نهائي مونديال 2006، برلين تشتعل بالحماس مع تبقي (12) دقيقة على نهاية الوقت الإضافي، النتيجة تشير الى التعادل الإيجابي بهدف لمثله بين فرنسا وإيطاليا، المدافع الإيطالي ماركو ماتيراتزي يلمس ظهر زيدان، الحادثة تبدو أكثر من عادية، بعض الكلمات المتبادلة، ثم يذهب زيدان بعيداً، لكن المفاجأة تمثلت في استدارة زيزو، الذي فكر قليلاً، ثم قرر القيام بأكثر لحظات كأس العالم جنوناً على مر التاريخ.
زيدان سرعان ما قام بتوجيه نطحة بالرأس إلى صدر ماتيراتزي، لا يبدو أن الضربة قوية إلى حد كبير للغاية، لكن المدافع الإيطالي نجح في السقوط أرضاً على طريقة المصارعين المحترفين، والذهول يسيطر على الموقف، وسط تحرك سريع من لاعبي إيطاليا نحو الحكم الذي لم يشاهد ما حدث بالفعل.
استغرق الأمر دقيقتين فقط، حتى حصل حكم الساحة على توصية بسماعة الأذن، عليك القيام بطرد زيدان فوراً، ستندم كثيراً إن لم تشهر البطاقة الحمراء في وجهه، الحكم يقرر اتخاذ القرار الأصعب في مسيرته كاملة، ويطرد زيدان من المواجهة، وسط تصفيق ساخر وغاضب من مدرب المنتخب الفرنسي ريمون دومينيك.
هل تذكرون نطحة زيدان الشهيرة؟؟ إنها الحادثة التي شغلت محبي كرة القدم لسنوات طويلة، لكن بعد مرور (15) عاماً على ما فعله زيدان، هناك ألغاز وخبايا وأسرار تلاحق الحادثة، وتساؤلات ما زالت بحاجة إلى إجابة، فهل أنتم مستعدون للتعرف عليها؟
اللغز الأول
لماذا أقدم زيدان على نطح ماتيراتزي؟ إنه التساؤل الأكثر طرحاً في هذه الحادثة، البعض توقع أن والدة زيزو تعرضت للإهانة على لسان المدافع الإيطالي، حتى أن بعض الصحف الإنجليزية ذهبت بعيداً بالقول أن ماتيراتزي وصف والدة زيدان بالعاهرة الإرهابية، استناداً لما يراه خبراء قراءة الشفاه، لكن ماتيراتزي لاحق هذه الصحف كثيراً، والتي اضطرت في النهاية إلى الاعتذار عن عدم صحة هذه الاتهامات.
ماتيراتزي علق على هذا الأمر بالقول: "ماتت والدتي حينما كان يبلغ عمري (15) عاماً، بالتأكيد لم أكن لأهين زيدان بهذه الطريقة"، لكن التحليلات الأخيرة قالت أن ماتيراتزي وجه اهانات ليست بالحادة إلى شقيقة زيدان، حينما قال زيزو للمدافع الإيطالي: "هل ترغب في الحصول على قميصي، سأمنحك إياه بعد المواجهة"، فرد ماتيراتزي: "بامكانك إعطاء القميص لأختك"، فهل تستحق هذه الكلمات نطحة زيزو الشهيرة؟
ربما حرص الكثيرون على وصف زيدان بالبطل في تلك الليلة، رغم البطاقة الحمراء التي تسببت في خسارة فرنسا نهائي كأس العالم، إلى جانب تصوير ماتيراتزي بالوحش الآدمي، لكن في حال ثبتت هذه الكلمات، حينها ستكون السخافة هي الحقيقة التي ظهر بها زيدان دون أن يتعامل باحترافية مع الموقف.
اللغز الثاني
هناك لغز ثاني في الحادثة، ومفاده من المتسبب في طرد زيدان؟ ما هو مؤكد أن حكم الساحة لم يشاهد بالفعل ما جرى من حادثة بين زيزو وماتيراتزي، ولم يرصد بعينيه حالة النطح الشهيرة، لقد تفاجأ بهجوم اللاعبين الإيطاليين عليه، واشتعال المدرجات بالصراخ.
