأس ولي العهد (مرتين) وكأس قطر (مرة) وكأس السوبر (مرة)، كما لعب مع العربي (توج بالسوبر) والوكرة (كأس قطر) والسد (الدوري).
في العام 2016، قرر يونس محمود وضع حد لمسيرته الكروية، بعد أن حقق كل شيء على الصعيد الجماعي والفردي، ليترك محمود إرثا رائعا للكرة العراقية سيتم ذكره كلما أتى الحديث عن الألقاب والهدافين والأداء الرائع للمنتخب العراقي.