شذرات من القلب... فلمَن ستقرع الأجراس؟

بواسطة Salwa.Alkheir , 12 ديسمبر 2022

90 دقيقة أخرى، وربما 120 أو ركلات ترجيح، فقط مباراة واحدة، إنها المواجهة المغربية  الفرنسية، للمرة الأولى رسمياً في بطولة كبرى عندما يتواجهان الأربعاء، الجميع يضع يديه على قلبه ليس خوفاً فقط إنه مزيج من الخوف والرهبة والفرحة والأمل والحب والعد العكسي لكل ثانية، ترقباً لانطلاق المواجهة الحارقة.

فقد ذابت كل الفوارق وانمحت واتضحت المعالم القوية للأسود وشخصية لاعبيه في مقارعة أي منتخب كيفما كانت قوته، وأولى ملامح هذا اللقاء هي مواجهة نارية بين حكيمي ومبابي، إنه صدام كبير حيث يقترب كلاهما من قمة كأس العالم ويمكن أن يكون تاريخيًا لكلا المنتخبين.

حكيمي في مواجهة مبابي "الإخوة الأعداء"!

مبابي مقابل حكيمي هو العنوان البارز للمواجهة الفرنسية المغربية -هداف البطولة برصيد خمسة أهداف في خمس مباريات ضد أفضل المواهب الدفاعية في البطولة وفي العالم- والمميز في هذا اللقاء هو أنه سيشهد "معركة خاصة" بين الصديقين، على اعتبار أن حكيمي يلعب في مركز الظهير الأيمن فيما يلعب مبابي في مركز الجناح الأيسر، وبالتالي ستكون المواجهة وجهاً لوجه في أرض الملعب.

وفي يناير الماضي، كتب مبابي على حسابه في تويتر: "حكيمي، أفضل ظهير أيمن في العالم"، فكيف ستكون المواجهة بينهما؟.. هل ستسقط ورقة الصداقة لتتحول إلى الندية والصراع بينهما لأن كلاً منهما يدافع عن ألوان بلاده.

كانت بداية صداقة جميلة عندما انضم المغربي إلى باريس سان جيرمان من إنتر ميلان في يوليو 2021، الشابان اللذان ولدا في غضون أسابيع من بعضهما بعضاً في عام 1998 -بعد أشهر من فوز فرنسا بأول لقب لكأس العالم- سرعان ما أصبحا متماسكين.

وتربط مبابي وحكيمي صداقة قوية في باريس سان جيرمان الفرنسي، ولطالما ظهرا معاً في فيديوهات طريفة. وخلال أبريل الماضي، ظهر النجم الفرنسي وهو يستمتع بأجواء شهر رمضان، في منزل صديقه حكيمي، على الطريقة المغربية.

مواجهة مبابي وحكيمي قد تكون تاريخية في مسيرة كل منهما، من يحلم بالوصول الثاني على التوالي لنهائي كأس العالم، وتحقيق أغللى الألقاب في مسيرته، والآخر يأمل في مواصلة مشوار أسود الأطلس بالوصول إلى النهائي والظفر بالكأس، من الضروري ترسيخ مفهوم ثقافة الفوز لدينا -نحن معشر العرب- في كل مناحي الحياة والتشجيع بها، لأن المستحيل ليس عربياً.

 مواجهة تاريخية ونارية لم يكن أي منهما يتوقع حدوثها، وقد لا يرغبا في حدوثها لطموح كل منهما تجاه منتخب بلاده، فمن منهما يقود بلاده إلى النهائي ومن يخسر الرهان؟!.. أنه لقاء الأخوة بالأمس، والخصم يوم الأربعاء، وبعدها تعود المياه إلى مجراها؛ لأن الكرة تجمع ولا تفرق.

ستكون تسعون دقيقة قادرة على تحويل الأحلام العربية والطموحات المغربية إلى إنجاز تاريخي قد يصعب تكراره مستقبلاً، تسعون دقيقة فقط ويصل منتخبنا المغربي العربي لأبعد نقطة استبعدنا تحقيقها، تسعون دقيقة ويكتب أسود الأطلس أسماءهم بحروف من ذهب، ويتحول الحلم العربي في المونديال إلى حقيقة ويزداد الطموح في تحقيق إعجاز كروي لم يحدث من قبل للأمة العربية والقارة الأفريقية.

