الكاتب: مسعود علّال
صنعت نجمة المنتخب الأمريكي لكرة القدم ميغان رابينو الحدث خلال العام الماضي، ليس فقط بتألقها على ملاعب الكرة وإحرازها الأهداف والألقاب والجوائز، وإنما بإثارتها الجدل من خلال معارضتها لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ضد الأقلّيات، وكذلك مطالباتها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بالمساواة في العلاوات والجوائز المالية بين لاعبي المنتخبات الرجالية والنسائية.
بدأت ميغان رابينو التي تنشط في مركزي الوسط والجناح، مسيرتها مع كرة القدم بأمريكا عام 2002 من بوابة فريق الشّابات بنادي "إيلك غروف برايد" إلى غاية 2005، ثم انتقلت إلى نادي "بورتلاند بايلوتس" الذي لعبت في صفوفه إلى غاية العام 2008، قبل أن تنطلق مسيرتها الاحترافية في العام 2009 بأمريكا مع نادي شيكاغو رد ستارز، ثم لعبت لفريقي فيلاديلفيا أندبندنس وماجيك جاك إنتالا، لتنتقل بعدها إلى الدوري الأسترالي لتلعب مع فريق سيدني.
ثم عادت ميغان رابينو إلى أمريكا من بوابة نادي سياتل صوندرز، قبل أن تلعب على سبيل الإعارة لنادي أولمبيك ليون الفرنسي عام 2013، ثم عادت إلى الدوري الأمريكي وانضمت إلى فريق سياتل راين الذي لا تزال تلعب معه إلى الآن. وأما على مستوى المنتخبات فقد انضمت ميغان رابينو إلى المنتخب الأمريكي لفئة أقل من 20 عاما ولعبت معه ما بين 2003 و2005، وخاضت 21 مباراة وسجّلت 9 أهداف قبل أن تلتحق بالمنتخب الأول بداية العام 2006، إذ لعبت معه منذ ذلك الوقت 158 مباراة وسجلت 50 هدفا في كل المسابقات التي شاركت فيها.
ميغان تهزم ترمب بالضربة القاضية
برزت ميغان رابينو كنجمة كرة متمرّدة منذ العام 2016، حيث كانت لها مواقف سياسية عدة تجاه بلادها، فمنذ ذلك الوقت قررت مقاطعة النشيد الوطني الأمريكي قبيل المباريات تضامنا مع لاعب كرة القدم الأمريكية كولين كابيرنيك الذي كثيرا ما ندد بممارسات الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود، كما ناضلت رابينو أيضا من أجل التنديد بالتفريق في الأجور والعلاوات المالية بين لاعبي ولاعبات كرة القدم.
Women’s soccer player, @mPinoe, just stated that she is “not going to the F...ing White House if we win.” Other than the NBA, which now refuses to call owners, owners (please explain that I just got Criminal Justice Reform passed, Black unemployment is at the lowest level...
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 26, 2019
ورفضت رابينو خلال بطولة كأس العالم 2019 بفرنسا ترديد النشيد الوطني الأمريكي تنديدا بالسياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ضد الأقليات، كما رفضت عدة مرات الذهاب إلى البيت الأبيض تلبية لدعوة ترمب بعد التتويج بكأس العالم 2019، وقالت تعليقا على هذا الأمر: "أعتقد أنني سأقول لكم إن رسالتكم تقصي بعض الأشخاص، أنتم بذلك تقصونني أنا أيضا، أنتم تقصون الأشخاص الذين يشبهونني".
اختارت ميغان طريقة مميزة للاحتجاج على سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورفضها للعنف والعنصرية من قبل الشرطة الأمريكية، عبر الركوع خلال عزف النشيد الوطني الأمريكي، أو وضع يديها خلف ظهرها خلال عزف النشيد، كما أصرّت على تحدي الرئيس الأمريكي، بعد أن رفضت زيارة البيت الأبيض، وفي الصيف الماضي وخلال حديثها لمجلة "آيت باي آيت" الكروية، علّقت رابينو على دعوة ترمب لها وزميلاتها في المنتخب: "لن أذهب إلى ... (استعملت عبارة نابية) البيت الأبيض. كلّا، لن أذهب إلى البيت الأبيض".
