يعج تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم "FIFA" بفصولٍ من العقوبات المرتبطة بالاستبعاد من البطولات، وتجميد النشاط بسبب معارضة لوائحه الرئيسية، لعل أبرزها تجميد نشاط الاتحاد الكويتي عام 2013 الذي أحدث هزة في الأوساط الكروية بالخليج العربي.
الاتحاد التونسي لكرة القدم كان آخر من ارتبط اسمه بتجميد النشاط، بعدما هدد "FIFA" باستبعاده من منافسات كأس العالم قطر 2022 بسبب تدخلات حكومية في شؤون اللعبة، ما يتنافى مع الفصل الـ19 من قوانين الاتحاد الدولي الرئيسية.
وأكدت مصادر موثوقة لـ winwin أن الاتحاد التونسي لكرة القدم أرسل خطابًا رسميًا لنظيره الدولي "FIFA" أنهى من خلاله الأزمة المثارة حيال رغبة وزير الرياضة في الحكومة التونسية، كمال دقيش، في حل اتحاد كرة القدم المحلي.
مع ذلك، لم يصدر الاتحاد التونسي لكرة القدم أو "FIFA" بيانات رسمية في هذا الخصوص، ما يزيد من قلق الجماهير على وضعية منتخب "نسور قرطاج" في مونديال قطر 2022، الذي ينطلق في الـ20 من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.
في التقرير التالي عبر موقع winwin نرصد أبرز المنتخبات التي عاقبها FIFA بالاستبعاد أو تجميد النشاط عبر تاريخه.
تشيلي.. دماء روخاس في ماراكانا
في الجولة الأخيرة من تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم إيطاليا 1990، اتجهت الأنظار إلى المباراة المصيرية في ملعب "ماراكانا" بين البرازيل وتشيلي التي من شأنها أن تضع منتخبًا منهما في المونديال، والآخر سيخرج خالي الوفاض.
تقدّمت البرازيل بهدف من الأسطورة كاريكا في الدقيقة 67، وسط تفوّق تام من "السيليساو" إلى أن استغل حارس مرمى تشيلي، روبرتو روخاس، رمي جماهير البرازيل ألعابًا ناريةً على العشب، ليجرح نفسه بآلة حادة، وتسيل الدماء على جسده.
ادّعى روخاس أن جماهير المنتخب البرازيلي أصابته بالألعاب النارية، حينها قرر الحكم إلغاء المباراة، واعتبار تشيلي "فائزة"، لكن بعد تحقيقات "FIFA" تبيّن من مقاطع الفيديو أن روخاس أصاب نفسه بآلة خبّأها في القفازات، ليتم عقاب تشيلي بالاستبعاد من التصفيات، وتصفيات مونديال 1994 أيضًا، كما عُوقب الحارس بالإيقاف مدى الحياة إلى أن تم العفو عنه في عام 2001.
الكويت.. تجميد نشاط وخسائر فادحة
جمّد "FIFA" عضوية الاتحاد الكويتي لكرة القدم في عام 2015، نتيجة معارضة قوانين الرياضة الجديدة في البلاد، لقوانين الاتحاد الدولي الرئيسية، وهو ما اعتُبِر -آنذاك- تدخلًا وانتهاكًا صريحًا.. إلى أن تمت إعادة العضوية من جديد بعد تعديل القوانين في 2018.
سنوات ثلاث عاشتها الكرة الكويتية في ظلام دامس، وحرمان من اللعب، حيث تم استبعاد المنتخب الكويتي من تصفيات كأس العالم روسيا 2018 وتصفيات كأس أمم آسيا 2019، إضافة إلى استبعاد جميع أندية الكويت من المسابقات القارية الآسيوية.
وكان المنتخب الكويتي قد بدأ تصفيات مونديال 2018 بشكل جيد، فيما كان فريقا القادسية والكويت في طريقهما إلى الأدوار النهائية من كأس الاتحاد الآسيوي، وبعيدًا عن ذلك فقد تكبّدت كرة القدم الكويتية خسائر مالية وجماهيرية فادحة.
