تزخر سجلات كأس العالم لكرة القدم بالعديد من العبر والقصص التي ظلت خالدة في التاريخ، إلا إن قصة هيكتور كاسترو، لاعب منتخب أوروغواي في حقبتي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي لها مكانة خاصة بين قصص المونديال منذ نسخته الأولى في أوروغواي 1930 وحتى روسيا 2018.
وينتظر العالم وعشاق كرة القدم نهائيات كأس العالم 2022 من أجل توثيق قصص مونديالية أخرى قد تجود بها البطولة التي تستضيفها قطر من 21 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى 18 ديسمبر/ كانون الأول القادمين.
من هو هيكتور كاسترو وما قصة اليد المبتورة؟
في 29 نوفمبر من عام 1904 ولد كاسترو في العاصمة الأوروغوانية مونتيفيديو، وفي سن الثالثة عشرة بُتِرَت يده اليمنى بمنشار كهربائي كان يستخدمه لتقطيع بعض الأخشاب، ليفقدها طوال حياته ويطلق عليه اسم "المانكو" أي صاحب اليد الواحدة، منذ ذلك الحين.
كاسترو وهو يسجل الهدف الرابع في نهائي كأس العالم
بعد أن ظن الجميع أن حلم كاسترو في لعب كرة القدم قد تلاشى نهائيًا، تحدى "المانكو" هذا العائق حتى انضم إلى نادي ناسيونال في أوروغواي، وبدأ يعمل على تطوير الجزء البدني له ليكون متساويًا مع زملائه، حتى سطع نجمه في مركز المهاجم وحلَّ الانبهار بقدراته محل التعاطف مع إعاقته.
وفي عام 1923 حقق كاسترو حلمه الأكبر بالانضمام إلى منتخب أوروغواي، عندما استدعاه المدرب ليوناردو دي لوكا لقائمة السيلسيتي.
بيد واحدة.. هيكتور كاسترو يقود أوروغواي للقب كوبا أمريكا 1926
بعد أن بات لاعبًا محوريًا في منتخب أوروغواي، قاد كاسترو منتخب بلاده للتتويج بلقب بطولة كوبا أمريكا عام 1926، مسجلًا 6 أهداف بالبطولة، حيث سجل هدفًا في الفوز على تشيلي (3-1)، ثم آخر في الفوز على الأرجنتين (2-0)، ولم يسجل في الفوز على بوليفيا (6-0)، قبل أن يسجل أربعة أهداف في الفوز على باراغواي (6-1)، ليُتوَّج حينها باللقب.
ولم يكتفِ كاسترو بهذا الأمر، فبعد عامين فقط من لقب كوبا أمريكا قاد "المانكو" منتخب بلاده للتتويج بذهبية منافسات كرة القدم بدورة الألعاب الأولمبية التي أُقيمت في أمستردام 1928، بعدما سجل هدفين خلال مباراة ألمانيا في الدور ربع النهائي.
كاسترو سجل أول وأغلى هدف في تاريخ أوروغواي بكأس العالم
افتتح "صاحب اليد الواحدة" أهداف منتخب أوروغواي في كأس العالم عبر التاريخ، بعدما سجل أول هدف لبلاده في أول نسخة من البطولة وكان في مرمى بيرو بالمباراة التي انتهت بنتيجة 1-0، ليغيب بعدها عن المباراتين التاليتين أمام رومانيا (4-0)، يوغسلافيا (السابقة) في نصف النهائي (6-1).
وفي المباراة النهائية، كانت النتيجة تشير إلى تقدم أوروغواي على الأرجنتين (3-2)، وسط ضغط مكثف من منتخب "التانغو" من أجل التعادل، إلا إن "المانكو" سجل هدف منتخب بلاده الرابع في الدقيقة (89) ليحسم الأمور ويقوده إلى التتويج بأول نسخة من كأس العالم، ويثبت اسمه وقصته في تاريخ اللعبة.
لم يكتفِ كاسترو بهذا الإنجاز فقاد الفريق للتتويج من جديد بلقب بطولة كوبا أمريكا التي أقيمت في بيرو عام 1935، وسجل هدفًا بمرمى بيرو في المباراة التي انتهت (1-0) لصالح أوروغواي، وأضاف هدفًا آخر بمرمى الأرجنتين في المباراة النهائية واختُتِمَت بفوز أوروغواي (3-0) ليحرز اللقب الرابع في المسابقة.
كاسترو صاحب أول وأغلى هدف لأوروغواي في كأس العالم
ومع الأندية حقق كاسترو لقب الدوري الأوروغوياني 3 مرات مع ناسيونال، وذلك أعوام 1924، 1933، 1934، حيث لعب له من 1923 إلى 1932 قبل أن يرحل لمدة عام لنادي إستوديانتس الأرجنتيني ويعود لناسيونال من جديد عام 1933 واستمر هناك حتى اعتزاله عام 1936.
مسيرة تدريبية ناجحة لهيكتور كاسترو
عقب اعتزاله عام 1936 اتجه كاسترو للتدريب، وتولى تدريب فريقه السابق ناسيونال عام 1939 وقاده للفوز بـ6 ألقاب للدوري أعوام 1940، 1941، 1942، 1943، 1952.
وتولى كاسترو تدريب منتخب أوروغواي في بطولة كوبا أمريكا 1959 التي أقيمت في الأرجنتين، وحل في المركز السادس من أصل 7 منتخبات مشاركة، بانتصارين وخسارة 4 مباريات ليرحل بعدها عن القيادة الفنية.
وفي عمر 56 سنة وتحديدًا يوم 15 سبتمبر/ أيلول 1960، تعرّض كاسترو لأزمة قلبية فارق على أثرها الحياة تاركًا قصة ملهمة لكل من يرغب في تخطي كل الحواجز والصعوبات وتحقيق النجاح.