من جهته، رد ترمب على رابينوعبر سلسلة تغريدات انتشرت على "تويتر" ونقلت حديث رابينو، داعيا إياها إلى عدم "تقليل احترام الوطن"، قائلا: "عليك أولا أن تفوزي قبل أن تتفوهي بالكلام! عليك أن تنهي المهمة!" أي إحراز اللقب العالمي، وبالفعل كان رد اللاعبة على ترمب "مفحما"، بعد أن انتصرت رفقة زميلاتها على منتخب هولندا بهدفين نظيفين في نهائي كأس العالم 2019، لتنجز بذلك المهمة وتضيف إليها الظفر بجائزتي أفضل لاعبة وهدافة في البطولة.
مطالبات بالمساواة مع الرجال
ولم يكن تمرد ميغان رابينو مقتصرا فقط على رئيس بلادها، وإنما امتد إلى الهيئات الكروية العالمية، حيث طالبت رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جياني إنفانتينو بالمساواة فيما يتعلق بالمكافآت مع منتخبات الرجال، وذلك بعد فوز منتخب بلادها ببطولة كأس العالم، ووصلت مجموع جوائز كأس العالم 2018 للرجال إلى 400 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي المكافآت للسيدات 30 مليون دولار فقط، على الرغم من أن رئيس "فيفا" صرح للصحفيين بأنه ستتم مضاعفة الجائزة إلى 60 مليون دولار لكأس العالم للسيدات المقبل في عام 2023.
وقالت رابينو للصحفيين تعليقا على هذا الأمر: "الكل يتساءل عما سيأتي لاحقًا وما الذي نريده من كل ذلك، ما نريده هو أن نتوقف عن الكلام بشأن المساواة في الرواتب وما إذا كنا نستحق ذلك". وأضافت مخاطبة إنفانتينو: "ما الذي سنقوم به بذلك الشأن؟ ما الذي سنفعله بشأن ذلك يا كارلوس (رئيس اتحاد الكرة الأمريكي)، حان الوقت لنجلس مع الجميع ونعمل"، وأكملت: "لا أظن أن كل شيء آخر يساوي ما نقدمه، حان وقت التقدم للخطوة التالية، والقليل من الاعتراف بالأخطاء علنًا، لن يؤذى أي شخص، لقد تحدثت مع إنفانتينو وقال دعينا نحظى بمحادثة، حسنًا سأحب ذلك".
وبعد التتويج ببطولة العالم صيف العام 2019، احتفل منتخب السيدات الأمريكي باللقب في ساحة "برودواي" بمانهاتن في نيو يورك، وأخذت رابينو الكلمة لتلقي خطابا حماسيا جاء فيه: "من واجبي أن أقول لكم هذا الكلام، يجب علينا أن نكون الأفضل، يجب علينا أن نحب كثيرا و نكره قليلا، يجب علينا أن نستمع كثيرا ونتحدث قليلا، علينا أن نعرف أن ذلك مسؤولية كل واحد منا، من مسؤوليتنا أن نجعل هذا العالم أفضل"، مضيفة: "فريقنا قام بعمل خيالي كي يحمل كل هذه المسؤوليات على كتفيه، نعم نحن نمارس الرياضة، نعم نحن نلعب كرة القدم، نحن نساء رياضيات، ولكننا أكثر من ذلك بكثير"، وختمت قائلة: "كيف يمكننا أن نجعل الأشخاص المقربين منا أفضل يوميا؟ أعطوا كثيرا وكونوا كبارا، وأفضل مما لم تكونوا عليه من قبل أبدا".
مسيرة ناجحة وجوائز كثيرة
وتوّجت رابينو، التي تعد قائدة للمنتخب الأمريكي، بالكثير من الألقاب خلال مسيرتها، أبرزها الميدالية الذهبية في أولمبياد لندن 2012، ثم نالت لقب كأس العالم في نسختي 2015 و2019، وفي النسخة الأخيرة من كأس العالم التي جرت بفرنسا صيف العام الماضي، حصلت ميغان رابينو على ألقاب عدة وجوائز شخصية على غرار جائزة هدافة البطولة بستة أهداف، كما اختيرت أفضل لاعبة في البطولة.
وبعد تألقها بشكل لافت في العام الماضي، كان من المنطقي أن تنال رابينو جائزة أفضل لاعبة في العالم عام 2019 من طرف اتحاد الكرة الدولي "فيفا"، وكذلك جائزة الكرة الذهبية لمجلة "فرانس فوتبول"، بالإضافة إلى اختيارها ضمن أبرز 100 امرأة في العالم من طرف هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". وعلى صعيد الأندية توجت النجمة الأمريكية بلقب الدوري الفرنسي مع أولمبيك ليون عامي 2013 و2014، ولقب كأس فرنسا 2013، وبلغت نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2013، كما شاركت مع أمريكا في كأس العالم 2011 وبلغت الدور النهائي.