ميسي لا يشبه غيره.. قصة نجاح عابرة للزمن

بواسطة mohammad.khairy , 29 أغسطس 2020

بقلم: محمد خيري الجامعي

 

"اليوم الذي تعتقد أنه لا توجد تحسينات يمكنك إجراؤها فهو يوم حزين لأي لاعب".. بنبرات خافتة تحاكي قسوة اللحظة، نطق ميسي بهذه الكلمات ذات ليلة وهو يعانق التألق والمجد في برشلونة، وكأن الأيام تغازل صدى الكلمات المتنقلة بين الأزمنة لتجسد واقع اليوم.. ميسي حزين؛ لأنه لا يستطيع فعل أي شيء ويطالب بالرحيل من برشلونة وسط فوضى إدارية، واهتزاز سمعة النادي على وقع الخيبات المتتالية محليا وقاريا في موسم خرج فيه النادي الكتالوني خالي الوفاض.

 

قصة الأسطورة ميسي تحتاج لسنوات من الكتابة وقرون من التوثيق لحجم الإنجازات التي ختمها ليونيل بالشمع الأحمر في ملاعب كرة القدم، مشاهدة ميسي وهو يداعب كرة القدم ضرب من ضروب الخيال العلمي، الطفل الغر الذي جاء من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا يحمل أكياس الخيبة ووجع الطفولة، صار اللاعب رقم واحد في العالم، ضاربا عرض الحائط بمشكلات النمو ونقص الهرمونات، وتنمر الرفاق في حواري روساريو الفقيرة.

 

وقع ميسي في سنة 2000 وهو في سن الـ13 عقدا مع برشونة على منديل، حين سارع السكرتير الفني للنادي الإسباني وقتها (كارلوس ريكساش) بخطف توقيعه خوفا من هروبه لناد آخر، واليوم تقترب قصته مع البارسا من النهاية بورقة فاكس، كأن ميسي مكتوب عليه أن يبدأ وينتهي في كتالونيا بالورق، في مشهد يعاود نفسه بعد عقدين من الزمن.

 

ميسي أعظم من مجرد لاعب، وأوسع من رقم في تاريخ الكرة، ميسي أيقونة ومجرة من النجوم الساطعة في عالم المستديرة، ونوتة موسيقية عزفت ألحان النصر في كتالونيا لعقدين من الزمن، لكن النهاية تبدو تراجيدية والخروج لن يكون بقدر عطائه السخي في الملعب.

سيدفع برشلونة ضريبة التخبط الإداري وتعنت بارتوميو وعنجهيته في أسوأ سيناريو قد يحصل لبرشلونة في تاريخها القديم والحديث. صحيح أن ميسي يمسك بتلابيب الحكم في برشلونة، وهو الحاكم بأمره في حجرات الملابس وتعيين المدربين، لكن إنجازاته تشفع له طالما الفريق يسير على السكة الصحيحة. ميسي ليس مجرد لاعب بل منظومة حياة في مدينة زالت معالمها التاريخية وتلافت تحت نور ميسي وإشعاعاته.

 

صار ميسي قضية برشلونة ليس "الفريق" بل المدينة، تناسى الجميع حلم استقلال الإقليم، واحتشد الكتالونيون رافعين شعار الفتى الذهبي بدل علم الإقليم، ذاب جليد السياسة ومخاض الاستقلال أمام عظمة ميسي.

 

ليس لاعبا ولن يكون، حتى الكورونا رضخت للقاح ميسي، وخسرت مكانتها على محركات البحث، بمجرد صدور خبر رحيل ميسي عن برشلونة. تهافت الناس لمعرفة خبايا الرحيل، وعدلت الصحف عناوينها على رقم واحد، انتفت اللغات في حضرته، وصارت العناوين متشابهة ومتناسقة كأن ميسي يكتب بلغة واحدة اسمها الإبداع؛ لذلك ميسي أعظم من كل الأساطير ولا يشبه غيره في كل الأزمنة.

Image
12.jpg
Caption
ليونيل ميسي (Getty)