يعيش واحد من أهم الأندية الرياضيّة العريقة في المنطقة وأقدمها، نادي الزوراء العراقي، أحرج فترة في تاريخه الكروي بعد انتهاء المرحلة الأولى من دوري كرة القدم الممتاز للموسم الحالي 2022-23، محتلاً المركز الخامس في جدول الترتيب، بفارق 7 نقاط عن بطل المرحلة، غريمه الأزلي، نادي القوة الجوية، ما أغضبَ جمهوره العريض ودعاه إلى محاصرة بناية إدارة النادي كلّ يوم، مُطالِباً رئيسها الكابتن فلاح حسن وبقية أعضاء مجلسها بتقديم الاستقالة الفورية أو إقالتها من قبل وزير النقل، وإلا سترتفِع حدّة السُخط وتكون لرابطة مشجّعي النادي وقفة فاصِلة في الأيام المُقبلة إذا ما تمّ تجاهل مطالبها، حسب تصريحات رئيسها أمير المالكي لأكثر من قناة تلفزيونية منذ انتهاء مباراة دهوك بالتعادل الإيجابي في 1 مارس/ آذار الحالي.
لعب نادي الزوراء 19 مباراة، فاز في 9 وتعادل في 7 وخسر 3 مرات، جامعاً 34 نقطة بعد أندية القوة الجوية والشرطة و الكهرباء والطلبة بالتوالي، مما أثار حفيظة الجمهور، خاصةً مع عجز الفريق عن فكّ نحس التعادل منذ 10 فبراير/ شباط الماضي، مُضيّعاً نقاط الفوز أمام أندية نفط البصرة والحدود والكرخ ودهوك، وهي أندية مجتهدة دعمتْ صفوفها بلاعبين جيّدين، لكنّها لا تُقارن بتاريخ وسُمعة نادي الزوراء ولا حتى بصفقاتهِ التي أبرمها الموسم الحالي، ولهذا ظلّ جمهوره في حيرة من أمره، رامياً كرة التقصير في ساحة الإدارة لعدم صواب قراراتها في اختيار اللاعبين المُحترفين بالتنسيق مع المدرب أيوب أوديشو صاحب الخبرة الكبيرة والرقم القياسي بين المدربين العراقيين في تاريخ المسابقة بعدما حقّق بطولة الدوري 4 مرات (نادي الطلبة عام 1993، نادي القوة الجوية عام 1997، نادي الزوراء عام 2018، ونادي القوة الجوية عام 2021).
جماهيريّاً، ليس من السهل أن يتراجع فريق كبير بحجم "الزوراء" إلى المركز الخامس، مع أن مسألة التعادل والخسارة واردة في حسابات اللعبة، وواقعيّاً إن الموسم الحالي يكاد يشبه الموسم الماضي عندما احتلّ الفريق المركز السادس في نهايته من دون أن تجري إدارته أيّ تغييرات فنيّة عاجلة تُنقِذ بها نتائجه ليستردَّ مكانته المُهمّة في تاريخ البطولة المحليّة التي انطلقت أوّل مرّة عام 1974 وانتزع الزوراء لقبها 14 مرّة، اثنتان منها في عهد رئيس النادي فلاح حسن عامي 2016 و2018، وكذلك بطولة كأس السوبر العراقي 5 مرّات، اثنتان منها في عهد فلاح حسن أيضًا.
صلابة إدارة نادي الزوراء حتى الآن تنمُّ عن ثقتها بأن ما تقدّمهُ من أنشطة تحكُمها ميزانيّة وزارة النقل الجهة الراعية لأمور النادي المالية، ومع ذلك توعَّد أنصار النادي بإقامة تظاهرة حاشدة أمام بوّابة الوزارة مُطالبين بالتدخّل السريع لإنقاذ الفريق من سوء الأداء وتراجع النتائج وفُقر الإدارة في معالجة الانهيارات الموسميّة، وانحسار المشاركات ضمن النطاق المحلّي وعدم التطلّع للمنافسة في دوري أبطال العرب وكذلك أبطال آسيا طوال مدة تولّي مجلس الإدارة المسؤولية منذ عام 2010، وما رافق مسيرته من اعتراضات أبناء النادي من لاعبين دوليين سابقين غير راضين عن نتائج عمله في ظلّ تجديد الجمعية العموميّة لنادي الزوراء الثقة له لأربع سنوات قادمة تنتهي عام 2026.
حقيقة نادي الزوراء، وجميع الأندية المعتمدة في مسابقات الاتحاد العراقي لكرة القدم، تتبع مؤسّسات الحكومة العراقية التي تتكفّل بمنحها الأموال ضمن ميزانيّة سنويّة مُحدّدة أوجه الإنفاق، ولا تستطيع الاستثمار حتى على أراضي أنديتها لأنها مملوكة للدولة وليس لإداراتها كونها غير مستقلّة بنظام الشركة الذي يتيح لها التصرُّف بميزانيّة تُعظّم مواردها ذاتيّاً، وتوسِّع جمعيّتها العموميّة لاستقطاب آلاف الأعضاء مثل ما يجري في ناديي الهلال السعودي والأهلي المصري، وتُمارس حريتها في انتخاب مجلس إدارة يتمتّع بالقُدرة على تأمين نفقات النادي، ويستثمِر فيه بما يُعزّز قدرته على ضمِّ أفضل اللاعبين الأجانب، ويطوّر من أسلوب لعب الفريق تحت قيادة مسؤول فنّي جديد رُبّما يكون أجنبيّاً ويصطحبهُ إلى مدى أبعد في التنافس العربي والقاري.
سيبقى وضع نادي الزوراء أمام تحدّيات صعبة في المرحلة الثانية من منافسات الموسم، ويُعاني الشدّ والجذب بين الجمهور "المُتمرِّد" على وجود الإدارة الحالية ويواصل الهتاف ضدّها حتى في أثناء مباريات الفريق في الدوري، وبين إصرار إدارة فلاح حسن على المضي في دورتها الشرعيّة حتى ختامها، وفقاً لما يتيسّر لها من أموال تساعدها على إبرام صفقات التعاقد مع اللاعبين العرب والأجانب، وهي المعنية بمصير النادي مهما هدَّد الغاضبون بزعزعة استقراره -حسب تصريحات مسؤوليه- أو حاولوا التأثير على اللاعبين نفسيّاً في الوحدات التدريبيّة ومباريات الدوري بالتوقّف عن تشجيعهم، فهناك صوت واحد يمكنهُ أن يُغيّر الإدارة ويأتي ببديلةٍ لها وهو صوت الجمعيّة العموميّة.