الرواية الكلاسيكية تقول أن الحكم الرابع لويس ميدينا كانتاليخو هو الذي رصد الحادثة بالفعل، وقام بإبلاغ حكم الساحة بنطحة زيدان الشهيرة، مؤكداً له أن عليه اشهار البطاقة الحمراء سريعاً في وجه زيزو، وفي حال لم يفعل، سيشعر بالندم طوال حياته
.
وجاءت كلمات الحكم الرابع كانتاليخو كما رصدتها الصحف: "هناك لقطة مرعبة، زيدان قام بنطح ماتيراتزي بالصدر بصورة مروعة، عندما تشاهد الفيديو لن تصدقني"، وهنا يذكر كانتاليخو مصطلح " الفيديو "، وسط جدل كبير يدور حول السبب الذي قاده إلى ذكر هذا الأمر.
لكن المفاجأة تقول أن المساعدة بدأت من خلال أحد مسؤولي الفيفا الذي شاهد اللقطة عبر شاشات التلفاز، وأخبر بها الحكم الرابع،الذي لم يشاهدها على أرض الواقع وشاهدها بمقطع فيديو أيضاً، وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإن خرقاً كبيراً للبروتوكول شهده نهائي مونديال 2006، مما يعني أن حالة الطرد لم تتم بطريقة قانونية.
ربما يقول البعض، هذا لا يهم، فقرار طرد زيدان يبدو صحيحاً ولا خلاف عليه، لكن حادثة زيزو وماتيراتزي ربما كانت حجر الأساس للاستعانة بتقنية اعادة الفيديو (VAR)، حيث تمكن الحكم الرابع من رصدها عبر مقطع فيديو، والا لما حصل زيدان على البطاقة الحمراء في تلك الليلة، لأن طاقم التحكم ببساطة لم يراه ينطح ماتيراتزي.
أين الحقيقة؟
ربما كان ماتيراتزي ذكياً بما يكفي للتفوه بكلمات عجز العالم بأكمله عن فهمها، فقط لاعب وحيد تمكن من سماعها وهو اللاعب المراد توجيه الكلمات له بصورة شخصية، إنه زيزو .. الذي انتفض منفجراً بصورة جعلت العالم يواصل التساؤل، ماذا قال ماتيراتزي للتسبب بهذه النطحة الشهيرة.
ما هو مؤكد أن ماتيراتزي لم يقم بالتهجم على دين زيدان أو عرقه، والأقرب للمنطق أن ماتيراتزي حينما عرض عليه زيدان قميصه بعد المواجهة رد بالقول: " أفضل العاهرة شقيقتك"، لكنها كلمات اعتاد نجوم كرة القدم على سماعها من الخصوم والجماهير، فلماذا انفجر زيدان؟
زيدان حاول تبرير موقفه بالقول: " حاولت ألا أستمع لكلمات ماتيراتزي، لكنه رددها عدة مرات، أحياناً تكون الكلمات أصعب من اللكمات، حينما ردد كلماته للمرة الثانية، حصل رد الفعل".
ربما كان بمقدور زيدان تجاهل كلمات ماتيراتزي، أو ربما لم يكن مقدراً لزيدان التواجد في المواجهة منذ البداية إن لم يعلن العودة عن اعتزاله الدولي في العام 2004، لكن مشهد خروج زيزو مطروداً من المواجهة النهائي بعد المرور بجانب كأس العالم، سيبقى أحد أكثر المشاهد المحزنة في تاريخ المونديال وكرة القدم.
يبقى السؤال!! هل فازت إيطاليا بكأس العالم بعد طرد زيدان؟ ربما حُرمت فرنسا من أفضل لاعبيها بالبطاقة الحمراء، كما أنها خسرت أفضل مسدد للركلات الترجيحية، لكن الحقيقة تقول أن إيطاليا لا تخسر النهائيات، بحيث يدرك تماماً نجوم المنتخب الإيطالي الوصول الأمثل لطريق الفوز بالألقاب.
ما هو مؤكد أن سلوك زين الدين زيدان داخل أرضية الملعب لم يكن منضبطاً في كثير من الأحيان، لماذا لا نعود إلى الوراء وتحديداً في مونديال فرنسا 1998، حينما تعمد زيزو الدهس على لاعب المنتخب السعودي فؤاد أنور، ليحصل على بطاقة حمراء مباشرة دون أن يتسبب أحد بإصابته بالجنون.
كيف تعلقون على نطحة زيدان؟ وهل أصاب زيزو بضرب ماتيراتزي أم أخطأ؟