عدنان حمد.. منطق النشامى وحكمة الأسود 

بواسطة Salwa.Alkheir , 9 أبريل 2023

ليس صعباً على المتابع الحصيف لشؤون كرة القدم أن يفرز المدرِّب الخائِب الذي يتكلّم أكثر وحصاد نتائجه يكاد لا يُذكر، عن المدرِّب الكاسِب بمُثابرته وحرصهِ برغم التزامه الصمت والانزواء بعيداً عن مساحات الإعلام ولا يظهر إلا في الأوقات المناسبة.

المدرب القدير عدنان حمد، المدير الفني لمنتخب الأردن لكرة القدم، أحّد قادة الكرة العراقيّة في حُقبٍ تاريخيّةٍ، ظلَّ مُحافظاً على كاريزماه القويّة، ولم يَنجَرَّ خلف حملاتٍ عبثيّةٍ يصطنعها الإعلام المُغرِض لأجل خلق أزمة تحقّق أعلى مُعدَّلات المُشاهدة في منصّات المواقع، بل ركّز على مهمّتهِ الصعبة مع "النشامى" مُذ أبرمَ اتفاقاً مع الاتحاد الأردني لكرة القدم في يونيو/ حزيران عام 2021، أملاً بتأهيل اللاعبين إلى المستوى الأعلى بين أقرانهم في المنطقة، عطفاً على تجارب مُميّزة سابقة يحتفظُ بذكريات مُمتعة ومُثيرة معهم خلال ثلاث مهام (المونديال وكأس آسيا وكأس العرب). 

يسعى حمد إلى كتابة ملحمة جديدة مع أبناء الأردن الذين وضعوا ثقتهم فيه بعد نجاحهِ في انتزاع تسع نقاط في المجموعة الأولى ضمن تصفيات كأس آسيا 2023، وعزمهِ على تحقيق نتائج لافتة في تصفيات مونديال 2026 التي ستنطلق نهاية العام الحالي لعلّه ينجح في خطف أحد المقاعد الثمانية ونصف المقعد في أهم حدث تاريخي رياضي للمملكة الهاشميّة، لِمَ لا وحمد حوَّل التجربة الأردنيّة إلى منطق تكتيكي يُثير القلق لدى منافسيه في أكثر من مواجهة عربيّة وقاريّة، ووقفَ الجمهور العربي مُصفِّقاً للنشامى ومدرّبهم احتراماً وإعجاباً بروحيّة التحدي في إظهار القوّة أمام أعتى الفرق.

حمد تأقلم كثيراً مع بيئة كرة القدم الأردنيّة إلى درجة حساسيّته من تناول أخبار تستهدف ضرب علاقتهِ الوطيدة مع مسؤولي الاتحاد، وتصدى بموضوعيّة كبيرة إلى حملة شنّها بعض الصحفيين زيّفتْ حقيقة عقدهِ التدريبي -على حدّ قوله- وتفنيده معلومة نُسبت إليه بشأن عدم رغبته بالتجديد في حال عدم منحه راتباً شهريّاً كبيراً، وعدَّها خياليّة ومُسيئة لتاريخه.

مع التزام حمد بأمانة عقده الرسمي مع الأردن، لم يؤشَّر إخلاله به عند لقاء النشامى بالأسود، بل العكس خرج بفوزٍ قوامه هدفي حسن عبد الفتاح وأنس بني ياسين، يوم الجمعة 2 سبتمبر/ أيلول عام 2011 في ملعب أربيل بإقليم كردستان العراق، ضمن الجولة الأولى من المرحلة الثالثة لمباريات المجموعة الأولى في التصفيات الآسيوية المؤهِّلة لنهائيات مونديال البرازيل 2014، وهي المرّة الأولى التي وقف خلالها في المنطقة الفنيّة؛ مواجهاً أبناء بلده في منافسة مهمّة يعرف مرارة الخسارة بها لدى الجمهور العراقي حيث قاد الأسود لذات المناسبة في تصفيات 2002 و2006 و2010.  

ولهذا خرج قبل أيّام في إحدى الشاشات العراقيّة متفائِلاً بقرعة كأس آسيا 2023؛ مُذكّراً الجمهور بأنه لن يكون طرفاً خصماً في مواجهة أردنيّة عراقيّة ثانية، إذ إن وجود الأردن إلى جانب خمسة منتخبات بضمنها العراق في المستوى الثاني لقرعة كأس آسيا 2023 التي تضيّفها العاصمة القطريّة الدوحة يوم الخميس 11 مايو/ أيار المقبل، أبعدهُ عن تكرار حراجتهِ، لافتاً بحكمةٍ لإى أنّه لا يُحبّذ لقاء منتخب الوطن في المباريات الرسميّة، وبالفِعل ابتسمتْ القُرعة له هذه المرّة وجنّبته مُعايشة الشعور المزدوج (الوطني والمهني) في 90 دقيقة بكل إرهاصاتها وحساباتها عند الفرح والحُزن.

عدنان حمد.. نموذج استثنائي في مسيرة الكرة العربيّة للعقود الماضية، مع تضاؤل فُرص الاستعانة بالمدرّبين العرب لمنتخباتنا العربية ولجوء أغلب الاتحادات العربية (منها الاتحاد العراقي) إلى الملاكات الأجنبيّة في محاولة للاستفادة من خبراتها، وبرغم إنفاق ملايين الدولارات في صفقات التعاقد مع كبار الأسماء، فإنها فشلت إيما فشل في تحقيق أهداف منتخباتها، وهكذا تكرّر طرق أبواب الأجانب من دون أيّ نتيجة، في حين هناك مدرّبين عرب لم ينالوا الثقة المُطلقة مثلما أحاط الاتحاد الأردني الكابتن حمد بالاهتمام والدعم لاعتبارات اللغة والانسجام والكفاءة والعلاقة الوجدانيّة التي تربطُ العربي بالعربي، خِلافاً لسلوك عديد المدرّبين الأجانب الذين لا يهمّهم سوى جني الأموال والاستفادة من مزايا العقود الأخرى، دون أن يراعوا طِباع اللاعبين العرب الذين بحاجة لمن يتفهّم ظروفهم الخاصّة في الملعب وخارجه مهما كانت موجبات اللّحاق بركبِ الدول المتقدّمة في اللعبة والتحوّل إلى ممارستها باحترافيّة عالية.

Image
المدرب عدنان حمد المدير الفني لمنتخب الأردن بكرة القدم ،وأحد قادةالكرة العراقية (Getty)
Live updates
Off
Opinion article
On
Source
Show in tags
Off
Caption
المدرب عدنان حمد المدير الفني لمنتخب الأردن لكرة القدم وأحد قادة الكرة العراقية (Getty)
Show Video
Off