حظوظ الرباعي الخليجي

بواسطة Salwa.Alkheir , 15 يناير 2023

ودّعت أربعة منتخبات بطولة كأس الخليج 25 الجارية في محافظة البصرة جنوب العراق، بعدما أنهت مشاركتها في دور المجموعتين بما حملت من نقاط وأهداف، كانت المحصّلة العادلة لـ270 دقيقة بحلوها ومرّها.

ولم تخلُ منافسة السعودية  واليمن في المجموعة الأولى، والكويت والإمارات في الثانية، من فائدة، رغم سُخط جماهير المنتخبات الأربعة لإضاعتها فرصة الحصول على بطاقة الدور نصف النهائي، الذي ينطلق غداً الإثنين في ملعبي جذع النخلة والميناء الأولمبي.

فـ"الأزرق" الكويتي، زعيم بطولات الخليج، تعافى بنسبة كبيرة بعد فترة هزَل فني؛ إثر الإيقاف الدولي لأكثر من 3 سنوات نتيجة مشاكل داخليّة، وأظهر رغبة كبيرة في العودة لممارسة قوته الإقليمية فيما لو أهتم اتحاد الكرة بشؤون إعداده، أما منتخب الإمارات، فقد أثار انقسام الشارع بين المطالبة بحلّه أو تغيير مدرّبه، بينما ذهب بعض مقدّمي البرامج المهمّين لمطالبة اتحاد اللعبة بالانسحاب من مهمته بهدوء لغياب الإستراتيجيّة في عمله منذ سنتين!

وفي معسكر منتخب السعوديّة، فالأمر مختلف؛ إذ استقبل قادة الرياضة في البلاد نبأ خروج الفريق من الدور الأوّل برحابة صدر، كواقع حال متوافق مع الهدف الذي وُضِعَ له في البصرة بديلاً للمنتخب المونديالي، وقد قدّم أكثر من لاعب شاب شهادة ميلاده الدوليّة بجدارة، وسيُشار إليهم بالبنان في السنين الخمس القادمة.

ولا عتب أو مسؤولية تترتّب على اهتزاز شباك منتخب اليمن عشر مرّات مع صفر النقاط، فالظروف السياسيّة والاجتماعيّة والصحيّة التي تُهددّ استقرار البلاد أثّرت كثيراً في معنويّات الفريق، بما دعَا أحّد اللاعبين للمُطالبة بدعم المنتخب وتوفير الحدّ الأدنى من الرعاية الماليّة بدلاً من ترك المنتخب عُرضة لحالات استعطاف، بالغَتْ بعض القنوات في تسليط الضوء عليها، بينما أن المنتخب الحاضِر يُكابِر فوق جراح الهزائِم، مُتحمِّلاً مُعاناته احتراماً لتمثيله الوطني.

أما عن حظوظ فرسان المُربّع الذهبي (العراق وقطر والبحرين وعُمان) فيكفي أنهم أثبتوا حرصهم الكبير على كتابة المجد في نسخة البصرة الاستثنائيّة، بتنظيمها ونتائجها وعروضها وجمهورها وإعلامها.

القطريون أدهشوا جميع المُحلّلين بنجاح عمليّة الاستبدال المؤقّت لعناصر المنتخب الأوّل بلاعبين من الدوري بأعمار الأولمبي، وأخذوا على عاتقهم تسيير الكرة القطرية على سكّة أمل تصل إلى محطّات بعيدة في ضوء سلامة المنهج وواقعيّة برنامج المدرب.

ويعي منتخب العراق أن مواجهته للعنابي لن تكون مضمونة النتيجة في ظلّ استفادتهِ من دعم الجمهور وحظوظ الأرض، فأي خطأ يمنح التقدّم للقطريين يعني المزيد من الضغط على أسود الرافدين بين جمهورهم، ومع مرور الوقت -حسب تجارب مُماثلة- يفقدُ اللاعب العراقي تركيزه، ولن يعود للمباراة بالحماس مهما فعل، لهذا يحتاج الأسود إلى مراجعة هادئة لمفاتيح الفوز، وكسب الشوط الأوّل، وتحديد حركة المنافس في منطقته، كونه يمتلك أدوات قادرة على صناعة الفارق في أيّ لحظة!

ولدينا منتخب البحرين، أكثر الفرق استقراراً في البطولة بتماسك تشكيله المُنسجم، وإجادته الانضباط التكتيكي، وتوأمة أفكار مُدرِّبه إلى درجة تنفيذ تعليماته بكل "حرفنة"، ويمضي الأحمر نحو تجديد اللقب إن أسعفتهُ مباراة الغد في تأكيد ذلك.

والمنتخب العُماني، المنافس اللدود، خير من دافع عن ألوان السلطنة، قدَّم أجمل اللمحات الفنيّة باحترافيّة عالية لم تعرف الكلل طوال اللقاءات الثلاثة، وهو الطامح لوضع نجمة ثالثة في تاريخ كأس الخليج بعد زعامته بطولتي 2009 بمسقط و2017 بالكويت، وهو يستحقُّ ذلك، ومعلوم أنه لم يتراجع عن خوض أصعب المواجهات بثقة كبيرة.

تبقى بطولة كأس الخليج العربي تشهد تحوّلات مفاجئة في منح بطاقات التأهل لمن يجتهد، فلا أهميّة للتاريخ اليوم إلا بحفظ مقامات أجيال مثّلت بلدانها بزهوٍ، فالعطاء الكروي أحّد أهم أسرار المنافسة، وهذا فارس بطولات الخليج "منتخب الكويت" المتوَّج 10 مرّات بطلاً ومرّة واحدة وصيفاً و3 مرّات ثالثاً؛ أي لم يُفارق منصّة الإنجاز، غادر مسرح البصرة مع جمهوره الغفير، حيث أدّى دور  "الكومبارس" مفتقداً مقوّمات البطل بعد 53 سنة من رحلته البارزة في كؤوس الخليج الداعمة الرئيسة لبلوغه مونديال إسبانيا عام 1982.

وحتى يحين موعد اختتام نصف نهائي كأس البطولة، لن يتكهّن أي مُحلّل متخصِّص وبارع في الكشف عن هويّة طرفي اللقب، وستظلّ المنافسة محمومة وسط حضور جماهيري غير مسبوق يتوقّع أن يتجاوز 600 ألف مشجّع، وهو رقم قياسي لم تألفه النسخ الـ24 الموثَّقة، ويُعبّر عن إصرار أهل البصرة ليكونوا جزءًا من تاريخ بطولة كأس الخليج بكرم ملء المدرّجات وضيافة الأشقاء بأخلاق الأصلاء.

Image
خليجي 25 (Getty)
Opinion article
On
Source
Show in tags
Off
Caption
دول الخليج المشاركة في بطولة كأس الخليج 25 (Getty)
Show Video
Off