لأكثر من 7000 عام عاش الإنسان سيدًا لنفسه ولقراره، حتى دخلت التقنيات الحديثة لتجعله عبدًا لها حتى ولو أدهشته بغرائبها.
لا يختلف اثنان في هذا العالم (من بين 7 مليارات نسمة أو أكثر) إذا شاهدا الصورة الفوتوغرافية أو الفيديو المسجل للهدف الثاني لمنتخب اليابان في نظيره الإسباني في كأس العالم لكرة القدم أن الكرة تجاوزت خط المرمى بوضوح تام قبل أن يعيدها اللاعب الياباني بقدمه إلى الملعب ليضعها زميله في الشباك.
هدف لم يتردد حكم المباراة الجنوب أفريقي فيكتور غوميز ولا مساعده في إلغائه على الفور لمخالفة خروج الكرة من الملعب بعد عبورها لخط المرمى، ثم تدخلت التقنيات، وبعد لحظات من اللجوء إلى حكم الفيديو الذي اعتمد على تقنية حديثة (عبر صورة افتراضية) تكشف عبور الكرة بكامل حجمها لخطوط الملعب، وجاء القرار "المفاجأة" من الفيديو أن جزءًا صغيرًا أو تافهًا من الكرة لم يعبر الخط ليجبر الحكم على تغيير قراره الأول والإعلان عن احتساب الهدف المشبوه.
الحقيقة المريرة جدًا أن الرضوخ للتقنيات الحديثة في بعض الأمور مثل هدف اليابان أفقدنا الثقة في الحواس الطبيعية، تلك النعمة العظيمة التي منحها الله للإنسان واعتمد عليها في ابتكار وتطوير كل الاختراعات والتقنيات التي تحوَّلت عكسيًا لتصفع مخترعيها وتفقدهم ثقتهم بأنفسهم.
لست ضد اللجوء للتكنولوجيا والعلوم الحديثة والتقنيات، ولكننا يجب أن نحترم عقولنا وأسماعنا وأبصارنا، ما حدث في هدف اليابان الثاني ضد إسبانيا غير صحيح وغير جيد، ولا يخدم كرة القدم على الإطلاق.
اللجوء للتقنيات يجب أن يقتصر فقط على الشبهات التي لا تدركها الأبصار، ولذلك كان من الضروري على حكم الفيديو فور رؤيته للعبة والتأكد من صحة نظره بأن الكرة عبرت خط المرمى ألّا يذهب إلى تقنية الخطوط الافتراضية التي تصنعها الكاميرات المترامية في سماء الملعب.
للأسف هم يدمرون كرة القدم ويفقدون الحكام جدارتهم وصلاحياتهم بتلك التدخلات القبيحة التي يأتي على رأسها احتساب هدف اليابان الثاني، وكذلك عدد من حالات التسلل التي أسفرت عن إلغاء أهداف صحيحة أو احتساب أهداف مشبوهة في كأس العالم 2022.