مسعود علّال
لا تخلو حياة نجوم الرياضة وكرة القدم بشكل خاص من "الدراما" والقصص المثيرة وحتى الحزينة أحيانا، وكانت هذه القصص في غالب الأحيان سلاحا ذا حدّين أو حافزا قويا لتسلق سلّم النجومية والتخلص من حياة الفقر والحرمان والمعاناة، مثلما هو الشأن للنجم البرازيلي نيمار جونيور داسيلفا سانتوس، هداف نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
دخل نيمار البالغ من العمر 28 عاما، العالمية الكروية خلال فترة زمنية وجيزة حتى أصبح حديث جميع الجماهير في مختلف أنحاء العالم، سواء بفضل قدراته التهديفية ومهاراته الفنية داخل الملعب، أو خارجه بإثارته الجدل في كل مرة، إذ يبدو وكأنه يعشق تلك الأجواء التي كان يعيشها عندما كان مراهقاً يلعب في نادي سانتوس البرازيلي قبل أن يحترف في القارة الأوروبية.
وورث نيمار موهبة كرة القدم من والده اللاعب السابق الذي لم يحقق شهرة كبيرة، واضطر للاعتزال بسبب حادث سيارة بعد 4 أشهر فقط من ولادة نيمار في العام 1992، إذ كانت العائلة ومعها "الرضيع" نيمار داخل السيارة ونجوا بأعجوبة إثر اصطدام بسيارة أخرى، وقام نيمار بتطوير مواهبه من خلال اللعب مع أصدقائه في الشارع وفي الصالات، قبل أن يلتحق بنادي بورتيغسا سانتيستا للشباب عام 1999، واستمر مع الفريق إلى 2003 لينضم بعدها إلى سانتوس وعمره 11 عاماً.
وكانت الأسرة تعيش في مستوى اقتصادي متواضع، حتى أن الوالد قال عن تلك الفترة: "قبل ولادة نيمار لم نكن نجد المال لكي تجري أمه الأشعة من أجل الاطمئنان عليه عند الطبيب، وكثيرا ما قضينا أياما وليالي دون كهرباء في المنزل". واضطرّ والد نيمار للعمل في 3 مهن مختلفة من أجل توفير ظروف العيش المناسب الشهري للعائلة، فكان عاملاً وميكانيكياً وبائعاً، بينما ظلت الأم نادين مسؤولة عن الاهتمام بالمنزل ورعاية الابن نيمار وشقيقته الصغرى رافاييلا.
لفت نيمار منذ نعومة أظافره اهتمام كبار الأندية الأوروبية، وكان فريق ريال مدريد الإسباني أول من كان على مقربة من التعاقد معه في سن الـ14 عاما، قبل أن يبقى في فريقه سانتوس بإصرار من إدارة الأخير، وتم تصعيده للفريق الأول عام 2009 وسطع نجمه بقوة ليفوز بأول ألقابه الشخصية وهي جائزة أفضل لاعب في الدوري البرازيلي.
بقي نيمار مع سانتوس إلى عام 2013، ولعب في تلك الفترة 223 مباراة وسجل 136 هدفاً، قبل أن ينضم إلى نادي برشلونة الإسباني في نفس العام 2013 في صفقة أثارت الكثير من الجدل، وما زالت القضية لحد الساعة أمام المحاكم بسبب التشكيك في قيمتها المالية الحقيقية، حيث تؤكد الشركة الراعية له وقتها أنها تعرضت لعملية نصب بعد أن أعلن النادي الكتالوني بالتعاون مع سانتوس عن قيمة أقل للصفقة (57 مليون يورو)، لكن الحقيقة هي (83 مليون يورو).
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par ene10ta Érre 🇧🇷 👻 neymarjr (@neymarjr) le 11 Août 2019 à 4 :24 PDT
لم تتوقف تداعيات صفقة انضمام نيمار إلى برشلونة عند هذا الحدّ، لأن البرازيلي قرر في العام 2017 بعد 4 مواسم مع برشلونة نال خلالها 8 ألقاب، الرحيل بفسخ عقده للالتحاق بنادي باريس سان جيرمان، حيث تكلفت الصفقة 222 مليون يورو ليصبح الأغلى في العالم، لكن لقب "الخائن" لا يزال يطارده إلى الآن بين جماهير "البارسا" بسبب الطريقة التي رحل بها، فضلا عن مطالباته في كل مرة بمنحه تعويضات مالية بعد رحيله عن الفريق.
وتألق نيمار مع "الباريسي" بشكل لافت هذه السنة، إذ فاز بالثلاثية المحلية مع باريس سان جيرمان، إلى جانب مساهمته الفعالة في ترشح الفريق إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، بعد الفوز على لايبزيغ الألماني في النصف النهائي بنتيجة 3 أهداف لصفر.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par ene10ta Érre 🇧🇷 👻 neymarjr (@neymarjr) le 12 Mai 2019 à 1 :58 PDT
وبخلاف تألقه مع سان جيرمان وبرشلونة، لم يكن حظ نيمار موفقا مع المنتخب البرازيلي إذ لعب معه 101 مباراة وسجل 61 هدفا منذ العام 2010، لكن الإصابات حرمته من بطولات هامة، مثلما حدث عندما أصيب في ربع نهائي مونديال2014 على أرض بلاده، لتخسر البرازيل بعد ذلك أمام ألمانيا بنتيجة (7-1)، وأصيب نيمار أيضاً في مباراة ودية قبل "كوبا أمريكا 2019"، ليغيب عن البطولة التي أقيمت في البرازيل وتوج بها منتخب “السامبا” بدونه.
التناقضات الكثيرة التي عاشها نيمار منذ طفولته إلى غاية اقتحامه عالم الشهرة والأضواء جعلت منه هدفا لعملاق الإنتاج السينمائي والتفلزيوني "نيتفليكس"، الذي شرع في تصوير فيلم وثائقي عن حياة النجم البرازيلي، إذ كشفت صحف فرنسية عن وجود فريق عمل وتصوير الفيلم بانتظام مع اللاعب سواء داخل مرافق التدريب أو في أروقة النادي.