ظفرالله المؤذن
أهدى نادي باريس سان جيرمان، فرنسا إنجازا كبيرا لعشاقه وجماهيره في عيد ميلاده الـ50 ببلوغ المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، ويعتبر فوز النادي الباريسي استكمالا لقصة التفوق والنجاح التي كتبها منتخب الديوك في روسيا عام 2018 بإحراز كأس العالم، واستعادت عاصمة النور رغم ظروف وباء فيروس كورونا ذكريات السهرة الجميلة في إحدى الأمسيات من شهر تموز/يوليو 2018، حيث سهر الفرنسيون حتى الصباح احتفالا باللقب العالمي.
بذلك يكون باريس سان جيرمان سابع نادي فرنسي يبلغ نهائي دوري الأبطال في النسختين القديمة والجديدة للمسابقة، بعد نادي رانس العريق في أيام الأسطورة ريمون كوبا (مرتين في 56 و 59) وسانت ايتيان بقيادة الشقيقين ريفيللي في (76) وأولمبيك مرسيليا مرتين (91 و 93 ) وكان مرسيليا النادي الفرنسي الوحيد الذي توج باللقب حتى الآن، ولعب موناكو نهائي 2004 وخسر أمام بورتو البرتغالي ويومها اكتشف العالم مدربا أصبح له شأن في ما بعد وهو البرتغالي جوزيه مورينيو .
نجاح التجربة القطرية
وبالحديث عن تجربة أو مغامرة امتلاك الأندية الفرنسية يمكن القول بأن تجربة نادي العاصمة باريس سان جيرمان هي الأنجح حتى الآن مع صندوق الاستثمار القطري، ففي حزيران/يونيو من عام 2011 انتقلت ملكية النادي الباريسي من "كولوني كابيتال" الأمريكية الى صندوق الاستثمار القطري، وكانت المرحلة الأولى شراء نسبة 70 بالمائة من رأس المال، وبعد عام واحد استحوذ صندوق الاستثمار القطري على بقية الأسهم ليصبح النادي ملكا لقطر بالكامل .
ويترأس النادي الباريسي، القطري ناصر الخليفي، الذي نجح في تعزيز الفريق بلاعبين على مستوى عالٍ، في مختلف الخطوط والمراكز، وأبرز الصفقات تحققت بالتعاقد مع النجم البرازيلي نيمار في صفقة تاريخية بلغت 222 مليون يورو، كما انضم مواطنه المدافع تياغو سيلفا، والإيطالي ماركو فيراتي، والمهاجم الأوروغوياني إدينسون كافاني، والجناح الأرجنتيني أنخيل دي ماريا، والفرنسي كيليان مبابي القادم من نادي موناكو والذي أصبح اليوم أغلى لاعب في العالم وترشحه مواقع "الميركاتو " العالمية للانتقال الى ريال مدريد في صفقة غير مسبوقة.
وعلى صعيد النتائج توهج بريق باريس سان جيرمان وهيمن بشكل مطلق على الكرة الفرنسية محققا كل الالقاب المحلية الممكنة، أمام منافسين مثل نادي ليون ومرسيليا وليل وموناكو وسانت ايتيان، غير أن باريس سان جيرمان لازال يمني نفسه بلقب أوروبي يغيب عن خزائنه حتى اللحظة، وتحول النادي الباريسي من رقم هامشي على الصعيد الأوروبي الى رقم صعب رغم أنه لم يسبق له من قبل وأن تخطى عتبة الدور ربع النهائي في دوري الأبطال.
درس في الإصرار والمثابرة
ظل باريس سان جيرمان يطارد حلم بلوغ النهائي لسنوات طويلة واصطدم بأكثر من خيبة ورسب في ربع نهائي المسابقة أربع مرات على التوالي في أعوام (2013- 2014-2015-2016) وخاض "البي اس جي" أكثر من 230 مباراة في دوري الأبطال، محرزا كما كبيرا من الأهداف، ولم يكن مشواره سهلا في النسخة الحالية حيث تأهل بعملية قيصرية في دور الثمانية أمام أتلانتا بيرغامو الايطالي والذي كان متقدما بهدف لصفر حتى الدقيقة 90، وكانت ريمونتادا تاريخية صنعها الثنائي نيمار ومبابي .
وأخرج المدرب الألماني توماس توخيل وصفته السحرية في نصف النهائي أمام لايبزيغ الذي يعرف خباياه جيدا كما أنه واجه تلميذه المدرب جوليان والذي عمل مساعدا الى جانبه في نادي أوغسبورغ .
ونجح المدرب توخيل في تجاوز محنة الاصابات حيث تعرض كيليان مبابي لاصابة أبعدته لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن يصاب دينامو خط الوسط الإيطالي ماركو فيراتي، وتتواصل لعنة الإصابات بغياب الحارس الأساسي كيلور نافاس عن نصف النهائي، واستطاع توخيل أن يرتب خط الدفاع بعودة البرازيلي تياغو سيلفا والذي انتهى عقده وتمت الاستعانة به لمباريات مسابقة دوري الأبطال .
رباعية فرنسية
ويعتبر موسم باريس سان جيرمان ناجحا بكل المقاييس حتى الآن حتى وإن لم يحقق دوري الأبطال ويكفيه فخرا الوصول للنهائي، ومحليا جمع باريس بين الدوري والكأس وكأس الرابطة ويعتبر بطلا لكأس السوبر على اعتبار أنه فاز بالدوري والكأس .
نيمار الورقة الرابحة
وإذا كان هناك أكبر الفائزين في باريس سان جيرمان فهو بالتأكيد البرازيلي نيمار الذي بدد كل الشائعات التي كانت تحوم حوله وتقول بأنه راحل الى برشلونة، وقدم نيمار موسما كبيرا بإحراز أهداف حاسمة وظهر كلاعب قائد وزعيم وخاصة في المباريات الأخيرة، وبات في حكم المؤكد أن نيمار لن يترك العاصمة الفرنسية .
وببلوغ باريس المباراة النهائية هذه المرة سيضرب موعدا مع التاريخ وسيعمل على أن ينسج على منوال نادي مرسيليا الفائز باللقب في عام 1993 حتى لا يبقى فوز الفرنسيين باللقب مثل بيضة الديك ..
في المقابل فأن القيمة السوقية للنادي الباريسي قفزت في البورصة العالمية، وبات واحدا من أكبر الأندية امتلاكا للنجوم، ويكفي ذكر مثلث الرعب المتكون من نيمار ومبابي وأنخيل دي ماريا ويضاف اليهم النجم الأرجنتيني ماورو ايكاردي.
باريس ستعيش على وقع هذا الانجاز التاريخي المرتقب مساء الأحد على ملعب "دا لوش" بلشبونة، ويسعى فريق العاصمة الفرنسية لنقل أضوائها إلى العاصمة البرتغالية .