أيام قليلة تفصلنا عن نهاية عام 2020، والذي كان ولا يزال شاهدا على الكثير من التظاهرات الكروية المهمة، مع حالة استثنائية كان لها أبلغ الأثر على رزنامة السنة، في خضم جائحة فيروس كورونا، وما لذلك من تداعيات تكاد لا تتوقف منذ بداية الوباء وحتى يومنا هذا.
وأظهرت اتحادات كرة القدم حول العالم رغبة كبيرة في استئناف نشاط اللعبة الشعبية، مع وضع بروتوكولات صارمة، شأنها أن تعيد عجلة المنافسة للدوران دون التسبب في تفشي الفيروس التاجي، بعد فترة التزم فيها العالم منزله مع إغلاق تام، ساد أرجاء المعمورة.
وبدت عودة دوريات الكرة مشروطة بإرجاء البطولات الدولية الصيفية، وقد شمل ذلك نهائيات كـأس الأمم الأوروبية، كوبا أمريكا ودورة الألعاب الأولمبية "طوكيو 2020"، لتقام في صيف العام التالي، إلى جانب كأس أمم إفريقيا، والتي قرر منظموها تأجيل منافساتها لشتاء العام 2022.
ومع عودة منافسات الكرة في القارات كافة، لم يكن المشهد مألوفا على كثيرين، خاصة مع إقامة المنافسات قاطبة أمام مدرجات خاوية من الجماهير، ومع ذلك استرجع المشجعون قدرا كبيرا من لذتهم الخاصة، وإن اصطدمت أهازيج وصرخات تشجعيهم بجدران المنزل وشاشات التلفاز.
دوري أبطال أوروبا
توقفت منافسات دوري أبطال أوروبا موسم 2019-20 دون أن تُستكمل مباريات ثمن النهائي، وذلك وضع الاتحاد الأوروبي "يويفا" في موضع غريب، مع اتخاذه لقرار يقضي باستكمال البطولة بنظام الدورة المجمعة في مدينة لشبونة البرتغالية، بدءًا من دور الثمانية.
وقرر الاتحاد الأوروبي أن ينتهي أولا من المباريات المتبقية بدور الـ 16، قبل أن ترتحل 8 فرق إلى العاصمة البرتغالية، حيث أقيمت المنافسات حتى النهائي بنظام المباراة الإقصائية الواحدة، مع تأجيل استضافة مدينة إسطنبول التركية للمباراة النهائية لنسخة الموسم التالي.
وظهر فريق بايرن ميونيخ الألماني مستعدا بما يكفي لتجاوز كل منافسيه، ظافرا باللقب القاري للمرة السادسة في تاريخه، مع فوزه على باريس سان جيرمان، بهدف نظيف، في المباراة النهائية، وقبل ذلك دك شباك أولمبيك ليون الفرنسي بثلاثية نظيفة وبرشلونة الإسباني بثمانية أهداف لاثنين.
الدوري الإنجليزي الممتاز
أنهى ليفربول صياما دام 30 عاما عن التتويج بلقب الدوري الإنجليزي، مع حصده لكأس البريميرليغ موسم 2019-20، مع تكريس كتيبة المدرب الألماني يورغن كلوب هيمنة كبيرة على منافسات البطولة المحلية، وتتويجها باللقب قبل نهاية المسابقة بـ 7 أسابيع كاملة.
وأنهى ليفربول منافسات الدوري الممتاز، وفي حصيلته 99 نقطة، بفارق 18 نقطة عن أقرب ملاحقيه، مانشستر سيتي، ويواصل أصدقاء النجم المصري محمد صلاح ريادتهم بالموسم الجديد، مع تصدرهم جدول البطولة المحلية عقب مرور 14 جولة.
الدوري الإسباني
حمل الموسم الرياضي الفارط 2019-20 منافسة حامية بين قطبي كرة القدم الإسبانية، ريال مريد وبرشلونة على لقب الدوري المحلي، لكن الفريق الملكي تمكن من حسم الأمور لصالحه، مستفيدا ربما من قائمة عميقة يملكها المدرب الفرنسي زين الدين زيدان، إلى جانب تخبط فني كبير عاشه منافسه الكتالوني.
وأقال برشلونة مدربه الأسبق إرنستو فالفيردي في يناير/كانون الثاني، وعاش الفريق أياما صعبة تحت قيادة كيكي سيتيين، والذي لم يكن قادرا كفاية على فرض شخصيته أمام نجوم البلوغرانا.
وخسر برشلونة لقب الدوري الإسباني لصالح ريال مدريد، وتجرع خسارة مذلة أمام بايرن ميونيخ في ثمن نهائي دوري الأبطال، مع استقالة لمجلس إدارة النادي بعد دعوات من أعضاء بارزين بالجمعية العمومية لسحب الثقة، ومطالبة الأرجنتيني ليونيل ميسي، قائد فريق الكرة وهدافه التاريخي، بالرحيل عن قلعة "كامب نو".
