خليجي البصرة.. صبر ووفاء بالعهد

بواسطة Salwa.Alkheir , 25 ديسمبر 2022

يُبدي الشارع البصري اهتماماً كبيراً بتزيين مدينتهم الغافية على شط العرب، لقُرب مراسم عرسها الخليجي الكروي في 6 يناير/ كانون الثاني 2023، الذي لم يعد يفصلهم عنه سوى 13 يوماً، بعد طول انتظار منذ عام 2010، في فترة وُعِدَتْ خلالها المدينة بتنظيم بطولة كأس الخليج 5 مرّات، ولم تفلح تلك الاستضافة لأسباب أمنيّة تارة، وعدم الجاهزيّة تارة أخرى.

ولم تصبر البصرة وحدها، بل العراق  بطل الكأس الخليجية 3 مرّات (1979 ببغداد، و1984 بمسقط، و1988 بالرياض) ظلّ يترّقب إعادة استضافتهِ الحدث ثانية بعد 44 سنة، حتى تحقّق الحُلم الجميل الذي يمثّل للعراقيين مناسبة مُبهِجة، لما تُعبّر عنه بطولات الخليج من منافسة ذات نكهة مميّزة، وهي تجمع كبار فرق الخليج، لإظهار القدرة على زعامة المنطقة باستحقاق، ينعكس على مسابقات المنتخبات نفسها المشاركة ضمن الأجندات الدوليّة والقاريّة والعربيّة.

كأس الخليج 25 عرفت ظروفاً صعبة على صعيد تفقُّد البُنية التحتيّة من قبل وفود لجان التقييم التابعة لاتحاد كأس الخليج العربي لكرة القدم، برئاسة الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني، والذي أسهم بشكل فاعل في دعم ملف البصرة بتنظيم النسخة 25، بعد عدّة محاولات من الإخفاق في تسليم منشآت البصرة الرياضيّة والخدميّة المُلحقة بها في مواعيدها المُحدّدة من قبل مُقيّمي الملف "البصراوي"، حتى تأكّد للاتحاد الخليجي أنَّ العراق أوفى بجميع تعهّداتهِ الخاصّة بالتنظيم، وكان آخرها تشطيب أعمال ملعب "الميناء الأولمبي"، المُضيف لمنافسات منتخبات المجموعة الثانية بالبطولة.

تناوبَ على مسؤوليّة إدارة ملفّ خليجي البصرة خمسة وزراء للشباب والرياضة، منذ عام 2009 إلى عام 2023، وهُم جاسم محمد جعفر وعبد الحسين عبطان ود.أحمد رياض وعدنان درجال وأحمد المبرقع، باعتبار أن وزارة جعفر هي أوّل من عرضت تصاميم المدينة الرياضيّة في مؤتمر صحفي على هامش بطولة كأس الخليج الـ19، يوم الثلاثاء 6 يناير/ كانون الثاني 2009، في المركز الإعلامي لفندق "كراون بلازا" بالعاصمة العُمانيّة مسقط، وشارك في المؤتمر المرحوم محمد مصبح الوائِلي، محافظ البصرة سابقاً.

أنفقت الحكومة على مشروع إقامة ملعب البصرة الدولي (جذع النخلة) مُتسعًا لـ65 ألف مشجّع ميزانيّة قُدّرت بأكثر من مليار دولار، وقد تم التنفيذ من الأساس إلى المدرّجات وأرضيّة الملعب، وتأمين الأجهزة اللازمة للملعب، إلى يوم الافتتاح السبت 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، علاوة على تهيئة ثماني عمارات سكنيّة حديثة للفرق المشاركة، مع مستشفى للطب الرياضي، وملعب آخر يتّسع لـ30 ألف متفرّج، وغيرها من الملحقات الخدميّة اللازمة.

وتعثّر إكمال المشروع عدّة مرّات من قِبل الشركة المسؤولة عن إنشائهِ، ما أقلق الاتحاد الخليجي من ناحية عدم إيفاء البصرة بالإنجاز في الموعد، لولا تصاعد همم المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة والاتحاد العراقي لكرة القدم من خلال التسريع بالأعمال المُتلكِّئة، وهو ما تمّ بالفعل وسط تعاون شعبي ورسمي من أجل تشريف العراق بتنظيم واحدة من أجمل نسخ البطولة الخليجيّة، التي يتوق المواطن العراقي عبرها لاستقبال أشقائه من الكويت وقطر والسعودية والإمارات والبحرين وعُمان واليمن، وإحاطتهم بالكرم الأصيل المعروف عنه، والتآخي مع طبائع الناس في جنوب العراق، والتعرّف إلى تاريخ المدينة، ومعاينة ظروفها التي مهما كانت قاسية، نتيجة الحروب والحصار الاقتصادي وتقلّب الأوضاع السياسية والتغيّرات البيئية، فإنها لم تستسلم، وتصدّت لكلّ المآسي، بإيمان راسخ بأن العراقيين بُناة الأرض، جيلاً بعد جيل، مهما اشتدّت المحن.

وإذا ما تابعنا مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ما قبل بداية الدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم قطر 2022، نجد أن أعدادًا كبيرة من حسابات نجوم الرياضة الخليجيّة والإعلامين بدأوا حملات لمؤازرة بطولة البصرة، وأظهروا إعجابهم بمنشآت المدينة المُشيّدة، وفقاً لأبدع التصاميم الهندسيّة، وقد زاد شوقهم للحضور الميداني في الملاعب، ومراكز التسوّق، والحدائق، وتناول (السمك المسكوف) الشهير، والتجوّل بقوارب شط العرب.

التجمّع الخليجي لا يقتصر على كرة القدم والديربيّات التاريخيّة الساخنة، بل هو تجمّع إنساني وحضاري تحتاجه بطولة الخليج في مدينة البصرة، التي تُبصِر لهدفٍ أبعد ألا وهو تقريب الشعوب، وزيادة أواصر المحبّة، وتناسي الخلافات، والتثقيف بمعالم البلد، لشباب خليجي لم يسبق له ولأسره أن زاروا العراق، وربّما في أذهانهم صور سلبيّة عنه، نتاج الإعلام المريض الذي ظلّ على الدوام ينفثُ سموم الحقد.

تبقى دورة الخليج صانعة المُتعة بأقدام شباب خليجي، هُم فرسان حدثها، بروحيّة وحدتهم النبيلة، التي يتسلّحون بها لمقاومة شرور الفتنة.

Image
ملعب البصرة الدولي (Getty)
Opinion article
On
Source
Show in tags
Off
Caption
ملعب البصرة جاهز لاستضافة مباريات خليجي 25 (Getty)
Show Video
Off