محمد حسين
حينما انقضّت جائحة كورونا على العالم وجمدت الحياة، خال للكثيرين أن العودة لما كان عليه الحال قبل إنتشار فايروس "كوفيد 19" سيكون أصعب بكثير، ولكن ما أن هدأت وتيرة الجائحة وقررت الحكومات العودة التدريجية لمفاصل الحياة العادية، ورغم فرحة جماهير كرة القدم حول العالم بعودة الساحرة المستديرة للدوران، إلا أن الكثيرين كانوا يخشون من تراجع المردود الفني نظرا لطول فترة الراحة الاجبارية للاعبين وضيق الوقت للإعداد المناسب قبيل عودة المنافسات.
ومع العودة المبكرة للدوري الألماني الذي دشّن عجلة المنافسة من جديد، اتجهت الأنظار من كل حدب وصوب نحو أمرين، الأول كيفية التعامل مع الاجراءات الاحترازية والتعليمات الطبية، والثاني وهو الأهم كيف سيبلي اللاعبون فوق أرضية التباري، خصوصا مع غياب الجماهير التي تعتبر المحرك الرئيس لقطار كرة القدم وملح هذه الحياة.
عودة لاهبة
توقفت منافسات البوندسليجا عند تفوق بايرن ميونيخ وتربعه في الصدارة بفارق 4 نقاط عن أقرب ملاحقيه بوروسيا دورتموند و5 نقاط عن صاحب المركز الثالث، وما أن عادت المباريات حتى فاجئ بايرن ميونيخ تحديداً جميع المنافسين المحليين أو من يترقبه استعدادا لعودة دوري أبطال أوروبا.
أداء مثالي مرتفع النسق، انتصارات، أهداف بالجملة وأرقام قياسية وتوسيع للفارق النقطي، هذا ما يمكن أن نعنون به عودة الهيمنة البافارية في المانيا، ولمعرفة ما فعلة "البطل المنتظر" تكشف لنا مجموعة من الإحصائيات (القابلة للزيادة خلال الجولات المتبقية) كيف عاد البافاري بعد طول غياب.
Who else but him?! 🤷♂️@lewy_official has now scored against EVERY single current @Bundesliga_EN club. Bayern lead 3-0 at half-time here.
— beIN SPORTS (@beINSPORTS_EN) May 30, 2020
Live blog 👉https://t.co/NRxJZkPrvL#beINBundesliga #FCBF95 pic.twitter.com/YyGxP1Qen1
قوة هجومية ضاربة
أظهر لاعبو بايرن ميونيخ رغبة جامحة في إظهار القوة الهجومية من حيث الأداء والمتعة وترجمتهما في الوصول للشباك. أربعة مباريات في وقت قصير لم تقف عائقا أمام نجوم البافاري، واصل فيها ضرب شباك المنافسين والانفراد بلقب الهجوم الاقوى في البوندسليجا. لكن ما يثير المراقبين الرقم القياسي المرعب الذي نتج عن هذه المباريات، فقد بلغ عدد الأهداف التي سجلها بايرن 86 هدفا، ليصبح أول فريق في تاريخ البطولة الألمانية الذي يحقق هذا العدد في المباريات الـ29 الأولى. كما اضحى الفريق الأول والحدي حتى الآن في الدوريات الخمس الكبرى الذي يسجل خمسة أهداف في ثمان مباريات في كل المنافسات خلال هذا الموسم.
تألق الهداف ليفاندوفسكي
كعادته واصل الهداف البولندي روبرت ليفاندوفسكي تالقه أمام المرمى، فقد استثمر "الثعلب" بعض الفرص فقط ليحقق أربعة أهداف تعمق بها في صدارة لائحة الهدافين برصيد 29 هدف، كما أضحى هداف أوروبا الأول برصيد 43 هدفا في جميع المسابقات، معادلا أفضل رقم له حين حقق هذا العدد في موسم 2016/17. وبالتأكيد لن يتوقف الهداف البارع، حتى يتمكن من تحطيم رقمه الشخصي البالغ 34 هدفا في الدوري والذي حققه مع بوروسيا دورتموند موسم 2011/12.
Abracadabra ✨
— Bundesliga English (@Bundesliga_EN) May 30, 2020
1️⃣8️⃣ assists and counting for Thomas Müller this season ⚽ pic.twitter.com/pQXiduBZlF
سيد التمريرات الحاسمة
في كأس العالم 2010 تألق اللاعب الشاب توماس مولر وأحرز جائزة أفضل لاعب واعد في تلك النهائيات، إضافة لتسجيله خمسة أهداف، ليظهر عن إمكانيات تهديفية متميزة. ولكن في السنوات القليلة الماضية تحول مولر لمركز الجناح وأخذ أدوار صنع اللعب أكثر من كونه مهاجمٌ ينصب تركيزه على هز الشباك فقط. توماس مولر بات الآن سيد التمريرات الحاسة في فريقه وفي البطولة الألمانية ككل، حيث قام بتمرير 18 كرة حاسمة لزملاءه نتجت عن أهداف.
أصبح الآن أفضل ممر للكرات خلال هذا الموسم، كما عادل بها ما أنجزه السويدي فورسبيرج مع لايبزيج خلال موسم 2016/17، ما يعني أنه بات على بعد تمريرتين ليصبح أكثر من يقوم بالتمريرات الحاسمة في موسم واحد للدوري الألماني. وإذا ما أراد تحطيم رقم البلجيكي دي بروين (21 تمريرة) لأفضل ممر للكرات الحاسمة في أوروبا خلال موسم واحد، فسيحتاج مولر لتمرير 4 كرات أخرى في المباريات الخمس المتبقية.
التفوق على جوارديولا
بعد أن تم تعيينه مدربا مؤقتا بعد إقالة كوفاتش من مهمة المدير الفني، تمكن الألماني المغمور هانز فليك من قلب كل المعادلة، عندما أقنع اللاعبين والإدارة والجماهير بقدراته على قيادة الدفة بكل ثقة، ليتغير الشكل الفني والروح الجماعية للاعبين داخل أرضية الملعب ما نتج عنه هذه الأرقام المتميزة. ولكن نال فليك الاحترام والتقدير نظير أنه بات أول مدرب في تاريخ الدوري الألماني يحقق 22 انتصارا في المباريات الـ25 الأولى، ليتفوق على "الفيلسوف" جوارديولا الذي حقق 21 انتصارا مع بايرن عندما تولى تدريبه.