نجوم الرياضة والشعوذة.. قصص مرعبة وحقائق صادمة

بواسطة messaoud.allel , 25 مارس 2020

الكاتب: مسعود علّال

يرتبط النجاح في الميدان الرياضي وتحقيق الألقاب والإنجازات وشق الطريق نحو النجومية والشهرة بجملة من العوامل؛ أبرزها الجدية والانضباط في التدريب والتفاني في العمل والثقة، والالتزام بتعليمات المدربين والطموح، لكن الكثير من المنتسبين إلى قطاع الرياضة وبشكل خاص كرة القدم التي تجذب الأضواء من الرياضات الأخرى، يسلكون طرقاً أخرى غير شرعية وبعيدة تماماً عن الرياضة للوصول لتحقيق هدف ما، وكثيراً ما تكون هذه الطرق مخالفة للعادات والأعراف؛ وأبرزها الديانات، فقد انتشرت الشعوذة والسحر والتنجيم الذي تستعين به تقريباً كل الدول عبر العالم خلال منافسات كرة القدم المحلية أو الدولية قصد تحقيق النجاح المأمول.

الشعوذة والسحر ظاهرتان ارتبطتا بالكثير من الحضارات القديمة؛ مثل: البابلية والإغريقية والفرعونية والرومانية والفينيقية، وتم تناقلهما بين مختلف الشعوب، ومنها العربية التي وبالرغم من ارتباطها بالدين الإسلامي الذي يحرّم ويجرّم هذه الظواهر الدخيلة، إلا أن بلدانها أضحت معاقل لهما وانتشرت وسط مجتمعاتها، على غرار المغرب والجزائر وتونس ومصر وفلسطين سوريا والسودان والعراق.

سحر وقرابين وعفاريت في الكرة العربية

في الوطن العربي اشتُهرت ظاهرة ذبح العجول والخرفان والماعز قبل المباريات ورش المياه بأرجاء الملعب والمرمى، خاصة عند تنقلات الأندية والمنتخبات للعب بأدغال القارة السمراء، واستفحلت ظاهرة السحر والشعوذة في الملاعب العربية والخليجية عبر اللاعبين الأفارقة، أو السحرة الذين نقلوا أنشطتهم إلى هذه الدول، كما اندلعت أزمات بالعديد من الدوريات العربية إثر تبادل اتهامات باستخدام السحر والشعوذة للتأثير في نتيجة المباراة أو في الفريق الخصم.

The referenced media source is missing and needs to be re-embedded.
مرتضى منصور اتهم الحارس الحضري بالتعامل مع المشعوذين(Getty)

 واعترف لاعب الإسماعيلي المصري السابق صامويل جونسون بلجوئه للسحر الأسود في غينيا قصد التعافي من إصابة لحقت به، كما ألقت الشرطة القبض على دجال شهير يمارس العلاج بالسحر في منزله، وقد عُثِر على مقتنيات تخص نجوماً كباراً في الكرة المصرية؛ مثل: حسام حسن وعصام الحضري، وزعم الدجال أنه يتعامل معهما منذ سنوات لمساعدتهما على التألق.

في شهر مايو/أيار 2014 اتهم رئيس الزمالك المصري مرتضى منصور حارس فريق وادي دجلة وقتها عصام الحضري بأنه يستعين بـ "السحر والعفاريت"، لإبعاد الكرات الخطيرة عن مرماه، مؤكداً أنه يعرف هوية "المشعوذ" أو الشيخ" الذي يقوم بمساعدته. وفي العام 2008 كشفت وسائل إعلام إماراتية عن اتهام لاعب المنتخب فيصل خليل بالتورط في قضية شعوذة باللجوء لسحرة عمانيين، لضمان البقاء في المنتخب الوطني.

لطالما اتُّهِم المغرب لكونه بلداً مشهوراً بالسحر والشعوذة، ولكن في كرة القدم لم يشهد التاريخ المغربي حالات كثيرة في هذا المجال، وحتى إن حدث فإن ذلك يتم في سرية تامة، وبعيداً عن وسائل الإعلام والجماهير. كما تنتشر على الملاعب المغربية عادة يمارسها تقريباً كل الشعوب العربية والإفريقية، وهي ذبح ثور أو كبش أو ديك على أرضية الملعب لطرد النحس.

