مستقبل غامض..الأزمات تحاصر اتحاد الكرة الجزائري

بواسطة messaoud.allel , 14 يونيو 2020

مسعود علال

يواجه الاتحاد الجزائري لكرة القدم بقيادة رئيسه خير الدين زطشي أزمات وضغوطا عدة، وذلك منذ قدوم القيادة الحالية للاتحاد في ربيع العام 2017، خلفا للمكتب السابق برئاسة محمد روراوة، لكن هذه المشكلات والضغوط تفاقمت واشتدت خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب ظهور أزمات أكثر حدة إلى العلن، على غرار قضية التسجيل الصوتي الذي يتضمن تحريضا صريحا على الفساد الكروي، وكذلك أزمة استمرار الدوري من عدمه في ظل انتشار وباء كورونا المستجدّ، فضلا عن أزمة جديدة، ليسمع وزارة الشباب والرياضة فحسب، بل أخرى فجرها أحد أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد.


 
وطالما اشتكى اتحاد الكرة عبر بيانات كثيرة من "الحملة المغرضة" التي يتعرض لها إما من منتسبين للمشهد الكروي في البلاد أو من وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، وعمل الاتحاد جاهدا على درء كل الاتهامات التي طالته، على غرار اتهامه بالفساد والمحاباة والدوس على القوانين، وكذلك تبديد المال العام.


 كما اجتهد الاتحاد في إبراز محاسنه وأبرزها تتويج رفاق المتألق رياض محرز بلقب أمم إفريقيا الصيف الفائت بمصر، إلا أن الضغوط والأزمات اليوم تحاصره من أكثر من جهة، ما جعل مصير المكتب التنفيذي الحالي غامضا، على بعد أقل من سنة من نهاية ولايته، إذ يرتقب أن تجرى الجمعية العمومية الانتخابية في ربيع العام القادم.


اتهامات بسوء التسيير وتبديد المال


أول الأزمات التي واجهها اتحاد الكرة في الأسابيع الماضية، كانت تسرب خبر عن قرار للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بإلزام الاتحاد الجزائري بتعويض المدرب الأسبق للمنتخب الجزائري، الإسباني لوكاس ألكاراز بمبلغ يتجاوز المليون يورو (حوالي 15 مليار سنتيم بالعملة الجزائرية)، وأثار ذلك هجوما من وسائل الإعلام ورواد "السوشل ميديا" على قيادة الاتحاد متهمة إياها بإهدار المال العام.


وكان اتحاد الكرة الجزائري قد أقال ألكاراز من منصبه في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017 لسوء النتائج، ما جعل الإسباني يودع شكوى لدى "فيفا" لاسترجاع حقوقه، وكان له ذلك بعد سنتين ونصف، إلا أن اتحاد الكرة الجزائري أودع استئنافا لدى محكمة التحكيم الرياضي "كاس" بمدينة لوزان السويسرية قصد نقض قرار الاتحاد الدولي.


كورونا وأزمة الدوري وقضايا فساد


وجاءت بعدها قضية تسريب التسجيل الصوتي الذي يظهر فيه رئيس فريق ووكيل أعمال معتمد، وهما يتحدثان عن محاولات لترتيب نتائج مباريات بالدوري الجزائري، والتحديد "المسبق" للأندية النازلة للدرجة الدنيا. وتسببت هذه القضية في حرج شديد للاتحاد، بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية عن أن وكيل الأعمال شخص مقرب جدا من رئيس الاتحاد خير الدين زطشي.


وازداد الوضع سوءا بعد أن تأسست وزارة الشباب والرياضة كطرف مدني في القضية، إذ أودعت شكوى لدى القضاء، الذي أمر في الأسبوع الماضي بإيداع مدير نادي وفاق سطيف فهد حلفاية ووكيل الأعمال نسيم سعداوي رهن الحبس، في انتظار استكمال التحقيقات التي يمكن أن تشمل رؤوساً أخرى.

 

The referenced media source is missing and needs to be re-embedded.