الاتحاد السوفيتي.. عقوبة التضامن السياسي
وقع منتخب الاتحاد السوفيتي أمام تشيلي في الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم ألمانيا 1974، وقد لُعبت مباراة الذهاب في موسكو وانتهت بالتعادل السلبي 0-0، لكن مباراة الإياب المُقرَّرة في عاصمة تشيلي سانتياغو، لم تُقَمْ.
أحجم منتخب الاتحاد السوفيتي عن لعب المباراة في ملعب "سانتياغو الوطني" بحجة أن أرضية هذا الملعب شهدت حالات إعدام جماعي لمعارضي الرئيس سالفادور أليندي، وأن المعتقلين السياسيين لا يزالون محتجزين في مبانٍ تابعة للملعب.
بعد سلسلة من المشاورات الثلاثية بين "FIFA" وتشيلي والاتحاد السوفيتي، رفض الأخير كل المقترحات، ومنها لعب المباراة في ملعب آخر في تشيلي. ليقرر "FIFA" استبعاده من التصفيات وتغريمه مبلغًا ماليًّا، واعتبار تشيلي متأهلة.
روسيا.. تكلفة ثقيلة لغزو أوكرانيا
جاء قرار "FIFA" فوريًا بتجميد عضوية الاتحاد الروسي لكرة القدم نتيجة غزو أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وعليه تم استبعاد منتخب روسيا من الملحق الأوروبي المؤهل لكأس العالم قطر 2022، وكذلك منتخب السيدات من بطولات FIFA.
طالت عقوبات "FIFA" كرة القدم الروسية من الألف إلى الياء، فقد تم حظر منتخبات الرجال بكل الفئات السنية، ومنتخبات النساء، والأندية الروسية من اللعب في المسابقات التي يشرف عليها الاتحاد الدولي، ولا يزال الحظر قائمًا إلى الآن.
منتخبات أخرى جمّد FIFA عضويتها
سبق للاتحاد الدولي أن جمّد عضوية منتخبات عديدة بسبب التدخل الحكومي في السنوات الأخيرة، منها العراق وإندونيسيا وباكستان وتشاد وكينيا وزيمبابوي وغواتيمالا والبوسنة والهرسك، وآخر المنضمين إلى حلف المجمّدين كانت روسيا.
كيف يتم تجميد أنشطة المنتخبات في FIFA؟
حسب المادة 16 من لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم الصادر بآخر تحديث له عام 2019، فإنه يتم تجميد العضوية بأثر فوري حال وجود انتهاك لالتزامات الأعضاء، ويتم النظر في استمرار التجميد أو إلغائه في جلسة الجمعية العمومية التالية.
ويلزم من أجل إصدار قرار رسمي باستمرار التجميد أو إلغائه، موافقة (ثلاثة أرباع) الدول الأعضاء المخوّل لهم بالتصويت، وفي حال عدم الوصول للنصاب القانوني، يتم إلغاء الإيقاف بقرار رسمي وكأن شيئًا لم يحدث.
هل تقضي قوانين FIFA بتجميد روسيا بسبب غزو أوكرانيا؟
ومع ذلك التنظيم الواضح في قوانينه، يواجه "FIFA" اتهامات بعدم الحياد حيال تجميد نشاط الاتحاد الروسي، إذ تنص المادة الثانية من قانون FIFA الرئيسي على: "أن يكون FIFA حياديًا في الشؤون السياسية والدينية، ويجوز إجراء استثناء، إن كان هناك تعارض مع أهداف FIFA".
لكن أنصار الاتحاد الدولي يصرّون على أن قرار تجميد روسيا مصيب استنادًا إلى المادة الرابعة من القانون الرئيسي الذي نصّه: "كل أنواع التمييز ضد أي بلد أو شخص عادي أو مجموعة من الناس بسبب العرق أو لون البشرة أو الأصل العرقي أو القومي أو الاجتماعي أو الجنس أو الإعاقة أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو الثروة أو المولد أو أي حالة أخرى أو توجه جنسي أو أي سبب آخر ممنوع منعًا باتًا وقد يؤدي إلى الإيقاف أو الطرد".