وفي الجزائر قليلاً ما تم تناول انتشار هذه الظاهرة وسط الرياضيين من طرف وسائل الإعلام لندرة المعلومات أو الشهادات الحيّة، إلا عندما يتعلق الأمر بلعب الأندية أو المنتخبات مع نظيرتها الإفريقية، بينما كشف تقرير نشرته مجلة "الشروق العربي" قبل 4 سنوات عن لجوء لاعبين ومدربين ورؤساء أندية دون الكشف عن هويّتهم، للمشعوذين والدجالين أملاً منهم في تحقيق النجاح والحصول على المال أو البقاء في مناصبهم. وذكرت المجلة بأن لاعباً دولياً سابقاً كشف سراً خطيراً عن مدرّب يأخذ كل أسبوع قميصاً لمهاجم الفريق لأحد المشعوذين ليضع له خلطته السحرية، فقد كان يسجل الأهداف في كل المباريات التي يخوضها، وتوقف فجأة عن التهديف بمجرّد عدم زيارة قميصه للمشعوذ!

أضاف المصدر ذاته أن مدرباً أشرف على المنتخب الجزائري كان يجلب ماء البحر ليلة كل مباراة ليرشّ بها غرف ملابس الفريق جلباً للحظ ودرءاً للنحس. كما تحدّث أيضاً عن لاعبين يلجؤون للمشعوذين والسحرة للحصول على "تميمة الحظ" أو "حجاب" إما للحصول على فرصة الانتقال إلى فريق كبير وإما للحفاظ على مناصبهم بأنديتهم، بينما دأب حارس مرمى على اللجوء للدجالين قصد تحصين مرماه من تلقي الأهداف!

رقاة أم مشعوذون؟

في غمرة تصفيات كأس العالم 2010، استنجد منتخب الجزائر الأول بأحد الرقاة ويدعى أبو مسلم بلّحمر كي يساعد الفريق على تجاوز الظروف الصعبة التي كان يمر بها، خاصة قبيل مباراة مصر في الجولة الأخيرة من التصفيات؛ إذ تعرض 7 لاعبين للإصابة بشكل غريب ومريب وفي فترة وجيزة جداً.

ولاقى وجود الراقي مع المنتخب ردود أفعال متباينة، حتى أن بعضهم شكك في نواياه ووصفوه بالمشعوذ والدجال، خاصة أنه واجه اتهامات بالنصب والاحتيال والممارسة غير الشرعية لمهنة الطب، ليصدر عليه الحكم بالسجن لمدة عام. ومع ذلك فقد استُنجِد به خلال مباراة بوركينافاسو الفاصلة المؤهلة لمونديال 2014، لإبطال أي سحر محتمل يقوم به الفريق المنافس، كما سجل حضوره أيضاً كأس أمم إفريقيا الأخيرة بمصر، قبل أن يُغتال في ظروف غامضة بنهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي على يد مجهول ببيته غربي البلاد.

The referenced media source is missing and needs to be re-embedded.
لجأ لاعبو الجزائر للرّقية قبل مباراة الحسم أمام مصر في 2009(Getty)

وقال أبو مسلم في تصريحات سابقة تعليقاً على حضوره المتكرر مع المنتخب الأول، نافياً ممارسته الشعوذة: "يلجأ بعض الرياضيين للرقية بسبب كثرة تعرضهم لإصابات يعجز الطب عن شفائها، ولما تكررت الإصابات في صفوف المنتخب تواصل معي بعض المسؤولين لمساعدتهم"، مضيفاً: "أغلب اللاعبين يعانون من الإصابة بالعين والحسد والطاقة السلبية، والرقية تساعد كثيراً على التخلص من هذه الأمور وهو الأمر الذي قمت به مع لاعبي المنتخب، ولا أريد الكشف عن أسماء اللاعبين ولا عما كانوا يشتكون منه؛ لأنهم طلبوا مني ذلك، وكان بعضهم متحفظاً جداً إزاء الرقية".

