أمال بلحاج
لطالما رأى العارفون بشؤون كرة القدم أنَّ الدوريات الخليجية ما هي إلا مقبرة لدفن مواهب اللاعبين المغاربة وإنهاء مسيرتهم الكروية، التي غالباً ما تكون في وقت سابق في أعلى قمم توهُّجها، فيما يترحم الجمهور على أيّ لاعب اختار التوقيع في كشوفات أحد الأندية الخليجية، بحجة أنَّه فضَّل اتباع الأموال التي توفرها هذه الفرق، مقابل التخلِّي عن مشواره الكروي.
ويستمرُّ الجدال حول انتقال اللاعبين المغاربة للممارسة في أحد الدوريات الخليجية، لا لشيء سوى لتحسين وضعيتهم المالية، خصوصاً الشباب الذين يختارون وضع حدٍّ لمسيرتهم القصيرة بحملهم قميص نادٍ من الخليج، على الرغم من أنَّ لديهم الوقت الكافي من أجل تحقيق أهدافهم وتطوير إمكاناتهم، والبحث عن فرصة للاحتراف في أوروبا التي تظلُّ مطمح أيّ لاعب.
وعرفت الفترة الأخيرة موجة جديدة من انتقالات اللاعبين المغاربة في مختلف الدوريات الخليجية، خصوصاً أولئك الذين مارسوا في أوروبا على أعلى مستوى، مفضِّلين حياة الرفاهية التي توفّرها دول "البترول" للاعبين الأجانب، على التوهُّج والتألُّق في سماء أوروبا برفقة أنديتهم، وهو ما زاد من غضب الجماهير، مخافة فقدان نجوميتهم وانطفاء موهبتهم، لاسيما أنَّ لهذه الأسماء قيمة خاصة لدى المغاربة.
ولم تعد الدوريات الخليجية وجهة للاعبين المقبلين على الاعتزال، الذين يختارون إنهاء مسيرتهم الكروية بأحد الأندية الخليجية لضمان مستقبل مادي مريح، بل أصبحت الآن "موضة" للاعبين الشباب، وهو ما يضع ما تبقَّى من مشوارهم الكروي في خانة الخطر، خصوصاً أنه غير معروف إن كان هؤلاء اللاعبون سيتمكَّنون من المقاومة أم ستُكتب لهم نهاية لمسيرتهم قبل انطلاقها.
"أسود" يعيشون التوهُّج في الخليج
في ظلّ الانتقادات الموجَّهة إلى اللاعبين الذين يفضّلون اختيار وجهة الخليج، يعيشُ بعض العناصر المغربية التألُّق والتوهُّج برفقة أنديتهم في دوريات الخليج، ويحصلون على مستويات متميزة، جعلت منهم "نجوماً" بدورياتهم، متفوقين على اللاعبين المحليين والأجانب الممارسين هناك، بل أكثر من ذلك باتوا "مدلَّلي" فرقهم، بالنظر إلى الإضافة التي يقدِّمونها للمجموعة، وقيادتهم نحو تحقيق الفوز في كل مباراة.
ولعل اللاعب المغربي عبد الرزاق حمد الله أفضل مثال لهؤلاء اللاعبين المتفوقين في الخليج؛ إذ له مستويات جيدة برفقة نادي النصر السعودي، جعلت منه واحداً من أفضل اللاعبين في الدوري السعودي، وكذلك واحداً من أكثر العناصر المطلوبة حالياً في الدوريات الأوروبية، بعد تجارب سابقة في النرويج والصين؛ إذ فتحت له تجربته هذه الباب من جديد للعودة إلى أوروبا، لكن بقيمة أعلى.
وحافظ اللاعب المغربي نور الدين أمرابط على مستواه بعد الالتحاق بزميله حمد الله في نادي النصر السعودي؛ إذ حاز هو الآخر على مستويات جيدة جعلت منه محبوب "النصراويين"، الذي لا يتستغنون عن شعارهم "عندي أمرابط وعلاش نخاف". في إشارة منهم إلا أنَّه واحد من الدعامات الأساسية داخل تشكيلة الفريق ولا يمكن الاستغناء عنه، هذا في الوقت الذي شكَّل فيه انتقاله إلى الخليج في وقت سابق صدمة كبيرة للجماهير.
ويخوض اللاعب المغربي كريم الأحمدي تجربة مميزة برفقة نادي اتحاد جدة السعودي؛ وهو من أبرز العناصر داخل التشكيلة، بعدما تمكَّن من وضع خبرته المتراكمة في خدمة الفريق وقيادته نحو تحقيق الفوز، على الرغم من كل الانتقادات التي تلقاها إثر الإعلان عن خبر انتقاله إلى السعودية، وقد يكون هذا موسمه الأخير بقميص الاتحاد قبل العودة إلى مسقط رأسه هولندا.
ويعدُّ اللاعب المغربي المهدي بنعطية من بين العناصر المتألِّقة في الخليج بعد انتقاله إلى نادي الدحيل القطري؛ إذ يلعب دور اللاعب والمدرِّب في نفس الوقت، من خلال توجيهه لاعبي الفريق داخل المستطيل الأخضر، فيما يلقى إشادات كبيرة من الصحافة القطرية، التي تعدُّه اللاعب صاحب الخبرة داخل الدحيل، هذا في الوقت الذي انتقده الجمهور المغربي بعد الانتقال إلى قطر، لتركه أكبر الأندية في أوروبا.
ويقدِّم اللاعبان المغربيان محمد فوزير وجلال الداودي مستويات مهمَّة مع فريق الرائد السعودي بعد انتقالهم إلى السعودية، وترغب الإدارة في استمرارهما بالفريق، وذلك بالنظر إلى أدائهما المميز؛ إذ سجَّل فوزير 6 أهداف والدادي 5 أهداف هذا الموسم.
محترفون "انطفأ" بريقهم
يتَّفق الجميع على أنَّ العديد من اللاعبين المغاربة قد فقدوا برقيهم ونجوميتهم بمَحْضِ الانتقال للاحتراف في الخليج، فقد ذاقت مجموعة من العناصر مرارة الفشل خلال الفترة الأخيرة إبان انتقالها للممارسة في أحد أندية دول "البترول"، ولعل أبرزها اللاعب عبد العزيز برادة، وقبله أسامة السعيدي، اللذان تسبَّبا في وأد موهبتهم الكروية، في وقت كانوا فيه في قمَّة التوهُّج، بالإضافة إلى عزيز بحدوز الذي غادر الباطن السعودي بتجربة فاشلة.
وما زال المغربي المهدي برحمة لاعب نادي قطر، يحاول إثبات ذاته داخل المجموعة، بعد قدومه من فريق الجيش الملكي؛ إذ لم يتمكَّن إلى الآن من تحقيق التوهُّج كباقي الأسماء المذكورة في الأعلى، وصناعة اسم له في الدوري القطري بعدما كان واحداً من أفضل اللاعبين في الدوري المغربي.
وتراجع مستوى اللاعب المغربي مراد باتنا بشكل ملحوظ، بالمقارنة مع المواسم السابقة التي عرفت توهُّجه بشكل كبير في الدوري الإماراتي، وذلك بسبب خلافاته المستمرة مع إدارة نادي الوحدة؛ إذ يعجز اللاعب عن استرجاع مستواه.