عِبَرٌ ودروس كثيرة جداً قام بتسطيرها منتخبنا المغربي العربي الأفريقي العالمي يجب أن تقف عندها طويلاً والاستفادة منها قبل مباراة الحسم في المونديال 2022 مع فرنسا، درس في غاية الأهمية عبّر عنه المنتخب المغربي على أرض الواقع بأن الغيابات والإصابات لا يمكن أن تقوم بالدور المؤثر على منتخب يريد أن يحرث الأرض بالطول والعرض بجماعية القلب الواحد، لذا لم نشعر بالتبديل الطارئ للاعب نايف أكرد، وكذلك إصابة عميد الفريق رومان سايس وزياش وغيرهم من اللاعبين الذين تعرضوا لإصابات.

 المنتخب المغربي وإحياء الوحدة العربية

المنتخب المغربي لكرة القدم أحيا شعوراً وطنياً متميزاً لدى الجمهور المغربي، وأعاد إحياء شعور الشعوب العربية والأفريقية من جديد حول قيم الإنسانية العلمية والقارية، وهي قيم نشوة الفرح، والشعور بقيمة التفوق والنصر، حتى ولو كان رمزياً.

بعضهم حاول إفراغ مقولة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج من دلالتها، لكن المنتخب المغربي، أحيا هذه المقولة من جديد على المستوى العربي الشعبي، فكان الجميع يهتف لقد انتصرنا، لأن الانتصارات التاريخية كتبت لنا ولم نعشها، والانتصارات الحديثة أخبرنا بها وما رأيناها.

حقق المغرب عن طريق أسود الأطلس، قمة عربية فوق أرض قطر الشقيقة، لم تحققها القمم العربية، التي لم يسمع عنها أحد ولم يتكلم عنها أحد. فكأس العالم منذ طرحها عام 1930، لم تكن فقط حدثاً كورياً، ولكن كانت تمثل قوة وعزيمة الشعوب أمام العالم، والمغرب الآن، في كأس العالم يصنع تاريخاً عربياً تتوارثه الأجيال العربية من جيل إلى جيل، وبهذا يكون المغرب أنتج نموذجاً جديداً في المشاركة في كأس العالم .

  ذابت الفوارق

كشفت مباريات كأس العالم الحالية بقطر، الفرق الشاسع، الذي كان يفصل بين الكرة الأوروبية واللاتينية من جهة، وباقي أصقاع الكوكب من جهة أخرى، وأصبحت الفروقات ضئيلة جداً، وبالإمكان تجاوزها بالروح والقتالية والرغبة والإصرار.

وقد أظهرت القارتان الأفريقية والآسيوية قدرة كبيرة، وجموحاً عالياً في مقارعة الكبار والتفوّق عليهم، فالمغرب مثلاً وصل حتى الآن لدور النصف؛ لكن بالصراع والاستبسال والشجاعة الاحترافية، أذاب الجليد وكسر مفهوم الهيمنة لدى من يسمون أنفسهم كباراً.

ومما يجعل الفوارق الفنية السابقة تُمحى هو أن المباريات في مجملها شهدت تقارباً في المستويات والسيطرة والقدرة على الوصول لمرمى المنافسين، ولم يستطع منتخب من التأهل بتحقيق العلامة الكاملة، بل وتلاشت السيطرة المطلقة والنتائج الكبيرة سوى في ثلاث مباريات إحداها لا يستشهد بها؛ لأنها بين منتخبين أوروبيين. لذا وجب على صناع القرار في القارتين وضع هذه المشاركة نموذجاً حياً يتم من بعده البناء.

لم تكن نتائج المغرب وليدة الحظ في هذا المونديال، فنحن نتحدث عن تصدرها لمجموعة فيها بلجيكا وكرواتيا، ونحن نتحدث عن منتخب أخرج إسبانيا وألحق بها البرتغال، ونحن نتحدث عن استراتيجية ورؤية رياضية في الجهات المعنية بالرياضة التي وضعت ثقتها في مدرب وطني وجد الفرصة في أحد أنديتها ليثبت أنه الأحق والأجدر لقيادة بلاده في هذا المعترك العالمي .

برقيات مستعجلة

  • مفتــاحُ النجــاح هــو التــركيز على الأهــداف وليــس على العقبات.
  • انتظام صفوف الجماهير العربية للصلاة بوقتها؛ جعلهم يقولون بما معناه: "إنه تنظيم إسلامي عربي رائع؛ حيث يخلعون الأحذية للوقوف أمام الله بصفوف متراصة متلاحمة تدعو لمزيد من التماسك بينهم، ما أروع هذه الصور، إنها وحدة الصف".
  • قالها النجم الكاميروني إيتو إن المغرب سيصل النهاية، فهل تتحقق توقعاته؟

والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.

Image
المنتخب المغربي يتأهب للقاء فرنسا
Opinion article
On
Source
Show in tags
Off
Caption
المنتخب المغربي يواجه نظيره الفرنسي في نصف نهائي مونديال قطر (Getty)
Show Video
Off