ويستعد برشلونة لاستقبال العام الجديد 2021 مع إقامة انتخابات رئاسية مبكرة في 24 يناير، وآمال كبيرة للمشجعين في استعادة النادي لأيامه الخوالي، دون تجاهل مراقبة ما يحدث في ريال مدريد، حيث أخفقت خزائن "سنتياغو برنابيو" في توفير الدعم المطلوب بعقد صفقات وانتدابات جديدة، مع استمرار الفريق في اعتماده على شخصية زيدان ونجوم من تشكيلة سطت قبل أشهر معدودة على قارة أوروبا.
الدوري الإيطالي
في إيطاليا، واصل يوفنتوس هيمنته المطلقة. نادي الشمال فاز بلقبه التاسع تواليا، وبدت إدارته مغرورة في قوة الفريق، مع اتخاذها لقرار الانفصال عن المدرب ماوريسيو ساري والتعويل مكانه على أندريا بيرلو، على الرغم من خلو سجل متوسط الميدان المعتزل من أي خبرات تدريبية.
في الموسم الجديد، ظهر يوفنتوس مترنحا، مع عودة ميلان لتقديم نتائج غابت عن أذهان متابعيه لفترات طويلة، إلى جانب إصرار من إنتر ميلان وقادته على العودة لمنصات التتويج، وكل ذلك يزيد من وتيرة المنافسة، وربما يجعلنا على موعد مع موسم استثنائي لجنة كرة القدم.
الدوري الألماني
يُعد الدوري الألماني حامل الشعلة في استعادة دوريات أوروبا لعجلة الدوران، مع اتخاذ المسؤولين في ألمانيا قرار استئناف الموسم الماضي أواسط مايو/أيار، لكن وعلى صعيد المنافسة، لا يزال بايرن قادرا على فرض سيطرته المطقة، وما بين الموسمين الفارط والحالي، يظهر العملاق البافاري متصدرا.
الدوري الفرنسي
قررت الحكومة الفرنسية إنهاء بطولة الموسم الماضي في وقت مبكر، مع منح اللقب لباريس سان جيرمان، وهي خطوة نعتها بعضهم بأنها كانت متسرعة كثيرا؛ بالنظر لعودة الدوريات الكبرى الأخرى.
ويشهد الموسم الجديد لدوري الدرجة الأولى الفرنسي منافسة كبيرة على المراكز الأولى، ويبدو أن فرق كثيرة استفادت من فترة الإعداد الطويلة وانغماس باريس سان جيرمان بمنافسات دوري الأبطال لتقليص فجوة، أسفرت عن تتويج نادي العاصمة الفرنسية باللقب المحلي في المواسم الثلاثة الأخيرة.
الدوري الأوروبي
أعاد إشبيلية الإسباني بريقه القاري، وكعادته في بطولة الدوري الأوروبي، أمن الفريق الأندلسي كأسه السادسة (رقم قياسي)، مع هزيمته لإنتر ميلان الإيطالي، في ختام دورة مجمعة أقيمت بألمانيا، على شاكلة ما حصل بمسابقة دوري الأبطال.
الجوائز الفردية
أعلنت مجلة "فرانس فوتبول" حجب جائزة الكرة الذهبية، والتي تمنح لأفضل لاعب في العالم، مع نهاية كل عام ميلادي، وقد فسرت المنصة الفرنسية ذلك بافتقار الأمر للعدالة والنزاهة المطلوبتين، وسط التداعيات الخاصة بفيروس كورونا المستجد.
لكنه، وعلى النقيض من موقف "فرانس فوتبول"، قرر الاتحاد الدولي إقامة حفل "ذا بيست" السنوي، مع منحه جائزة الأفضل في العام للبولندي روبرت ليفاندوفسكي، كما توج مهاجم بايرن ميونيخ بجائزة أفضل لاعب في أوروبا موسم 2019-20، وفقا لتقييمات الاتحاد الأوروبي للعبة.
حداد طويل
عرف العام 2020 الكثير من لقطات الحداد، مع وفاة الكثيرين متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا، ومن بينهم لورينزو سانز، الرئيس الأسبق لريال مدريد، والذي قاد كتيبة اللوس بلانكوس للظفر بدوري أبطال أوروبا في مناسبتين (1998، 2000)، وتوفي في 21 مارس/آذار.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني، استقبل عالم الكرة خبر وفاة الأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا، عن عمر ناهز حاجز الـ 60 عاما، وهو حدث لاقى أصداء كبيرة؛ لما امتلكه الفتى الذهبي، كما كان يُلقب، من شعبية جارفة وتأثير كبير في تاريخ المستديرة الساحرة.
ولم تنتهِ 2020 إلا بحملها نبأ آخر، مع وفاة الإيطالي باولو روسي، هداف نهائيات كأس العالم "إسبانيا 1982"، في 9 ديسمبر/كانون الأول، دون نسيان خبر رحيل جاك تشارلتون، نجم إنجلترا في مونديال 1966، في 10 يوليو/تموز.