"من أراد إيقافي؛ فعليه قتلي".. بهذه الكلمات رد زلاتان إبراهيموفيتش على سؤال وُجِّه إليه منذ سنوات عن طريقة لعبه كرة القدم، وكما هو معتاد، تناقلت وسائل الإعلام التصريح وطاله بعض السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد أعوام، أثبت إبراهيموفيتش صحة مقولته بالفعل، عندما عاد إلى ناديه القديم ميلان باحثًا عن تحدٍ جديدٍ وهو على مشارف الأربعين من عمره، وحينها أكد أنه عائد للفوز مع الروسونيري ببطولة كبرى، وحدد الدوري الإيطالي هدفًا له.
أثار زلاتان الجدل من جديد ونالت تصريحاته قدرًا كبيرًا من السخرية أيضًا، فقد كان ميلان حينها بعيدًا كل البعد عن مُقدِّمة الكالتشيو وغائبًا منذ سنوات عن بطولته المفضلة دوري أبطال أوروبا.
سريعًا ظهرت بصمات زلاتان إبراهيموفيتش على الفريق، وأصبح مُلهِمًا لمجموعةٍ من الشباب تحت قيادة مدرب لم يفز بأي لقب في تاريخه هو ستيفانو بيولي، وقادهم للعودة من جديد لدوري الأبطال بعد سنواتٍ من الغياب.
كان هذا إثباتًا كافيًا على قدرة إبراهيموفيتش وتأثيره؛ لكنه أبدًا لم يَنْسَ وعده القديم بإعادة لقب "الإسكوديتو" إلى "الميلانيللو" من جديد، وبالفعل عاد الدوري الإيطالي لميلان تحت قيادة زلاتان وبيولي لأول مرة منذ 11 عامًا.
احتفال السويدي بفوز الروسونيري بالكالتشيو كان هو الآخر مثيرًا للجدل، فقد دخل أرضية الملعب وهو يدخن سيجارًا صعد به إلى منصة التتويج، في مشهدٍ أثار إعجاب البعض وانتقاد البعض الآخر.
فما سر احتفال زلاتان إبراهيموفيتش بفوز ميلان بالدوري الإيطالي بتدخين السيجار؟
نحاول معًا البحث عن إجابة في الأسطر التالية.
كيف احتفل زلاتان إبراهيموفيتش بالسيجار؟
قبل الخوض في الأسباب التي دفعت زلاتان إبراهيموفيتش للاحتفال بتدخين السيجار بعد فوز ميلان بالدوري الإيطالي، علينا أولاً متابعة المشهد، والذي انتشر كالنار في الهشيم مباشرةً بعد رفع الروسونيري الإسكوديتو.
طقوس التتويج في الدوري الإيطالي تقضي بخروج لاعبي الفريق الفائز بالإسكوديتو من أرضية الميدان، ثم دخولهم ودخول المدرب تباعًا من جديد بعد إقامة المنصة الخاصة بالاحتفال تباعًا، وذلك لينال كل منهم تحية الجمهور.
شارك زلاتان إبراهيموفيتش بديلًا في مباراة ميلان وساسولو، وبالطبع خرج من أرضية الميدان مع انتهاء اللقاء، ثم جاء دوره للدخول وتحية الجمهور، فدخل وهو يشعل السيجار.
ما سر احتفال زلاتان إبراهيموفيتش بالسيجار؟
عندما نتحدث عن التدخين، فهو أكثر العادات السيئة التي تؤثر في صحة الفرد والمجتمع، وهو سلوك مشين للاعبي كرة القدم والرياضيين ككل، وقد سبق أن دمر مسيرة عدد من اللاعبين من قبل.
لكن؛ هناك الكثير منا مِمّن يرغب عادةً في الاحتفال بالخروج عن المألوف، وهو السلوك المعتاد من زلاتان إبراهيموفيتش، فإن تتبُّع تصريحات السويدي منذ بدايات مسيرته مع الساحرة المستديرة يضعنا أمام حقيقة أنه من أكثر اللاعبين غريبي الأطوار في تاريخ كرة القدم.
لم يتحدث إبراهيموفيتش عن سبب احتفاله بالسيجار بعد فوز ميلان بالدوري الإيطالي، لكن تصريحاته بعد المباراة والاحتفال بالإسكوديتو يمكن الخروج منها بإجابة واضحة، وهي أن زلاتان أراد الرد على كل مَن سخر منه عندما أكد أنه يرغب في الفوز ببطولة كبرى مع ميلان عند عودته، لكن على طريقته الخاصة.
أكثر المنتقدين والساخرين من زلاتان إبراهيموفيتش حينها كانوا من داخل المجتمع الإيطالي، والذي يملك عادات مشابهة قد تكون غريبةً عن تقاليدنا العربية والشرقية بشكلٍ عام، على غرار إشعال السيجار بعد الوصول للهدف أو الانتصار.
ظهر هذا على عدد من الوجوه الرياضية المعروفة في كرة القدم الإيطالية، لعل أبرزهم مارشيلو ليبي الذي كان يدخن السيجار بعد كل مباراة، كذلك مدرب ريال مدريد الحالي كارلو أنشيلوتي الذي يقوم بنفس الأمر.