وفي الجزائر أيضاً كشف لاعب شباب قسنطينة السابق عبد النور بلخير في برنامج تلفزيوني عن تعرضه للسحر، وزعم أن ذلك تسبب له في عدم الإنجاب على الرغم من مرور سنوات على زواجه، كما كشفت وسائل إعلام محلية في العام 2018 عن العثور على صورة لاعب فريق شبيبة سكيكدة سعدي محمد عليها طلاسم سحر وشعوذة في إحدى المقابر، وتعرض اللاعب لصدمة شديدة من جراء ذلك ليلجأ إلى أحد الرقاة لإبطال مفعول هذا السحر.

"الغري غري" و"الداغا" و"الكوتي" و"الدنبوشي" و"مامي واتا" أخطر أنواع السحر

تبرز القارة السمراء حالياً كأكبر معقل لمختلف طقوس السحر والشعوذة؛ إذ اشتُهرت كرة القدم بهذا الجزء الكبير من العالم بارتباطها بهذه الظواهر التي أضحت تمثل جزءاً من ثقافتها وتكوين مجتمعها، وتحمل أنواع طقوس السحر والشعوذة الكثير من الأسماء؛ وأهمها في القارة الإفريقية: "الغريغري" و"الداغا" و"الكوتي" إضافة إلى "الدنبوشي" الذي أُشيع بأنه كلمة متداولة في الخليج العربي وفي السعودية على وجه التحديد، ويقال: إن أصل هذه الكلمة يعود إلى الفترة التي شهدت توافد عدد من اللاعبين السودانيين للعب في السعودية، فقد كانوا يستخدمون هذا المصطلح لوصف ظاهرة السحر والشعوذة في التأثير المزعوم في نتائج مباريات كرة القدم.

وتعدّ إفريقيا من أكثر الأماكن التي تختلط بها معتقدات السحر والشعوذة مع كرة القدم، لدرجة أن بعض الفرق تنتقل في أثناء مشاركاتها الدولية مع سحرة يُعرفون باسم "رجال الجوغو" أو الحكماء، وتتعلق مهامهم بإعداد تعويذات لحماية المرمى من الأهداف، وتسريع عملية التعافي من الإصابات، ومن أشهر هذه الدول الإفريقية: مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو وغانا والكاميرون والكونغو والطوغو وكوت ديفوار وزامبيا.

وقد أجرى خبير الأنثروبولوجيا أرنولد بانبورغ في عام 2008 تحقيقاً موضوعه كرة القدم الإفريقية والدجل، وأشار فيه إلى أن أقوى أشكال السحر في كرة القدم هي الاستعانة بإله مائي يُدعى "مامي واتا" لحماية حارس المرمى من الأهداف، ويوضح بانبورغ قائلاً: "للتصدي لذلك ينبغي إلقاء حبة جوز الهند في الملعب؛ لأنه أكثر ما يحب أكله مامي واتا !".

تاريخ حافل لنجوم إفريقيا والعالم مع الشعوذة والسحر

Image removed.
يستعمل الأفارقة أساليب عديدة في الشعوذة(Getty)

مسّت الشعوذة أحد نجوم القارة السابقين، وهو الطوغولي إيمانيول أديبايور اللاعب الأسبق لريال مدريد وتوتنهام وأرسنال؛ إذ اعترف في تصريحات سابقة بأن علاقته بأمه وشقيقاته انقطعت بسبب اكتشافه أنّهن استخدمن ضده السحر الأسود لكي يتوقف عن لعب كرة القدم.

وألقت الشرطة القبض على حارس الكاميرون الشهير توماس نكونو قبل نصف النهائي، والذي جمع بلاده مع مالي ببطولة أمم إفريقيا 2002 في أثناء ممارسته بعض الطقوس الغريبة عند المرمى، قبل تدخل رئيس الكاميرون للإفراج عنه. كما عرفت ذات المباراة التي انتهت لمصلحة الكاميرون بثلاثية اتهام مسؤولي المنتخب المالي لنظرائهم من الكاميرون باستعمال السحر الأسود للفوز. ويجري مؤتمر سنوي للسحرة السنغاليين في إقليم "فاتيك"؛ حيث يحظون باهتمام بالغ من السكان والسلطات الرسمية.