ويواجه اتحاد الكرة أزمة أخرى، وهي إمكانية استمرار مسابقة الدوري من عدمه، بسبب عدم حصوله على رخصة من السلطات العمومية لبعث المنافسات، بالتزامن مع استمرار فرض الحجر الصحي على 19 مقاطعة بالبلاد، وزاد ذلك من الضغط على الاتحاد خاصة من طرف الأندية، التي انقسمت مطالبها بين مؤيد ومعارض لاستئناف الدوري وأخرى تطالب بالدعم المادي كونها تضررت من مخلفات الوباء.


قبضة حديدية بين الوزارة والاتحاد


وخلال الأسبوع الماضي، وجهت وزاة الرياضة ضربة أخرى لاتحاد الكرة، إذ بعثت بمراسلة رسمية لمختلف الاتحادات الرياضية، تذكّرها فيها بضرورة الاحتكام لقوانين البلاد عند تحضيرها للجمعيات العمومية الانتخابية، واستهدفت الوزارة بالذات، اتحاد الكرة عندما أكدت أنه لا يجوز إحداث أي تغييرات على القوانين الأساسية ونظم المنافسة خلال آخر سنة من ولاية الاتحادات، كون اتحاد الكرة كان يتأهب لتمرير تعديلات على قوانينه وفق اتفاق مسبق مع اتحاد الكرة الدولي "فيفا"، إلا أن مراسلة الوزارة "أحبطت" تلك المحاولة.


وتناقلت وسائل إعلام محلية أن التعديلات التي كان اتحاد الكرة يعتزم إجراءها على قوانينه الأساسية، تمس تركيبة الجمعية العمومية، ومن بينها إقصاء الرؤساء السابقين للاتحاد من العضوية وأبرزهم محمد روراوة الذي يعد الغريم الأزلي لرئيس الاتحاد الحالي، وكذلك إقصاء أعضاء آخرين منهم لاعبو فريق جبهة التحرير الوطني الأسطوري.


ووجد الاتحاد نفسه في ورطة شديدة، أمام هذا "التدخل" غير المباشر في شؤونه من طرف الوزارة، والذي يعد أمرا غير مسموح به لدى "فيفا"، ومرادف لفرض عقوبات محتملة على الكرة الجزائرية في حال تلقي "فيفا" شكوى من الاتحاد الجزائري، بينما نفى فاعلون في المشهد الكروي إمكانية حدوث ذلك، من باب أن الوزارة لم تتدخل في شؤون الاتحاد، وإنما مارست حقها في فرض احترام قوانين البلاد، وهو الأمر الذي تحرص عليه "فيفا" أيضا.


مستقبل غامض


وازدادت متاعب الاتحاد، بعد أن قام عضو مكتبه التنفيذي محمد معوش، لاعب فريق جبهة التحرير الوطني الأسطوري، بمهاجمته (اتحاد الكرة) وذلك في حوار نشر الأحد على جريدة "كومبيتيسيون" الرياضية المحلية، إذ اعتبر أن قيام الاتحاد بإقصائه وزملائه من فريق الجبهة من عضوية الجمعية العامة "إهانة" في حق هذه المؤسسة الثورية، كما هدد باللجوء إلى رئيس البلاد عبد المجيد تبون في حال تنفيذ الاتحاد لهذا القرار.


وجاءت هذه المعطيات، لتضفي المزيد من الغموض على مستقبل القيادة الحالية للاتحاد، إذ تتهاطل عليها الانتقادات من كل حدب وصوب، بالرغم من نجاحها خلال ولايتها الأولى بإحراز اللقب الثاني فقط في كأس أمم إفريقيا في تاريخ البلاد.


 وبينما لوح خير الدين زطشي عدة مرات برغبته في الرحيل بعد نهاية عهدته، تناقلت وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي أنباء متواترة عن قرب رحيل قيادة الاتحاد بمجرد نهاية ولايتها الأولى، كما تم تداول عدة أسماء لخلافة زطشي على رأس الاتحاد ومنها رئيس رابطة الكرة الأسبق محمد مشرارة، وعضوي المكتب التنفيذي السابق للاتحاد جهيد زفزاف ووليد صادي.


 

Image
zetchi (2).jpg
Caption
خير الدين زطشي (يمين) يواجه أزمات شديدة (Getty)