ما تصريحات إبراهيموفيتش بعد فوز ميلان بالدوري الإيطالي؟
تحدث زلاتان إبراهيموفيتش لشبكة DAZN بعد فوز ميلان بالدوري الإيطالي بتصريحات قد تُقدِّم لنا إجابةً عن سبب احتفاله الذي ذكرناه آنفًا، حيث تذكر ما قال في مؤتمر تقديمه وردود الفعل عليه.
وقال زلاتان عقب التتويج بالإسكوديتو: "عندما عدتُ إلى هنا، أتذكر قولَ أحد الصحفيين في المؤتمر أن العائدين إلى أنديتهم السابقة عادةً ما يُقدمون ما هو أسوأ". واستطرد إبراهيموفيتش: "رددت عليه بأنني سأقاتل من أجل عودة الفريق وفوزه بالإسكوديتو. لم يصدقني أحد، لكننا هنا الآن".
وأردف السلطان: "عملنا بجد وقدمنا الكثير من التضحيات، وبفضل العمل لا يوجد مستحيل، بيد أنني أعتقد أنني كنت مفيدًا لهذه المجموعة خارج الملعب".
عبّر زلاتان إبراهيموفيتش بهذه الكلمات عن كم الضغط الذي عاشه في السنوات الأخيرة بعد عودته لميلان من جديد، خاصةً بعد تصريحاته التي لم تؤخذ على محمل الجد، بأنه سيقاتل من أجل عودة الفريق والفوز بالدوري الإيطالي.
قد يفسر هذا السبب وراء إشعال إبراهيموفيتش سيجارًا في احتفالات ميلان بالإسكوديتو، لإيصال رسالة واضحة قالها في تصريحه لكل مَن سخروا منه وهي "نحن هنا الآن".
تحدث زلاتان عن وكيل أعماله السابق مينو رايولا الذي توفي قبيل انتهاء موسم 2021-22، وأهدى الفوز بالكالتشيو له خاصةً، وأنه هو مَن نصحه بالعودة من جديدٍ إلى نادي ميلان.
وقال إبراهيموفيتش: "الإهداء لمينو رايولا. هذه كأسي الأولى من دونه. عندما قررت العودة لأوروبا كنت قريبًا من نابولي، فسألته أين يمكنني أن أصنع الفارق، فأجابني قائلًا بأنك قد تستطيع إنقاذ ميلان".
كم عمر زلاتان إبراهيموفيتش؟
تخطى زلاتان إبراهيموفيتش الأربعين من عمره بالفعل، فهو من مواليد 3 أكتوبر 1981، وقد وُلِد وترعرع في مدينة مالمو السويدية، من أبٍ بوسني هو شفيق إبراهيموفيتش وأم كرواتية.
الحديث عن عمر السلطان يعيدنا للبداية، وهي تصريحه منذ سنوات: "مَن أراد إيقافي؛ فعليه قتلي"؛ يبدو أن هذا التصريح لم يكن وصفًا لحالة إبراهيموفيتش فقط وطريقته داخل الملعب، بل كان يصف طريقة تفكيره أيضًا، فبعمر الأربعين تَمكَّن من إعادة ميلان للطريق الصحيح وقاده إلى الفوز بالدوري الإيطالي كما صرح مع وصوله، إنه بالفعل شيء إعجازي.
هل يعتزل إبراهيموفيتش بعد فوز ميلان بالدوري الإيطالي؟
عانى زلاتان إبراهيموفيتش كثيرًا من الإصابة في موسم 2021-22، وغاب عن العديد من المباريات لميلان، فبدأ العديد من محبي الروسونيري في السؤال عمّا إذا كان السلطان سيعتزل، خاصةً بعد فوز "الديافولو" بالإسكوديتو.
إجابة زلاتان جاءت على صحيفة ذا صن الإنجليزية، حيث قال: "أشعر ببعض الذعر من احتمالية التوقف عن اللعب. بالطبع سأستمر لأطول فترة ممكنة، ما دمتُ قادرًا على إحراز النتائج؛ لكن يجب أن أكون جيدًا على أرضية الميدان، دون معاناة".
وتابع السلطان: "لا أريد الندم بعد الاعتزال، لذلك أرغب في تعظيم مسيرتي. لا أعلم ما سيحدث في المستقبل، وكما كتبت في كتابي أشعر بالذعر".
وعن إمكانية اعتزاله وحصوله على منصب في ميلان مثلما انتشر في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، قال إبراهيموفيتش: "دور في كرة القدم؟ دعنا نرى عندما يأتي هذا اليوم. يمكنني الانطلاق عندما أتوقف أو آخذ قسطًا من الراحة، أو الاختفاء كليًّا".
أخيرًا، سيظل زلاتان إبراهيموفيتش أحد أعظم اللاعبين الذين داعبوا الساحرة المستديرة يومًا، ذلك على مستوى الملعب، أمّا خارجه، فلا يتبادر إلى عقل المشجعين أيّ لاعب أكثر إثارةً للجدل من السلطان، منذ اعتزال نجم مانشستر يونايتد السابق إيريك كانتونا.