بينما برز في القارة الأميركية المكسيكي أنتونيو باثكيث ألبا المعروف باسم "المشعوذ الأكبر" والذي ارتبط اسمه بالتكهّن بنتائج المباريات وإقامة طقوس السحر والشعوذة، واشتهرت بالأرجنتين أسطورة "القطط السبعة"، وتتعلق بقيام مجموعة من مشجعي نادي إندبندينتي بدفن سبع قطط أسفل مرمى خصمهم الأزلي رايسينغ بملعب "السيليندرو" عقب تتويجه بلقب الدوري عام 1966 وكأس ليبرتادوريس في 1967، وذلك لإلقاء اللعنة عليه.

امتدت طقوس الشعوذة إلى الدوريات والأندية الأوروبية، فقد فاجأت وسائل إعلام إنجليزية الجماهير عام 2016 بنشر صور لكهنة بوذيين في غرف ملابس نادي ليستر سيتي، وهم يقومون بطقوس مع اللاعبين قصد التألق في الدوري. كما نقلت صحف أوروبية عام 2009 تصريحات للساحر الإسباني "بيبي المشعوذ" قال فيها: إنه صنع تعويذة ضد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو كي تلاحقه إصابات متتالية تقضي على مسيرته، لكن ذلك لم يحصل إطلاقاً.

The referenced media source is missing and needs to be re-embedded.
النيجيري براون اعترف بوجود الشعوذة في الدوري الإنجليزي(Getty)

 واعترف اللاعب النيجيري براون إيديي أن هناك لاعبين في الدوري الإنجليزي متورطين بأعمال شعوذة وسحر ولا يمكنهم التخلي عن هذه الأعمال التي أصبحت مثل الإدمان، حتى أنهم يدفعون أموالاً طائلة بغية الحصول على هذه الخدمات. وأضاف براون في تصريحات لصحيفة "ذا صن": "هؤلاء الأشخاص يحاولون أن يصبحوا أغنياء، وجعل حياتهم مثالية، وأقول لهم لو أن لذلك تأثيراً لحصل اللاعبين الأفارقة على جائزة أحسن لاعب في العالم بدلاً من ميسي ورونالدو". وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الطقوس تدعى "تروبيكيكا ميليكا" تكلف 460 جنيهاً إسترلينياً.

اعتراف ميدو

كما اعترف النجم المصري السابق أحمد حسام "ميدو" الذي احترف في الكثير من الدوريات الأوروبية وأبرزها الدوري الإنجليزي الممتاز، بوجود السحر والشعوذة في عالم كرة القدم، فقد قال في تصريحات تلفزيونية: إن بعضهم يؤمن بذلك حتى في أوروبا، وأضاف بأنه علم من مقرّبين من المدرب الإيطالي الشهير كارلو أنشيلوتي بأنه يصطحب ساحراً إفريقيّا معه بشكل دائم.

وكشفت زوجة أحد اللاعبين في الدوري الإنجليزي بحسب صحيفة "ذا صن" البريطانية، عن أن زوجها يرى في المشعوذ الخاص به في كوت ديفوار أهم من مدير النادي، فقد ذهب إلى قريته مرات عدة؛ ليتم تطهيره وقدّم القرابين التي طلبها المشعوذ، مشيرة الى أن اللاعبين الإنجليز لا يعرفون الكثير عن كل هذا، لكنّ المدربين يدركون ذلك جيداً.

والتقطت عدسات الكاميرات صوراً للمدرب الإيطالي جيوفاني تراباتوني، وهو يرش خلسة "الماء المبارك" على أرضية الملعب قبل مباراة لإيطاليا في مونديال 2002، كما اعتاد المدرب الفرنسي لويس فرنانديس أيضاً ذرّ الملح في المرمى قبل بداية المباريات، واعترف المدافع الإنجليزي جون تيري عام 2005 أنه يمارس ما لا يقل عن خمسين معتقداً من المعتقدات الخرافية.

 

 

 

Image
Artboard 41 copy 3.png
Caption
السحر والشعوذة يقتحمان ميدان الرياضة