في فترة ليست بالبعيدة.. وما زال باستطاعة الذاكرة الكروية أن تستعيد شريط الأحداث، عندما فاز منتخب كرواتيا على منتخب الأرجنتين بثلاثية في مونديال روسيا 2018. وذهبت كرواتيا إلى نهائي كأس العالم.. يتكرر نفس المشهد وبنفس التفاصيل وبنفس النجوم والأساطير، وينتقم منتخب الأرجنتين من كرواتيا بثلاثية في مونديال قطر 2022 ويتأهل الى النهائي الحلم!
بين الحدثين الأول والثاني، تغيرت موازين القوى في المنتخبين، وأصبح منتخب الأرجنتين هو صاحب الكلمة العُليا، وتلاعب بمنتخب كرواتيا بانتقامٍ كرويٍّ ناعمٍ قاده ميسي، على مرأى من مودريتش الذي رفع الراية البيضاء بلا حول ولا قوة أمام السحر الكروي الأرجنتيني والطوفان الذي أغرق كرواتيا.
أصبح ميسي الذي يتوشح بالأرقام القياسية أمام فرصة تاريخية لتحقيق حلمه وحلم جماهيره الأرجنتينية ويتربع على عرش الكرة الأرجنتينية والعالمية بعد أن قاد تلاميذه النجباء إلى شرف بلوغ المباراة النهائية وهو النهائي الذي انتظروه لسنوات وسنوات؛ ليصبح اليوم واقعًا ملموسًا.
قدّم ميسي أجمل الألحان الكروية.. وجعل عشاقه وجماهيره يهيمون به حُبًّا .. بل جعلهم يعشقونه حد الثمالة، ولمَ لا؟! وهو قائد حقيقي داخل الملعب، وأستاذ خارج الملعب يصنع مدرسة كروية جبارة لا تَعرِف الاستسلام ولا تعرف المستحيل.. وتقدم نموذجًا للكرة الجميلة والممتعة والراقية المُعزَّزة بالانتصارات الكبيرة.
أمسى ميسي هدّاف الكرة الأرجنتينية في المونديال بلا منازع (11 هدفًا) يتخطى بأهدافه مارادونا الأسطورة وباتيستوتا.. ويسير على خُطى مارادونا نحو تحقيق اللقب الثاني للمنتخب الأرجنتيني.. فإذا كانت الجماهير الإنجليزية والعالمية لا تنسى "يد مارادونا" وهو ميت.. فإنني أجزم بأن الجماهير في الكرة الأرضية لن تنسى "قدم ميسي" الساحرة التي ترسم داخل الملعب لوحةً أجمل من لوحات فان غوخ وليوناردو دافنشي!
لم يعد أمام ميسي "القصير المكير" سوى مباراة واحدة، وهو في نهاية حياته الكروية أن يحقق الحلم الذي طال انتظاره.. والذي عمل عليه بشكلٍ مُتنَاهٍ في التنظيم والترتيب ليقف ميسي وهو يستحق أمام عتبة زعامة الكون الكروية.. فهل سيشهد مونديال قطر ٢٠٢٢ تتويج ميسي ملكًا كرويًا.. تبقى ساعات قليلة على الإجابة النهائية!